التغيير كالمجهول يخشاه كثير من الناس لأن معظم تجاربهم مع التغيير سلبية أو لأنه قد استقر في روعهم أن التغيير يعني استبعادهم هم من المعادلة، وهذا بالنسبة لهم خسارة وأي خسارة.
يحاول البعض حين تحاصرهم بأسئلة واقعية لا تحتاج إلى لف ولا دوران حول فشله في أداء مهمته أن يأخذك إلى منطقة أخرى من الحوار، منطقة أشبه بحافة الجبل وهو يلح عليك بالقول وبالأسئلة ألا ترى حجم المؤامرة؟ ألا تدرك أننا محاصرون؟
حدثني عن فريضة غابت مثلما غابت فريضة الجهاد في سبيل الله بكل أشكالها وألوانها ودرجاتها، بدءا من جهاد النفس حتى قتال العدو، مرورا بالرباط ولو ساعة في سبيل الله. حدثني عن أمة كان أعداؤها يعملون لها ألف حساب وحساب قبل أن يفكروا مجرد تفكير في إغضابها ولو مجرد غضب عابر، وهي اليوم أمة رضخت وركعت لكل من رف
قبل يومين تقريبا من سقوط الطائرة المصرية المنكوبة التي تحطمت في الجو، مضيفة حزنا جديدا إلى أحزاننا نحن المصريين، ظهر في قاعة المحكمة اثنان من كوادر الإخوان وقياداتها الشباب.
أما عكاشة الذي أعنيه، فليس توفيق عكاشة مهرج النظام ومضحك العوام ومروج الأراجيف وناشر التضليل والتزييف، بطل قناة الفراعين، رفيق درب السيسي في رحلة الانقلاب كما عبر عن نفسه ذات يوم قائلا: "ثورة يونيو كانت بحاجة إلى القوة ممثلة في السيسي، وإلى عقل ممثلا في العبد لله".
قديما قالوا "اللي يعيش يشوف أكثر"، والحقيقة أن المثل لم يعد مطابقا حرفيا لزمن كهذا الذي نعيش فيه، وفي رأيي أنه يجب تحويره ليصبح " اللي يعيش يشوف أحقر"..
"الألم" هي كلمة السر في كل ما يجري وما سوف يجري اليوم وغدا وحتى تنتصر إرادة الشعب، فلا انتصار بدون ألم ولا إنجاز بدون ألم، ولا حياة بدون ألم، ومن وحي هذا الألم دائما ما استحضر قول الله تعالى " إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون".
صدقوني لو قلت لكم إن الأمر يتخطى مسألة ملكية الجزيرتين بكثير، وهذا لا يعني التفريط فيهما أو القبول بواقع خلقته قوى إقليمية وعالمية، بعد أن دخلت مصر في تيه الانقلاب وما تلاه..
فجأة وبدون سابق إنذار تحول مشهد تنازل العسكر وببساطة شديدة عن جزر مصرية ارتبطت في الذاكرة المصرية بحروبنا مع العدو الصهيوني، إلى مشهد يتبارى فيه ساسة العسكر وإعلاميوه في التبرؤ من الجزيرتين في بلاهة سياسية قل أن تجد لها نظيرا..
توقفنا في المقال السابق عند صفات ومواصفات القيادة التي بمقدورها أن تأخذ بيد الأمة للخروج من حالة التيه الراهنة والممتدة منذ عقود -ويبدو لي للأسف وأعتذر عن تشاؤمي- لسنوات إن لم نقل لعقود. د.
لا يخفى على المراقب الحصيف ملاحظة وجود تحالف غير مكتوب بين كل من تياري التغريب والخلجنة على مدار العقود الخمس أو الست الماضية، بدا ذلك واضحا في محاولة إبعاد الدين بالكلية عن المسرح السياسي أو تقليص فرص تواجده وتأثيره.
نعود لنكمل حوارنا حول كيفية الخروج من حالة التيه، وقلت في نهاية مقالي السابق إن أهم شروط الخروج من حالة التيه التي تعيشها الأمة إن أرادت الخروج- الذي يبدو لي أن أوانه وللأسف لم يحن بعد- هو استعادة العقل.