نشرت صحيفة "
هآرتس" العبرية تقريرًا انتقدت فيه السلوك الإسرائيلي حيال الناشطة البيئية السويدية غريتا
ثونبرغ، التي اعتقلتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي قبل يومين بعد اعتراض
سفينة "
مادلين" كانت تشارك ضمن "أسطول الحرية" المتجه إلى قطاع
غزة.
وأوضحت الصحيفة أن ثونبرغ ورفاقها في الأسطول لم يكونوا يتوهمون أن تحركهم سيُحدث تغييرًا جوهريًا في المعاناة الإنسانية داخل القطاع المحاصر، بل كانوا يدركون أن ما يقومون به هو فعل رمزي هدفه تسليط الضوء على الكارثة الإنسانية المتواصلة في غزة، وهو ما تحقق بالفعل، وفق الصحيفة.
انتقدت هآرتس ما وصفته بالسطحية والغطرسة الإسرائيلية التي اختزلت تحرك "أسطول الحرية" برمته في شخصية واحدة: غريتا ثونبرغ.
وقالت إن الدعاية الإسرائيلية انشغلت بجنس الناشطة وسنّها، وبأنها مصابة بالتوحد كما أعلنت سابقًا، عوضًا عن التطرق إلى الهدف الأساسي من الرحلة، أو مناقشة شرعية اعتراض الأسطول في المياه الدولية.
الاحتلال يفرض حصارًا "توراتيًا"
وسلطت الصحيفة الضوء على السياق الإنساني الأوسع، مشيرة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يفرض منذ 17 عامًا حصارًا خانقًا على أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، وتمنع دخول معظم البضائع وتقيد حركة الأفراد عبر المعابر.
وأكدت أن ما فُرض على غزة خلال العشرين شهرًا الأخيرة يتجاوز مجرد
الحصار، ليصل إلى ما وصفته بـ"المأساة التوراتية"، في إشارة إلى حجم الكارثة التي خلفتها الحرب، حيث قُتل عشرات الآلاف وأصيب مئات الآلاف، فضلًا عن تهجير مئات الآلاف من منازلهم، وتحولهم إلى لاجئين داخل القطاع المدمّر والمحروم من الدواء والغذاء.
اظهار أخبار متعلقة
وبحسب هآرتس، فإن ما يسميه الاحتلال الإسرائيلي "مساعدات إنسانية" لا يتعدى في المتوسط مئات الآلاف من وجبات الطعام التي توزع بشكل غير فعال.
وتنتقد الصحيفة مشاهد الطوابير الطويلة التي يواجه فيها المدنيون خطر الموت برصاص الجنود الإسرائيليين، واصفة الوضع بأنه أسوأ من أكثر شرطة مرور وحشية في العالم.
وسخرت الصحيفة من محاولات الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، آفي دفرين، "صرف الأنظار" عبر تصريحات نمطية بأن "التحقيقات جارية"، فيما الواقع يعكس، بحسب تعبيرها، تعمّدًا للتضليل والتهرب من المحاسبة.
وتوقفت الصحيفة عند ما وصفته بـ"المهزلة الإعلامية" التي شاركت فيها جهات رسمية إسرائيلية. فقد نشرت بلدية الاحتلال في القدس صورة لثونبرغ وهي تتلقى كعكًا مقدسيًا من جندي، في وقت كانت فيه الحرائق تقترب من أكبر مستشفيات المدينة – قبل أن يُحذف المنشور لاحقًا.
وفي مثال آخر على الانحدار الإعلامي، نقلت الصحيفة تعليقًا لأحد الحسابات الإسرائيلية الشهيرة على إنستغرام قال فيه: "لا أصدق أننا أوقفنا غريتا ثونبرغ. هذه أطرف نكتة سمعتها في حياتي". وأضاف متهكمًا: "غريتا، اتركي الشرق الأوسط. أنتِ فتاة سويدية بمظهر نادلة في مقهى هيبستري في تل أبيب".
خارجية الاحتلال: استخفاف فاضح
وركزت الصحيفة نقدها على وزارة الخارجية الإسرائيلية، التي أصرت على التقليل من شأن الرحلة، ووصفت الأسطول بـ"يخت السيلفي"، محاولة تقديم القضية باعتبارها مجرد استعراض للكاميرات، في استخفاف صارخ بعقول الرأي العام العالمي، بحسب ما ورد في التقرير.
اظهار أخبار متعلقة
واختتمت هآرتس تقريرها بالتشديد على أن غريتا ثونبرغ، التي يُنظر إليها عالميًا باعتبارها ناشطة بيئية مخلصة ألهمت ملايين الشباب حول العالم، خاطرت بسلامتها وسافرت آلاف الكيلومترات في ظروف صعبة من أجل توصيل رسالة بسيطة وواضحة: "افتحوا الحصار عن غزة، أدخلوا المساعدات الإنسانية، أوقفوا الحرب، وأوقفوا قتل الأبرياء".
وأضافت الصحيفة: "في الوقت الذي ينهمك فيه نظراؤها الإسرائيليون بالموت وأغاني الحرب، كانت ثونبرغ تسعى لحياة، وتُذكر العالم بأن ما يحدث في غزة ليس مأساة طبيعية، بل جريمة مستمرة".
وختمت بالقول: "غريتا أنجزت هدفها، أما إسرائيل، فقد بدت مرة أخر أكثر غباءً من أي وقت مضى".