تقارير

حطين.. قرية الحنطة في فلسطين حارب على أرضها صلاح الدين الأيوبي

قدرت مساحة أراضي حطين بنحو 22764 دونما، وكانت أبنية ومنازل القرية تشغل منها ما مساحته 70 دونما من مجمل تلك المساحة.
قدرت مساحة أراضي حطين بنحو 22764 دونما، وكانت أبنية ومنازل القرية تشغل منها ما مساحته 70 دونما من مجمل تلك المساحة.
قرية حطين من القرى المُهجَّرَة وذات موقع استراتيجي حيث تقع غرب بحيرة طبرية على السفح الشمالي لجبل حطين، وتبعد عن مدينة طبرية حوالي 9 كم، ومن هناك يمكن السيطرة على سهل حطين الذي يتصل بسهل طبريا وسهل جنوسار من الشرق، وسهل الحمة من الجنوب، وسهل طرعان ومرج الذهب، وسهل البطوف من الغرب، كل هذه تربط معها بممرات جبلية سهلت المواصلات وجعلت حطين مركزا لها.

كانت قرية حطين تتوسط القرى والبلدات التالية: خربة الوعرة السوداء شمالا، قرية وادي الحمام من الشمال الشرقي، قرية المجدل شرقا، مدينة طبرية جنوبا إلى الجنوب الشرقي، قرية نمرين من جهتي الغرب والجنوب الغربي، قرية عيلبون من الشمال الغربي.

قدرت مساحة أراضي حطين بنحو 22764 دونما، وكانت أبنية ومنازل القرية تشغل منها ما مساحته 70 دونما من مجمل تلك المساحة.

فيما قدر عدد سكان حطين عام 1922 بنحو 889 نسمة. ارتفع عددهم في إحصائيات عام 1931 إلى 931 نسمة كانوا جمعهم من العرب وكان لهم حتى تاريخه 190 منزلا. في عام 1945 بلغ عدد سكان حطين 1190 نسمة. وفي عام 1948 وصل عددهم إلى 1380 نسمة ولهم 281 منزلا .

تعددت الآراء حول سبب تسميتها، ولكن الأرجح أنها بنيت فوق موقع "كفار حطيم" الكنعانية، ويعني "كفر الحنطة" كناية عن كثرة زراعة الحنطة فيها ومع مرور الوقت تحول الاسم باللغة العربية إلى حطين.

كما شهدت أراضي القرية معركة حطين، التي انتصر فيها القائد صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين.


                                                          مسجد قرية حطين المهجرة.

تعتبر حطين موقعا أثريا هاما حمل طابع الفترات الزمنية التي مرت عليه، وهي قرية كنعانية عثر على بقايا أبنيتها وأدواتها في الخرب المجاورة للقرية إلى جانب الكهوف والمغر التي وجدت في محيط القرية منها: مغارة السعدية، مغارة الست سكينة، مغر وادي الحمام.

كما كان للقرية خصوصية دينية لدى أهالي المنطقة عموما، إذ كان بها عدة مقامات: كمقام النبي شعيب، مقام الست زهراء، ومقام العجمي. أما في العهد الإسلامي فقد بني مسجد حطين المعروف بالجامع العمري، وقيل أن الخليفة عمر بن الخطاب أمر ببنائه بعد الفتح الإسلامي لفلسطين، وبعد معركة حطين عام 1187 أمر صلاح الدين الأيوبي بإعادة ترميمه وتوسيعه. كما كان في القرية أربع خانات بنيت في العهد العثماني، إذ كانت القرية حينها محطة للتجار والقوافل التجارية المتجهة من سورية إلى مصر وبالعكس.

وأزهرت صناعة زيت الزيتون في حطين حيث كان في القرية أربع معاصر تقليدية وخامسة آلية لزيت الزيتون، كانت تستخدم سابقا خانات لخدمة القوافل التجارية المارة بالقرية.

يتصل سهل حطين بسهل طبرية في موقع استراتيجي امتاز بخصوبة تربته وكثرة الينابيع وعيون المياه، الأمر الذي ساعد على تطور وازدهار النشاط الزراعي وتربية قطعان الماشية، كما عمل أهالي القرية في بعض الأعمال التجارية وبعض الصناعات والحرف اليدوية، وازدهرت في حطين صناعة مشتقات الحليب، صناعة المحاريث الرزايعة، صناعات النسيج والقش والكلس.

احتلت القرية في حرب عام 1948 بعد أن صمدت في وجه المضايقات الصهيونية التي استمرت عدة أشهر بعد سقوط مدينة طبرية، وقبيل سقوط مدينة الناصرة بعدة أيام أطبقت العصابات الصهيونية حصارا على قرية حطين من ثلاث جهات وأبقوا على جهة واحدة لتكون المنفذ الوحيد أمام أهالي القرية للهرب، بعد قصف عنيف تعرضت له القرية لثلاث أيام متواصلة، في تلك الأثناء سقطت مدينة الناصرة بيد الصهاينة في سياق عملية "ديغل".

وتلقت على إثرها قوات جيش الإنقاذ العربية المتحصنة في القرية أمرا بالانسحاب السري من أماكن تحصنها. وعندما علم أهالي القرية بالأمر عقدوا اجتماعا قرروا فيه أن يستمر أهالي القرية بالدفاع عنها حتى آخر لحظة في حين يتم خروج النساء والأطفال والشيوخ من القرية ولو بشكل مؤقت خوفا من وقوع مذبحة مفاجئة خصوصا وأن الناس كانت لا تزال تحت تأثير ما جرى في دير ياسين، وسقطت القرية بعد أيام قليلة، واحتلها الصهاينة في  تموز/ يوليو عام 1948.


                                                         مئذنة قرية حطين

تسربت بعض أراضي القرية لقائم مقام مدينة طبرية وهو رجل لبناني، الذي قام ببيع هذه الأراضي لشركة أملاك يهودية بنت عليها مستعمرة "ميتسباه" عام 1908، ثم مستعمرة "كفار حطيم" بجوارها عام 1936، وفي عام 1949 بنت مستعمرتي "أربيل" و "أحوزات نفتالي"، وعام 1950 مستعمرة "كفار زيتيم".

أما موقع القرية اليوم  فهو مهجور وتغطيه أشجار الكينا، والصبار والتوت بعد أن دمرت العصابات الصهيونية منازل القرية ومعالمها العربية التي لم ينجو منها سوى المسجد العمري ومقام النبي شعيب.

انقسم أبناء القرية بعد احتلال قريتهم لفريقين فمنهم من لجأ لقرى الداخل المحتل مثل: سخنين، كفر كنا، عليبون، دير حنا، عرابة، أم الفحم، وشفاعمرو ويقيمون فيها حتى اليوم. والفريق الآخر وصل إلى مخيمات الشتات في سورية ولبنان.

المصادر:

ـ فادي سلايمة ومجدي السعدي ، "قرية حطين ريحانة صلاح الدين"، دار صفحات للدراسات والنشر، دمشق، 2011.
ـ مصطفى الدباغ، بلادنا فلسطين، الجزء السادس- القسم الثاني"، دار الهدى، ط1991.
ـ شكري عراف، "المواقع الجغرافية في فلسطين الأسماء العربية والتسميات العبرية"،  مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 2004.
ـ أنيس صايغ، "بلدانية فلسطين المحتلة 1948-1967"، بيروت، منظمة التحرير الفلسطينية.
ـ وليد الخالدي، "كي لا ننسى قرى فلسطين التي دمرتها إسرائيل عام 1948 وأسماء شهدائها"، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1997.
التعليقات (0)

خبر عاجل