تستعد محكمة الجنح في مدينة نانتير بضواحي باريس، الخميس، للنظر في واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل خلال الأشهر الأخيرة، بعد اتهام مربية جزائرية بتسميم عائلة
يهودية كانت تعمل لديها، في واقعة ما زالت تفاصيلها محاطة بالتكهنات ولم يصدر بشأنها أي تأكيد رسمي نهائي حتى الآن.
المربية، وتدعى ليلى (42 عاما)، التحقت بالعمل لدى العائلة في كانون الثاني/ يناير 2024، وكانت مقيمة في المنزل وتشرف على ثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين سنتين وسبع سنوات.
لكنها تقف أمام القضاء الفرنسي بتهمة "الإضرار عمدا" بالعائلة عبر مواد ضارة، وسط شبهة أن يكون الاستهداف مرتبطا بـ"العرق أو الإثنية أو القومية أو الديانة"، بحسب ما نقلته صحيفة لو باريزيان.
وفق التحقيقات، بدأت الشكوك حين وصلت صاحبة العمل إلى مركز الشرطة في حالة صدمة، بعدما تذوقت النبيذ الذي قالت إنه كان يحمل "طعم منتج تنظيف".
وفي الليلة نفسها، أشارت إلى أن مزيل مكياجها تسبب لها بحرقة قوية في العينين، كما لاحظت لاحقا رائحة كلور ورغوة "مريبة" في زجاجة نبيذ داخل المنزل بعد مغادرة المربية.
كما تحدثت العائلة عن طبق معكرونة بالويسكي كان "يحمل طعم العطر" في الليلة السابقة، ما عزز الشكوك بأن هناك مواد غير طبيعية أضيفت إلى الطعام.
مواد سامة وتحاليل مخبرية
تحولت الأنظار سريعا إلى ليلى، بصفتها الشخص الوحيد الذي يمتلك حق الدخول إلى المنزل إلى جانب العائلة. وأكدت الفحوص المخبرية وجود كميات مهمة من مواد كيميائية بينها البولي إيثيلين غلايكول في النبيذ وبعض المشروبات وحتى في المعكرونة، وهي مواد وصفت بأنها "ضارة وقادرة على التسبب بإصابات خطيرة في الجهاز الهضمي"، بحسب قرار الإحالة الذي نقلته الصحيفة الفرنسية.
في 5 شباط/ فبراير، أنكرت المربية التهم الموجهة إليها بالكامل. لكن بعد تفتيش منزلها، تغيّر الموقف، إذ أقرت بأنها أضافت مواد رغوية إلى بعض الأطعمة والمشروبات، مبررة فعلتها بقولها: "لأن لديهم المال والسلطة. ما كان يجب أن أعمل لدى يهودية، فهي لم تجلب لي سوى المشاكل."
وجاء في قرار الإحالة أن ليلى أدلت بتصريحات اعتبرت "معادية للسامية"، فيما لا يزال الجدل قائمًا حول ما إذا كانت دوافعها متصلة بالهوية الدينية للعائلة أو بخلافات شخصية.
وقالت ليلى إنها "سكبت لوشنا يحتوي على مواد رغوية" في الطعام بهدف "معاقبة العائلة" و"تحذيرها"، مؤكدة أنها كانت تدرك أن المواد قد تسبب لهم الألم "لكن ليس لدرجة أن تقتلهم".
الدفاع: "مشكلة طبقية"
من جهتها، قالت محامية المتهمة إن تصريحات موكلتها تعكس "استياء ماليا ومشكلة طبقية" لا علاقة لها بمعاداة السامية، مؤكدة أن المواد لم توضع سوى في مشروبات الوالدين وليس في مشروبات الأطفال، وهو ما قد يشكل – برأيها – عنصرا جوهريا في مسار المرافعات.
وقالت العائلة إن الأطفال ذكروا أن المربية كانت "تسألهم باستمرار عن الدين"، بينما نفت ليلى ذلك بشكل قاطع، مؤكدة أنها لم تتطرق يوما لموضوعات دينية مع الأطفال.
غياب إصابات طويلة الأمد
وبحسب الصحيفة، لم تسجّل أي إصابات طبية طويلة الأمد لدى أفراد العائلة. فيما وضعت المتهمة تحت الرقابة القضائية بانتظار جلسات المحاكمة واستكمال تقييم الأدلة.
وتبقى القضية – التي تتقاطع فيها عناصر دينية وإنسانية وقانونية، إلى جانب توترات اجتماعية وطبقية – مفتوحة على احتمالات متعددة، ما يجعل جلسة محكمة نانتير المرتقبة محط أنظار الإعلام الفرنسي في الأيام المقبلة.