في تطور سياسي أثار توترا مفاجئا بين أنقرة وأربيل، طلبت
تركيا من حكومة إقليم كردستان العراق تقديم تفسير رسمي بعد زيارة الزعيم الكردي البارز مسعود
بارزاني إلى منطقة حدودية تركية ذات أغلبية كردية، محاطا بحراس مدججين بالسلاح يرتدون زيا موحدا، وهو ما اعتبرته أنقرة "إهانة للدولة التركية" وتشكيكا في قدرتها على فرض سيادتها.
وكان بارزاني، الذي شغل رئاسة حكومة إقليم كردستان بين عامي 2005 و2017 ولا يزال الشخصية الأكثر نفوذا في الإقليم، قد وصل مطلع الأسبوع إلى منطقة الجزيرة في ولاية شرناق جنوب شرق تركيا لحضور ندوة مخصصة لأحد الشعراء
الأكراد، بحضور مسؤولين أتراك بينهم نائب وزير الداخلية.
غير أن مقطع فيديو وثق مرافقة حراس بارزاني المسلحين له خلال الزيارة أثار غضب مؤسسة الحكم في أنقرة. وقالت السلطات التركية إن المشاهد تمثل مساسا بهيبة الدولة وتطرح تساؤلات حول الإجراءات الأمنية التي سمحت بوجود قوة مسلحة بزي غير تركي داخل الأراضي التركية.
الهجوم السياسي الأبرز جاء من دولت
بهجلي، زعيم حزب الحركة القومية المتحالف مع الرئيس رجب طيب
أردوغان، الذي اتهم بارزاني بتحويل الزيارة إلى "استعراض"، مضيفا: "إنه لعار كبير أن يتجول جنود بزي أجنبي على أرض بلادنا ببنادق بعيدة المدى."
ورد مكتب بارزاني بلهجة حادة، واصفا تصريحات بهجلي بأنها "نتاج عقلية احتقار"، ومؤكدا أن جميع الإجراءات الأمنية تمت وفق البروتوكولات الموقعة بين المسؤولين الأتراك والعراقيين. وقال المكتب في بيان شديد اللهجة: "كنا نظن أن الله قد هدى دولت بهجلي وتخلى عن العنصرية والاحتقار، لكن يبدو أنه لا يزال هو نفسه الذئب الرمادي القديم، إلا أنه الآن يرتدي ثياب الخراف."
وجاءت هذه الإشارة في سياق التذكير بأن شعار حزب الحركة القومية هو الذئب الرمادي، وأن بهجلي لعب دورا محوريا في عملية السلام سابقا مع حزب العمال الكردستاني، الذي يخوض تمردا مسلحا ضد تركيا منذ أربعة عقود.
وترى أنقرة أن إنهاء نشاط حزب العمال الكردستاني في المنطقة، بما في ذلك داخل أراضي إقليم كردستان العراق حيث يتمركز مقاتلو الحزب، يشكل خطوة أساسية لتحقيق الاستقرار الأمني على حدودها الجنوبية. لكن السجال الأخير يهدد بتعطيل الجهود الجارية لتحسين العلاقات بين أنقرة وأربيل.
وفي سياق ردود الفعل الرسمية، أعلنت وزارة الداخلية التركية فتح تحقيق حول صور الحراسة المسلحة التي ظهرت خلال زيارة بارزاني. بينما اعتبرت وزارة الخارجية التركية بيان مكتب بارزاني "غير مقبول" و"استفزازيا" و"يفتقر إلى الاحترام"، مؤكدة أنها طالبت الحكومة في أربيل بتقديم تفسير واضح واتخاذ إجراءات بحق المتورطين.
أما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فهاجم بشدة البيان الصادر عن مكتب بارزاني، واصفا إياه بأنه "وقح" وغير مقبول، ومعبرا عن أمله في أن يتم "تصحيح هذا الخطأ الجسيم".
التوتر الحالي، وإن كان نابعا من حادث بروتوكولي ظاهريا، إلا أنه يعكس حساسية العلاقة بين أنقرة وقيادة الإقليم، خصوصا في ظل الملفات الأمنية المعقدة وعلى رأسها ملف حزب العمال الكردستاني.