صحافة دولية

حظر "بالستاين أكشن" في بريطانيا يتحول إلى معركة قانونية حول حرية الاحتجاج

بريطانيا تواجه اختبارا قانونيا حول تصنيف جماعة فلسطينية كمنظمة إرهابية - بالستاين أكشن "إكس"
قالت صحيفة "فايننشال تايمز" في تقرير أعده أليستر غري وجوش غابيرت٬ إن قرار حكومة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر حظر جماعة العمل الفلسطيني "بالستاين أكشن" أصبح محور نقاش قانوني واسع حول الحقوق في التظاهر والتعبير. 

وأوضحت الصحيفة أن الحكومة ستدافع هذا الأسبوع أمام المحكمة العليا عن قرارها تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، ما يجعل أي تعاطف معها أو الانتماء إليها جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى 14 عاما.

وأشارت الصحيفة إلى أن الاعتقالات شملت مئات الأشخاص من بينهم رجال دين ومدرسون ومتقاعدون، احتجزوا بعد حملهم ليافطات تدعم الجماعة في تظاهرات احتجاجية على القرار الحكومي، إذ أدرجت الجماعة على قائمة المنظمات المحظورة في بريطانيا مثل القاعدة وحزب الله، إلى جانب جماعات من اليمين المتطرف.

ونقلت فايننشال تايمز عن نيل باسو، الرئيس الوطني السابق لشرطة مكافحة الإرهاب، قوله إن "المراجعة القضائية ستكون لها تداعيات مهمة على قرارات الحظر المستقبلية، وستسلط الضوء على كيفية تعامل القانون مع الاحتجاجات". وأضاف باسو: "من الجيد أن تتخذ المحاكم موقفا وتحدد المدى الذي يجب بلوغه لحظر الجماعات الإرهابية".

وأبرز التقرير أن مؤيدي حركة "بالستاين أكشن" يعتبرون أن الحظر أحدث "تأثيرا مخيفا" على حرية التعبير، خصوصا خلال الحرب الأخيرة في غزة التي اندلعت في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. ومنذ سريان الحظر في تموز/يوليو الماضي، اعتقل محتجون حملوا لافتات مثل "أنا ضد الإبادة الجماعية وأدعم بالستاين أكشن"، ووجهت اتهامات إلى نحو 170 شخصا وفق البند 13 من قانون مكافحة الإرهاب البريطاني الصادر عام 2000، الذي يحمل عقوبة تصل إلى ستة أشهر سجن.

وأضافت الصحيفة أن حركة "بالستاين أكشن"، التي تأسست عام 2020، ركزت على الاحتجاجات أمام مصانع الأسلحة التي تورد للجيش الإسرائيلي، إلا أن الحكومة البريطانية صنفتها إرهابية بعد مداهمة ناشطيها في قاعدة سلاح الجو الملكي في برايز نورتون. 

ووفق تقرير فايننشال تايمز، يرى النقاد أن طرق الحركة لم تكن سلمية، في حين قال وزير العدل في حكومة المحافظين السابقة روبرت باكلاند إن "الأمر ليس مجرد طلاء أحمر على الجدار، بل يمثل تهديدا خطيرا يتطلب الحظر".

وتناولت الصحيفة أيضا قضية جنائية منفصلة في محكمة ووليتش بلندن، حيث يحاكم ستة متهمين بتهمة السطو والتسبب بأضرار جسيمة في شركة "البيت سيستمز" البريطانية، الفرع المحلي لشركة تصنيع أنظمة دفاع إسرائيلية. وأشار القاضي إلى أن هذه الحادثة وقعت قبل تصنيف حركة "بالستاين أكشن" منظمة إرهابية، وأن الجدل حول الحظر لا يتعلق بالقضية الجنائية.

وأشارت فايننشال تايمز إلى أن هدى عموري، المؤسسة المشاركة لحركة "بالستاين أكشن"، قدمت طعنا قانونيا أمام المحكمة العليا ضد قرار الحظر، وينظر فيه القاضي تشامبرلين على مدار ثلاثة أيام، مع إمكانية مراجعة قضائية كاملة بعد رفض محكمة الاستئناف محاولة الحكومة لوقفه. 

وصرحت عموري بأن "اعتقال المتظاهرين السلميين ومن يعطلون تجارة الأسلحة يمثل استخداما سيئا وخطيرا لموارد مكافحة الإرهاب"، وأضافت: "بدلا من حماية الجمهور، يستغل قانون الإرهاب كأداة سياسية لإسكاته".

ونقلت الصحيفة عن محامين وخبراء آخرين أن إقناع المحكمة بإلغاء الحظر قد يكون صعبا، فيما أشار باسو إلى أنه "سيفاجأ جدا إذا حكمت المحكمة لصالح عموري"، مؤكدا أن الضرر المادي وحده قد لا يعد نشاطا إرهابيا دون إثبات نية التأثير على الحكومة أو الترويج لقضية سياسية أو دينية أو عرقية، كما ينص قانون مكافحة الإرهاب البريطاني.

ووفق تقرير فايننشال تايمز، قدمت عموري الطعن على أربعة أسس قانونية، أبرزها أن الحظر يمثل "تدخلا غير متناسب" في حرية التعبير وحقوق الاحتجاج، وأن الحكومة لم تجر مشاورات كافية، كما لم تراع مستوى الدعم الشعبي للجماعة، ولم تلتزم بسياساتها المنشورة عند اتخاذ قرار الحظر. 

وفي المقابل، أكدت وزارة الداخلية البريطانية أن حركة "بالستاين أكشن" "شنت حملة واسعة تسببت بأضرار جسيمة للأمن القومي البريطاني، وشملت الترهيب والعنف والإصابات الخطيرة للأفراد"، بحسب الصحيفة.