حقوق وحريات

من هي الناشطة الأمريكية التركية عائشة نور؟ قتلها قناص إسرائيلي

قتلت عاشة نور برصاص قناص إسرائيلي في نابلس- إكس
قتلت عاشة نور برصاص قناص إسرائيلي في نابلس- إكس
استشهدت الناشطة الأمريكية التركية عائشة نور أزغي إيغي الجمعة، برصاص قناص من جيش الاحتلال الإسرائيلي في محافظة نابلس، خلال مشاركتها في مراقبة مظاهرة مناهِضة للاستيطان في بلدة بيتا جنوب المدينة.

ووقعت الحادثة خلال احتجاجات شعبية ضد إقامة بؤرة استيطانية إسرائيلية غير قانونية على جبل صَبيح قرب البلدة، وهي مظاهرات أسبوعية مستمرة منذ سنوات، كثيرًا ما واجهتها قوات الاحتلال بالرصاص الحي والغاز المسيل للدموع، ما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى من أهالي البلدة والمتضامنين معهم.

النشأة والدراسة
وُلدت الناشطة الراحلة، البالغة من العمر 26 عاما، في ولاية أنطاليا جنوب تركيا، قبل أن تغادر مع ذويها إلى الولايات المتحدة، حيث نشأت في مدينة سياتل بولاية واشنطن.

وحصلت عائشة نور على شهادة البكالوريوس في علم النفس ولغات الشرق الأوسط من جامعة واشنطن في مدينة سياتل، حيث اهتمت خلال دراستها بقضايا العدالة الاجتماعية، وحقوق المجتمعات المهمشة، والقضايا المرتبطة بفلسطين والشرق الأوسط.

مسيرتها المهنية والتطوعية
وفي معرض تقديمها معلومات عن نفسها بحسابها على موقع "لينكد إن"، تحدثت عائشة نور عن تجاربها وما تهدف إلى القيام به مستقبلا: "لدي أساس قوي في التوجيه والعلاج السلوكي والتسويق، مع التزام عميق بخدمة المجتمع".

وتابعت: "تشمل خبراتي المهنية المتنوعة توجيه الطلاب نحو النجاح الأكاديمي، وتطبيق تقنيات ABA (تحليل السلوك التطبيقي) لدعم الأطفال المصابين بالتوحد، وإنشاء استراتيجيات تسويقية فعالة في قطاع الخدمات".

وزادت: "سمح لي عملي التطوعي بإحداث تأثير محلي ودولي، بدءا بتنسيق فعاليات، ووصولاً إلى تقديم الدعم لإعادة التأهيل في المجتمعات التي تعاني نقص الموارد. أتحرك بشغف لإحداث تأثير إيجابي، وأبحث باستمرار عن فرص للتعلم والتطور والمساهمة في المشاريع الهادفة".

عملت عائشة نور في بعض شركات الأغذية، بالإضافة إلى مكتب محاماة، وشاركت في برامج دعم طلاب المدارس والجامعات، قبل أن تنخرط بشكل أكبر في النشاط الحقوقي والتطوعي المرتبط بفلسطين وقضايا العدالة العالمية.

انخراطها في حركة التضامن الدولية
تطوعت عائشة نور في حركة التضامن الدولية "ISM"، وهي حركة فلسطينية-دولية غير ربحية، تدعم الفلسطينيين بطرق سلمية ومدنية ضد احتلال إسرائيل لأراضيهم، من خلال مرافقة المزارعين، وتوثيق الانتهاكات، والمشاركة في المظاهرات الشعبية ضد الاستيطان والجدار.

وفي 3 أيلول/ سبتمبر الجاري، ذهبت عائشة نور إلى الضفة الغربية للمشاركة بوصفها مراقِبة خلال المظاهرات في بلدة بيتا بمدينة نابلس، لمناهضة احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، ولا سيما إقامة البؤرة الاستيطانية على جبل صَبيح.

لحظة استهدافها برصاص القناص
وأعلنت حركة التضامن الدولية أن عائشة نور حضرت مراقِبة لمظاهرة نُظّمت في بلدة بيتا في مدينة نابلس الجمعة، وتم استهدافها عمدا من قبل قناص إسرائيلي كان يقف على سطح مبنى قريب، ما أدى إلى إصابتها برصاصة في الرأس ومقتلها.

وقال شهود عيان إن عائشة نور كانت بعيدة عن منطقة رشق الحجارة والمواجهة المباشرة، وتقف في موقع مراقبة، حين أطلق القناص النار باتجاهها من أعلى أحد المباني المطلة على مكان التجمع، مؤكدين أنها لم تكن تشكل أي تهديد للقوات الإسرائيلية أو للمستوطنين.

وعلى إثر إصابتها، تم نقلها إلى أحد المستشفيات الفلسطينية في نابلس، لكنها فارقت الحياة رغم كل محاولات الأطباء لإنقاذها، لتضاف إلى قائمة المتضامنين الأجانب الذين قُتلوا خلال مشاركتهم في فعاليات داعمة للفلسطينيين في الأراضي المحتلة.

شهادات من رفاقها وأساتذتها
وقالت إحدى متطوعات حركة التضامن الدولية، فضّلت عدم الكشف عن هويتها، عن صديقتها عائشة نور: "لا أعرف كيف أقول هذا. ليس هناك طريق سهل. أتمنى أن أقول شيئا ذا معنى، لكني لا أستطيع وأنا أجهش بالبكاء".

وأضافت: "صديقتي ورفيقتي وشريكة رحلتي في فلسطين قُتلت للتو على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي برصاصة في الرأس، رحمة الله عليها، وهي الآن من الشهداء الكثيرين في هذا النضال".

وفي حسابها على "فيسبوك"، وصفت المحاضِرة في جامعة واشنطن، لبنى الزرو، عائشة نور بالقول: "هذه المرأة (في الصورة) هي عائشة نور أزغي، المعروفة أيضا باسم عائشة. استيقظت هذا الصباح على خبر مقتلها على يد جنود إسرائيليين أثناء تضامنها مع المزارعين الفلسطينيين في بيتا بنابلس".

وأضافت: "التقيت عائشة مرة واحدة فقط. كان ذلك أثناء دعوتي لأبناء عمومتي وأصدقائي إلى حفل شواء لأشكرهم على مساعدتي في الانتقال من رينتون إلى بلفيو".

وتابعت: "كانت عائشة قد تخرجت للتو من قسم علم النفس بجامعة واشنطن، وكانت تتقدّم لنيل درجة الماجستير في الأنثروبولوجيا في كاليفورنيا وأماكن أخرى".

وأردفت: "كانت عائشة واحدة من ألطف النفوس التي عرفتها على الإطلاق. لقد صنعت كعكة براوني وأحضرتها معها لنا، لمدة أسبوع أخذنا تلك الكعكة في كل مكان وشاركناها مع أصدقائنا وعائلتنا".

وأكملت: "حدثتني عن المخيم (الذي أقيم للاحتجاجات الداعمة لفلسطين) وصعوبات التفاوض مع إدارة جامعة واشنطن في هذا الشأن، وفي المساء طلبت سجادة صلاة ثم صلّت في زاوية بيتي".

واسترسلت: "أخبرتني عن خططها لفصل الصيف. كانت متحمسة للغاية لزيارة عائلتها الكبيرة وأصدقائها في تركيا، وأنها ستزور فلسطين أيضاً. ووعدتني بزيارة عائلتي والالتقاء بجدتي ووالديّ في الخليل. وبعد تبادل أرقام هواتفنا، وقبل مغادرتها، تواعدنا بأن نلتقي لتناول القهوة عندما تعود".

وختمت الزرو: "التقيت عائشة مرة واحدة فقط، وشعرت بصدمة تفوق الكلمات لمقتلها، أقدم التعازي لعائلتها وأصدقائها وأتمنى أن ترقد بسلام".

تشييعها وتفاعل تركيا والولايات المتحدة
بعد استشهادها، نُقل جثمان عائشة نور من الضفة الغربية إلى تركيا، حيث استُقبل في مطار إسطنبول بمراسم رسمية وشعبية، قبل أن يُنقل إلى مسقط رأسها في منطقة ديديم بولاية أيدن غربي البلاد، ليُوارى الثرى هناك وسط حضور كبير من المسؤولين الأتراك وأفراد عائلتها وأصدقائها والمتضامنين معها.

وشارك في مراسم التشييع مسؤولون بارزون، بينهم نائب الرئيس التركي ووزير الخارجية ورئيس البرلمان، الذين أكدوا أن دم عائشة نور لن يذهب هدرا، وأن أنقرة ستتابع القضية في المحافل الدولية، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية.

وفي الولايات المتحدة، عبّرت وزارة الخارجية عن "الانزعاج العميق" من مقتل مواطنة أمريكية في الضفة الغربية، وطالبت بفتح تحقيق شامل في ملابسات استهدافها، فيما نظمت عائلتها وأصدقاؤها وقفات وتأبين في سياتل ومدن أخرى، مطالبين الإدارة الأمريكية بمحاسبة المسؤولين عن قتلها ووقف الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة بحق المدنيين والمتضامنين في فلسطين.

وبين مسيرتها الأكاديمية والإنسانية، وتطوعها في حركة التضامن الدولية، ووقوفها إلى جانب المزارعين والمتظاهرين الفلسطينيين في بيتا، تحوّلت قصة عائشة نور أزغي إيغي إلى رمز جديد للتضامن العابر للحدود مع الشعب الفلسطيني، وإلى شاهد إضافي على كلفة هذا التضامن في مواجهة الاحتلال وسياساته القمعية.
التعليقات (0)