يقبع آلاف الأسرى
الفلسطينيين في
سجون
الاحتلال الإسرائيلي في ظروف تعتبر الأشد صعوبة منذُ نشأة الكيان الصهيوني، يعانون
من قسوة لا توصف في زوايا السجون الإسرائيلية، حيث الظلام أشد كثافة من أي مكان
آخر، فآلاف الأسرى الفلسطينيين الذين اختطفتهم آلة الاحتلال من بيوتهم، من
أحلامهم، وحتى من طفولتهم، هم ليسوا مجرد معتقلين بل أرواح تُحاصَر بين الجدران،
وأجساد أنهكها القيد والتعذيب، وعقول ترفض الاستسلام رغم الألم. هذه السجون لم تعد
مجرد مراكز احتجاز، بل تحوّلت إلى مقابر للأحياء، حيث يموت الأمل ببطء، ويواجه
الأسرى الفلسطينيون أسوأ أنواع الانتهاكات في ظل صمت عالمي مخزٍ منذ حرب الإبادة
على قطاع غزة. لكن في الوقت ذاته حوّل المعتقلون الفلسطينيون معاناتهم إلى قوة من
الصبر كسلاح يقاومون به الظلم والاستبداد، هؤلاء الأسرى والمعتقلون ليسوا مجرد
أرقام أو أسماء مدرجة في قوائم الاعتقال، بل هم رموز للصمود والإرادة، يعكسون
حقيقة النضال الفلسطيني الذي لا ينكسر رغم كل المحاولات لطمسه.
الاعتقال.. وسيلة الاحتلال لإخماد
المقاومة
منذ احتلال فلسطين عام 1948م، اعتمدت
إسرائيل سياسة الاعتقالات الجماعية كأداة لقمع المقاومة وكسر إرادة الشعب
الفلسطيني، فالسجون الإسرائيلية التي ما زالت تضم أكثر من 15000 أسير فلسطيني،
بينهم أطفال ونساء وكبار سن، يعانون من ظروف قاسية تتعارض مع كل المواثيق والأعراف
الدولية، إلا أنها لم تستهدف المقاومين أو النشطاء فحسب، بل امتدت لتشمل
الأكاديميين، والصحفيين، وحتى الأطفال، في محاولة لزرع الخوف في المجتمع الفلسطيني
ورغم ذلك، فإن هذه السياسة لم تحقق أهدافها، بل زادت من عزيمة الفلسطينيين على
مواجهة الاحتلال بكل الوسائل الممكنة، وأصبح الأسرى أنفسهم مدرسة للنضال والتحدي.
العذاب خلف القضبان: معاناة بلا حدود
هذه الممارسات ليست مجرد تجاوزات فردية، بل سياسة ممنهجة تهدف إلى كسر إرادة الأسرى وجعلهم يستسلمون، وهذا ما كان في السنوات الأخيرة عندما استلم اليميني الصهيوني بن غفير مصلحة السجون، فانتهج نهجا أكثر قساوة على معتقلين عُزّل
تتنوع أشكال القهر التي تمارسها إسرائيل
بحق الأسرى الفلسطينيين، بدءا من التعذيب الجسدي والنفسي، مرورا بالعزل الانفرادي
والذي يعتبر أحد أقسى أساليب العقاب التي يستخدمها الاحتلال ضد الأسرى، حيث يتم
وضعهم في زنزانة ضيقة بلا نوافذ، محرومين من أي تواصل مع العالم الخارجي. يقول أحد
الأسرى المحررين: "العزل ليس فقط سجنا للجسد، بل هو سجن للعقل والروح، حيث
يواجه الأسير صراعا نفسيا قد يدفعه إلى الجنون"، وصولا إلى الإهمال الطبي
المتعمد.
هذه الممارسات ليست مجرد تجاوزات فردية،
بل سياسة ممنهجة تهدف إلى كسر إرادة الأسرى وجعلهم يستسلمون، وهذا ما كان في السنوات
الأخيرة عندما استلم اليميني الصهيوني بن غفير مصلحة السجون، فانتهج نهجا أكثر
قساوة على معتقلين عُزّل لا يملكون من أنفسهم إلا الصبر في مواجهة هذه النازية في التعذيب
والتحقيق القاسي خاصة خلال التحقيق، واستخدام أساليب تعذيب وحشية تشمل الضرب
المبرح، والحرمان من الأكل والاكتفاء بوجبة لا تكفي إلا لأطفال، كما الحرمان من
النوم، والشبح لساعات طويلة، عدا عن العزل الانفرادي والذي يُستخدم كوسيلة للعقاب
النفسي، حيث يُحتجز الأسير في زنزانة صغيرة بلا تواصل مع العالم الخارجي لمدة تصل إلى
سنوات، ومن جانب آخر الإهمال الطبي وهي سياسة إعدام بطيئة حيثُ يُترك الأسرى
المرضى في السجون دون علاج، حتى تتفاقم أمراضهم وتصبح مميتة.
ومن الجرائم التي لا زالت ترتكب خلف قضبان
السجون؛ التعذيب كونه سياسة ممنهجة لكسر إرادة الأسرى الفلسطينيين وإخضاعهم لأساليب
تعذيب وحشية خلال التحقيق وبعده، تشمل الضرب المبرح حتى فقدان الوعي، والشبح
لساعات طويلة بربط الأيدي والأقدام في أوضاع مؤلمة كما الحرمان من النوم، والتعرض
لأصوات صاخبة وضوء شديد وتهديد الأسير باعتقال أفراد عائلته أو هدم منزله.
أرقام مأساوية.. معاناة لم تنته
يقبع في سجون الاحتلال الإسرائيلي عشرات
الآلاف من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، بينهم نساء وأطفال وشيوخ، إضافة إلى
أسرى مرضى يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة دون أي رعاية طبية حقيقية. ما زال 160 طفلا
أسيرا محرومين من أبسط حقوق الطفولة و32 أسيرة فلسطينية يعانين من ظروف اعتقال
قاسية، وأكثر من 700 أسير مريض بعضهم مصاب بأمراض خطيرة مثل السرطان وأمراض القلب،
كما أن عشرات الأسرى مضى على اعتقالهم أكثر من 20 عاما، في ظل أحكام جائرة تصل إلى
المؤبد عشرات المرات. هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل قصص معاناة وألم،
وحكايات صمود أمام آلة القمع الإسرائيلية التي لا تعرف الرحمة.
فدوما يكون مواجهة القمع الإسرائيلي من
الأسرى الفلسطينيين باللجوء إلى الإضراب عن الطعام كسلاح فعّال يلفت انتباه الأحرار
ويضغط على الاحتلال لتحسين ظروفهم، عُرفت هذه الإضرابات باسم "معركة الأمعاء
الخاوية"، حيث يمتنع الأسرى عن تناول الطعام لأسابيع وأحيانا لشهور، مطالبين
بحقوقهم الأساسية. ومن أبرز الإضرابات الجماعية التي خاضها الأسرى، إضراب عام
2017، الذي شارك فيه أكثر من 1500 أسير للمطالبة بتحسين ظروف الاعتقال، ورغم القمع
الوحشي الذي واجهوه، تمكنوا من تحقيق بعض المكاسب بعد صمود أسطوري.
الأسرى الأطفال.. براءة في القيد
لا يتوقف الاحتلال عن استهداف الأطفال
الفلسطينيين، إذ يُعتقل سنويا المئات من الأطفال بتهم واهية مثل رشق الحجارة أو
حتى التعبير عن آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي، يُحرم هؤلاء الأطفال من حقهم
في التعليم والحياة الطبيعية، ويتعرضون لمعاملة قاسية داخل السجون، في انتهاك صارخ
لحقوق الطفل.
الصبر والصمود.. رسالة الأسرى للعالم
سجون الاحتلال قد تكون مقابر للأحياء، لكنها لم تقتل الإرادة، والأسرى الفلسطينيون ليسوا مجرد ضحايا للاحتلال، بل هم مقاتلون يحملون قضية وطنهم في قلوبهم، ويدفعون ثمن الحرية بأجسادهم وأرواحهم ورغم القيد والسجان، فإنهم يعلمون أن الحرية قادمة لا محالة، لأن إرادة الشعوب لا تُهزم، ولأن الاحتلال مهما طال، فإن مصيره إلى زوال،
رغم كل ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون
فإنهم لا يفقدون الأمل بمقاومتهم للتحرر من الاعتقال، بل يحولون السجن إلى مدرسة
للنضال، حيث يواصلون تعليم أنفسهم، يدرسون، يكتبون، ويتبادلون المعرفة، مما يجعلهم
أكثر قوة وإصرارا على النضال بعد خروجهم. والكثير من الأسرى المحررين أصبحوا قادة
في المجتمع الفلسطيني، يواصلون دورهم في مقاومة الاحتلال، ويؤكدون أن الاعتقال ليس
نهاية المطاف، بل محطة في طريق الحرية.
الواجب الأخلاقي والدولي تجاه الأسرى
ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون في السجون
الإسرائيلية تجاوز الانتهاك الصارخ لكل القوانين والمواثيق الدولية، خاصة اتفاقية
جنيف الرابعة التي تحمي حقوق الأسرى ورغم ذلك، فإن المجتمع الدولي لا يزال متواطئا
بالصمت، مما شجع الاحتلال على التمادي في جرائمه ليس فقط على المعتقلين الفلسطينيين،
بل حتى على المؤسسات الحقوقية والإنسانية لمنعها من تكثيف جهودها لفضح ممارسات
الاحتلال والضغط عليه للتخفيف من الأوضاع المأساوية للأسرى، خاصة المرضى وكبار
السن والأطفال. كما أن دور الإعلام لا يقل أهمية في نقل معاناة الأسرى وتسليط
الضوء على قضيتهم عالميا.
ختاما.. الحرية قادمة لا محالة
سجون الاحتلال قد تكون مقابر للأحياء،
لكنها لم تقتل الإرادة، والأسرى الفلسطينيون ليسوا
مجرد ضحايا للاحتلال، بل هم مقاتلون يحملون قضية وطنهم في قلوبهم، ويدفعون ثمن
الحرية بأجسادهم وأرواحهم ورغم القيد والسجان، فإنهم يعلمون أن الحرية قادمة لا
محالة، لأن إرادة الشعوب لا تُهزم، ولأن الاحتلال مهما طال، فإن مصيره إلى زوال، إنها
معركة صبر وصمود، حيث يصبح الصبر سلاحا، ويصبح الأسير رمزا، ويصبح النضال طريقا
إلى الحرية. والأسرى الفلسطينيون يعلمون أن القيد لا يدوم، وأن الشمس ستشرق يوما
لتحمل لهم الحرية، "مهما طال الظلام، فإن الفجر آتٍ لا محالة، ومهما طال القيد،
فإن الحرية قريبة".