يواجه زعيم حزب
العمال البريطاني، ورئيس
الوزراء كير ستارمر، موجة غضب داخل حزبه بعد تراجع حكومته عن تعهّدٍ أساسي في
برنامج الانتخابات يتعلق بمنح العمال حماية من الفصل التعسفي من اليوم الأول
للعمل، في خطوة وصفتها شخصيات بارزة في الحزب بأنها "خيانة كاملة" وخرقٌ
صريح لالتزامات الحزب أمام الناخبين.
وكانت
الحكومة قد أعلنت التراجع عن خطتها
لإلغاء فترة التأهيل البالغة 24 شهراً قبل أن يتمكن الموظف من تقديم شكوى فصل
تعسفي، والاكتفاء بخفضها إلى ستة أشهر بدلاً من منح هذا الحق منذ اليوم الأول،
وذلك في إطار محاولة تمرير مشروع قانون
حقوق العمال داخل البرلمان بعد تعثّره
نتيجة خلافات بين مجلس العموم ومجلس اللوردات.
واعتبر معارضون داخل الحزب أن التراجع جاء
نتيجة ضغوط من مجلس اللوردات الذي أبدى تحفظات على الإجراءات الواسعة التي تضمنها
المشروع، بما فيها الحظر المقترح على عقود “العمل الصفري” التي تُتهم باستغلال
العمال، إضافة إلى الخلاف حول منح حقوق فورية في الحماية من الفصل.
نواب غاضبون.. "خطوة خاطئة"
و"تراجع غير مبرر"
النائب العمالي عن ميدلزبره، آندي
ماكدونالد، وصف الخطوة بأنها "خيانة كاملة"، مؤكداً أنه سيعمل على إسقاط
هذا التعديل. وقال: "لا يمكننا دعم هذا الحلّ الوسط.. هذا قرار خاطئ تماماً،
وسأسعى لإلغائه".
أما النائب نيل دانكان ـ جوردان فهاجم
الحكومة قائلاً إن التراجع تم بدون أي نقاش داخل الكتلة البرلمانية للحزب، مضيفاً:
"اللوردات ليس لهم أولوية على وعودنا الانتخابية.. فلماذا استسلمت الحكومة؟”.
من جهتها، اعتبرت النائبة رايتشل ماسكل أن
أرباب العمل “لا ينبغي أن يخشوا حقوق اليوم الأول”، مؤكدة أن غياب هذه الحقوق
سيترك العمال تحت رحمة أصحاب عمل "لا يريدون احترام تلك الحماية الأساسية".
وقال الوزير السابق لشؤون التوظيف، جاستن
ماددرز ـ الذي أُقيل من منصبه في تعديل حكومي سابق ـ إن التراجع "بالتأكيد
خرق للبيان الانتخابي".
وعود واضحة وحماية من اليوم الأول
وكان برنامج حزب العمال قد نصّ بصراحة على
إدخال "حقوق أساسية من اليوم الأول"، بما في ذلك: حماية من الفصل التعسفي، إجازات
الوالدين، إجازات المرض، منع عقود الصفر الاستغلالية، إنهاء ممارسات الفصل
والإعادة".
وأكد المانيفستو أن كل هذه التغييرات ستتم
بعد "مشاورات كاملة" مع النقابات والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
الحكومة تدافع.. التراجع ضمانٌ لعدم تعطيل
الإصلاحات
ونقلت صحيفة "الغارديان" في تقرير
لها اليوم الجمعة رد وزيرة التعليم بريجيت فيليبسون على هذه التعديلات، التي قالت:
إن الحكومة اضطرت إلى تعديل خططها حتى لا يتأخر تنفيذ مشروع قانون حقوق العمال إلى
ما بعد أبريل 2026، وهو موعد دخول إجراءات أخرى حيّز التنفيذ.
وأضافت في تصريح لقناة "سكاي نيوز":
"الخطر كان في أن بقية الحقوق المهمة لن تُطبق في موعدها.. لذلك كان لا بد من
إيجاد تسوية". وأكدت أن خفض المدة إلى ستة أشهر "اختيار واقعي" بعد
مشاورات مع اتحاد نقابات العمال والبزنس.
وعند سؤالها عن ما إذا كان ذلك يمثل خرقاً
لوعود الحزب، أجابت فيليبسون بأن البيان الانتخابي كان واضحاً في مسارين: ضمان
الحقوق الجديدة، وإجراء مشاورات واسعة قبل إقرار التشريعات، مشيرة إلى أن الحكومة
تحاول تحقيق التوازن بين الجانبين.
وقد يعمّق هذا التراجع التوتر داخل حزب
العمال، الذي وصل إلى السلطة ببرنامج وُصف بأنه الأكثر تقدّمياً في حقوق العمال
منذ عقود، فيما يخشى معارضو ستارمر أن يؤدي هذا النهج إلى إضعاف الثقة بقدرة الحزب
على تنفيذ وعوده الاجتماعية والاقتصادية.