أسست مدينة دورا في موقع بلدة أوداريم
الكنعانية العربية على جبل العابد جنوب غربي مدينة الخليل بالضفة الغربية وعلى
مسافة 11 كم عنها، وهي متصلة عمرانيا بمدينة الخليل منذ نهاية التسعينيات من القرن
الماضي عبر قرية سنجر.
كانت تبلغ مساحة دورا وقراها 24 ألف دونما،
احتلت العصابات الصهيونية في حرب عام 1948 نحو 9 ألف دونما من أراضيها، أما باقي أراضي المدينة وقراها فقد بقيت تحت
الإدارة الأردنية إلى أن تم احتلالها في حرب عام 1967، وتوسعت البلدة خلال تلك
السنوات حتى باتت مدينة يتبع لها سلسلة قرى (مهجرة وحالية)، وعلى الرغم من ذلك فهي
لا تزال مدينة تتبع إداريا لمحافظة الخليل وتقع إداريا ضمن السلطة
الفلسطينية حسب
اتفاق "أوسلو".
تتوسط مدينة دورا العديد من القرى والبلدات،
ويحدها من الشرق مدينة الخليل وسنجر، أما من الجنوب الشرقي يطا ومخيم الفوار، ومن
الغرب بيت عوا وديرسامت والسيمياء والخط الأخضر والجدار العازل، ومن الشمال كريسة
وتفوح، أما من الشمال الغربي بلدة إذنا وبلدة ترقوميا، ومن الجنوب بلدة الظاهرية
وبلدة السموع.
شارع حنينة بمدينة دورا.
يتبع لأراضي مدينة دورا مجموعة من الخرب
الأثرية، وبعضها كان قرى صغيرة أو مزارع مأهولة حتى عام 1948، ومنها خرب أثرية
باقية حتى يومنا هذا ولكنها جميعها تقع على أراض تتبع تاريخيا لمدينة دورا. كم
يتبع مدينة دورا نحو 28 قرية.
قدر عدد سكان مدينة دورا عام 1922 بنحو 5834
نسمة. ارتفع في عام1931 إلى 7255 نسمة. ارتفع بمرور الوقت ليسجل عام 1945 حوالي
9700 نسمة. في عام 1961 انخفض عددهم إلى 3852 نسمة. عاد عدد سكان دورا للارتفاع
بمرور الوقت ووصل عام 1987 إلى 13400 نسمة. وفي عام 2007 بلغ 22155 نسمة. وفي عام
2017 سجل عدد سكان مدينة دورا وحدها بدون قراها 38995 نسمة، وفي أخر إحصاء عام 2023 سجل عدد سكان مدينة دورا 45487 نسمة. وهو عدد سكان
المدينة وحدها دون قراها.
اختلفت الروايات حسب تسمية دورا بهذا الاسم،
فالاسم الكنعاني القديم لها مأخوذ من كلمة "دور" وهو يعني المسكن فسمّيت
" ادورايم"، بمعنى التلين أو المرتفعين، أما في العهد الروماني فأطلق
عليها اسم أدورا، نظرا لشهرتها بكثرة كروم العنب الدوري التي يزرع فيها.
يوجد في مدينة دورا العديد من المواقع
الأثرية والسياحية والدينية، إضافة إلى طبيعتها الخلابة والمطلة والمشرفة على
المناطق المحيطة بها حيث يوجد فيها: مقام النبي نوح، ومقام أبو عرقوب، ومقام الشيخ
حسن، ومقام متى، ومقام العابد المجاهد أبو جياش، والبير الغربي والشرقي، وفي
المدينة موقع أثري يحتوي على بقايا برج مبني بحجارة مزمولة، وأرض مرصوفة
بالفسيفساء، وقطع معمارية، وصهريج، إضافة إلى قصر المرق الكنعاني.
وتشتهر دورا بالزراعة خاصة في منطقة واد أبو
القمرة ومنطقة الفوار، وتزرع أيضا فيها الأشجار المعمرة مثل الزيتون واللوز، كما
تنتشر فيها كروم العنب والتين، وبالنسبة للتجارة فقد أصبحت دورا مركزا تجاريا ضخما
للقرى والبلدات المجاورة، وتشتهر لدى سكانها تربية المواشي والأبقار والتجارة بها.
وتتوجه نسبة كبيرة من العمال إلى العمل داخل
الخط الأخضر بسبب البطالة المنتشرة وقلة الوظائف ومع ذلك يعاني العاملون في فلسطين
المحتلة عام 1948 من اضطهاد وعنصرية تصل في بعض الأوقات إلى عنف جسدي .
وتعود بدايات استيطان مدينة دورا إلى عهد
الكنعانيين القدماء الذين سكنوا وأقاموا فيها قبل حوالي خمسة آلاف سنة، وقد دلت
الحفريات التي تم إجراؤها على ذلك، حيث عثر على لوحات تدل على الديانة والثقافة
الكنعانية، وفي عهد الفرس احتلت دورا عام 332ق.م، وفي العهد الروماني وبعد أن قسمت
البلاد إلى مقاطعات أصبحت دورا مقاطعة لمنطقة أدوميا.
وفي الفترة العثمانية تدل الوثائق على أن
دورا ثارت في وجه إبراهيم باشا الذي تمرد على السلطان الشرعي بتحريض وتمويل من
فرنسا.
كغيرها من المدن الفلسطينية خضعت للانتداب
البريطاني وعانت الكثير منه وبسبب مقاومتها الشرسة للانتداب قام الجيش البريطاني
عام 1923، بإجلاء جميع سكانها المتواجدون في الخرب إلى دورا المدنية التي ضاقت بهم
بسبب صغر المساحة مع زيادة عدد السكان وفرض الانتداب البريطاني عليها حصارا لمدة
ستة أشهر إضافة إلى الغرامات المالية الباهظة.
الجامع العمري من الداخل أحد أقدم المعالم التاريخية في دورا.
طوقت مدينة دورا بالعديد من المستوطنات التي
صادرت المئات من الدونمات من أراضيها، و قطعت أوصالها، وباتت حجر عثرة أمام
امتدادها السكاني والحضاري.
وكانت أول المستوطنات على أراضي مدينة دورا
مستوطنة "نيجوهوت" والتي تغير اسمها إلى "يهودا" وأنشئت عام
1982، تبعها بعد ذلك بناء مستوطنة "أدورا" عام 1983 وقد بنيت على أراض
تابعة لمدينة دورا وقرية ترقوميا، كما صودرت تلة طاروسة واستخدمت كقاعدة عسكرية،
ورغم أنها تركت وغادرها الجيش، إلا أن الأرض بقيت منطقة عسكرية تحت سيطرة الاحتلال.
كما أقيمت مستوطنة "عتنائيل" عام
1983 على أراضي قرية كرمة من أراضي دورا، وكذلك مستوطنة "بيت حاجاي" على
جزء من أراضي دورا، إضافة إلى مستوطنة "شيغيف" التي أقيمت على أراضي بيت
عوا.
لعبت مدينة دورا هاما في النضال والمقاومة
ضد المحتلين عبر التاريخ، فقدمت الشهيد تلو الشهيد، وكانت دورا ولا زالت حاضنة
للمقاومة، وقد وثقت أدبيات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن بداية انطلاقتها عام
1987 كانت من دورا حيث أرخ الدكتور عدنان
مسودي عضو الهيئة التأسيسية للحركة في مذكراته التي حملت عنوان "نحو
المواجهة"، أن أول اجتماع لتأسيس "حماس" كان في منزل المرحوم
المهندس حسن القيق في مدينة دورا وقرروا تأسيس حركة مقاومة.
ولا تزال دورا تعاني بشكل يومي من اقتحامات
الاحتلال واعتقال شبان البلدة، والتنكيل بالأهالي وعمليات المداهمات والقتل وتدمير
البيوت والطرقات شأن باقي مدن وبلدات وقرى الضفة الغربية والتي تصاعدت بشكل كبير
بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في
السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
المصادر والمراجع:
ـ "نبذة عن مدينة دورا"، الموقع الرسمي
الإلكتروني لبلدية دورا .
ـ "التجمعات السكانية في محافظة الخليل حسب نوع
التجمع"، الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، رام االله.
ـ مصطفى الدباغ، بلادنا فلسطين، الجزء الخامس، القسم
الثاني ص 195 وص 196،1991
ـ موسوعة القرى الفلسطينية.
ـ محمد شراب، معجم بلدان فلسطين، دار
المأمون للتراث، 1987.