نقل موقع "
ميدل إيست آي" عن مصادر في واشنطن تأكيدها، أن وزارة الخارجية الأمريكية تدرس جولة جديدة من العقوبات تستهدف أشخاصاً أساسيين تربطهم علاقة مع "قوات
الدعم السريع"، الجماعة شبه العسكرية
السودانية، التي ارتكبت في الأسابيع القليلة الماضية فظائع متعددة في مدينة الفاشر، والتي تعد
الإمارات العربية المتحدة الراعي الرئيسي لها وفق مراكز بحوث دولية.
وتشمل الفظائع التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في الفاشر، عاصمة شمال دارفور، اغتصابًا جماعيًا وقتلًا، ويمكن رؤية دماء الضحايا تتجمع في الشوارع في صور الأقمار الصناعية، حيث تعرض المدنيون للنهب والاحتجاز مقابل فدية، كما اختُطفت النساء، يوجد الآن حوالي 650 ألف مدني نازح وأكثر من 300 عامل إغاثة أجنبي يتكدسون في بلدة "طويلة" الواقعة غربي مدينة الفاشر، وأبلغ مراقبون دوليون أن هؤلاء الأشخاص في خطر شديد، حيث أقيمت نقطة تفتيش تابعة لقوات الدعم السريع على بُعد 20 كيلومترًا فقط.
قواعد إماراتيه في خدمة أمريكا
صدمة المذبحة التي وقعت في الفاشر، لفتت انتباه الحكومات والرأي العام في جميع أنحاء العالم مجددًا إلى الدور الذي تلعبه دولة الإمارات في الحرب، ومع هذا تستمر أبو ظبي في إنكار دعمها لقوات الدعم السريع، لكن صور الأقمار الصناعية وأرقام الأسلحة التسلسلية وبيانات تتبع الرحلات الجوية وعشرات المصادر داخل السودان وخارجه تقدم أدلة كثيرة على العكس، واللافت في الأمر أنه حتى حين تسعى
الولايات المتحدة إلى كبح جماح الإمارات في السودان، فإن الولايات المتحدة تعمل انطلاقًا من قواعد إماراتية تشكل عنصرًا حيويًا في إمداد قوات الدعم السريع، وفق التقرير.
بوساسو هي مدينة ساحلية نابضة بالحياة في منطقة بونتلاند شبه المستقلة في
الصومال، وتقع على الساحل الجنوبي لخليج عدن على الطريق البحري الحيوي الذي يمر عبر قناة السويس والبحر الأحمر ثم إلى المحيط الهندي عبر خليج عدن، يصفها أحد المسافرين الدوليين بأنها "تشبه إلى حد ما منطقة البحر الأبيض المتوسط"، مع "الكثير من المباني الجميلة والقوارب في المحيط"، كما اعتادت منذ عامين على سماع صوت اصطدام طائرات الشحن الكبيرة بمدرج مطار بوساسو.
بوساسو.. نقطة لتزويد قوات الدعم السريع بالسلاح
وقد تم تطوير هذه القاعدة الجوية وميناء بوساسو من قبل دولة الإمارات على مدى السنوات القليلة الماضية، وتستخدمها الولايات المتحدة الآن لشن عمليات "مكافحة الإرهاب" ضد مقاتلي تنظيم الدولة الذين وصلوا مؤخراً إلى الصومال من سوريا وأجزاء أخرى من الشرق الأوسط.
وقالت مصادر أمريكية مطلعة على العمليات ومسؤولون في إدارة بونتلاند لموقع "ميدل إيست آي" إنه في حين طورت الإمارات مدينة بوساسو كنقطة انطلاق لتزويد قوات الدعم السريع في السودان بالأسلحة والمعدات اللوجستية، فإن الولايات المتحدة تستخدمها كنقطة انطلاق لمهام داخل الصومال.
وفي العاشر من تشرين الثاني/نوفمبر، وقبل ثلاثة أيام فقط من إدانة وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو للفظائع التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في الفاشر ودعوته إلى وقف الإمدادات للقوات شبه العسكرية، نفذت القيادة الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم)
غارة جوية استهدفت (تنظيم الدولة الإسلامية) في الصومال بالقرب من كهف جولجول، على بعد 32 كيلومترا فقط جنوب شرق بوساسو.
ومنذ تنصيبه، أشرف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على "تصعيد غير مسبوق في حرب مكافحة الإرهاب الأمريكية في الصومال"، وفقًا لمركز أبحاث نيو أمريكا، حيث
نفذ 99 ضربة هذا العام، مقارنة بـ 51 ضربة نفذتها إدارة بايدن، وتشكل الضربات، التي تم إطلاق الكثير منها من سفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في المنطقة، جزءًا من هجوم ضخم ضد (تنظيم الدولة الإسلامية) في الصومال منذ تولي ترامب منصبه من قبل إدارة ولاية بونتلاند التابعة للاتحاد الفيدرالي الصومالي، بدعم من الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة.
كما تكشف بيانات تتبع الرحلات الجوية التي حللها التقرير عن وجود صلة بين القواعد الأمريكية الرسمية في المنطقة وبين بوساسو، وهي العاصمة التجارية لولاية بونتلاند والتي تعرف أيضاً باسم بـ"أرض البنط" المتمتعة بالحكم الذاتي في شمال شرق الصومال والتي تحوي الميناء البحري الرئيسي في البلاد.
تنسيق أمريكي مع بونتلاند
في 29 تموز/يوليو الماضي، حلقت طائرة من طراز KC-130J Hercules تابعة لمشاة البحرية الأمريكية برقم التسجيل 170283 من معسكر ليمونير في دولة جيبوتي المجاورة إلى بوساسو، قبل أن تواصل رحلتها إلى مومباسا ثم عادت إلى جيبوتي، وتعد ليمونير أكبر قاعدة عسكرية أميركية في أفريقيا، ولكن مع امتلاك الصين ومجموعة من الدول الأخرى قواعد عسكرية في جيبوتي، فإن الولايات المتحدة حريصة على الاستفادة من مرافق أخرى، وأبرزها بوساسو وبربرة، على ساحل أرض الصومال، وهي منطقة انفصالية أخرى في الصومال.
في أيلول/سبتمبر الماضي، التقى وفد عسكري أمريكي بقيادة اللواء كلود تيودور، رئيس القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا؛ والعقيد بنيامين بيناندر، رئيس العمليات الخاصة الأميركية في شرق أفريقيا؛ ولاري أندريه، السفير الأميركي في الصومال؛ مع رئيس إقليم بونتلاند سعيد عبد الله ديني في بوساسو، في الوقت الذي أفادت التقارير أن القوات الخاصة الأميركية شاركت في تدريب مشترك مع قوات الأمن في بونتلاند في جبال كال ميسكاد.
"استغلال الموقع الحساس"
وقال كاميرون هدسون، المسؤول السابق في وزارة الخارجية ومحلل وكالة المخابرات المركزية الأميركية، لموقع "ميدل إيست آي": "عرضت الإمارات العربية المتحدة استخدام بوساسو كمنطقة انطلاق عندما تذهب القوات الأميركية إلى بونتلاند أو أرض الصومال"، ويضيف قائلا: "إنها ليست عملية دائمة، ولكن فهمي هو أنها أصبحت متاحة وقد استفدنا منها.".
وقال هدسون، إن بعض الضربات التي تُشن في الصومال تُنفذ ببساطة بواسطة طائرات بدون طيار، لكن بعضها يُعرف باسم "استغلال الموقع الحساس"، حيث تدخل القوات الأميركية إلى المنطقة المستهدفة بعد قصفها لجمع محركات الأقراص الصلبة والحمض النووي وغيرها من المعلومات الاستخباراتية ذات الصلة، وكالعادة، رفضت الإمارات العربية المتحدة "رفضًا قاطعًا" الأدلة التي تشير إلى دعمها لقوات الدعم السريع، وقالت لموقع "
أفريقيا ريبورت" إن
تحقيقًا سابقًا أجراه موقع "ميدل إيست آي" حول استخدام أبو ظبي لبوساسو كان قائمًا على "افتراءات".
التحالف التكتيكي والعملياتي
مع سعي وزير الخارجية روبيو إلى قطع الإمدادات عن قوات الدعم السريع، واستجابة ترامب لضغوط محمد بن سلمان، فإن التوتر بين واشنطن والرياض وأبو ظبي واضح، وهنا تقول خلود خير، المحللة السودانية ومديرة مركز كونفلوانس أدفايزري للأبحاث، لموقع "ميدل إيست آي": "تضطر الولايات المتحدة الآن إلى العمل كحكم بين الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وهو ما لم تضطر إلى فعله من قبل"، وتضيف خير، في إشارة إلى إعادة بناء غزة والذكاء الاصطناعي وصفقات الاستثمار التي أبرمها جاريد كوشنر، والتي تتعلق جميعها بالإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، إن "إدارة ترامب متورطة معهما: لديها مصالح سياسية ومصالح أمنية مع الإمارات العربية المتحدة تتعلق بإسرائيل، ولديها مصالح اقتصادية، وخاصة مع شخصية تتعلق بعائلة ترامب".
المسؤول السابق في الخارجية الأمريكية، كاميرون هدسون، يقول: في بوساسو، هناك تحالف تكتيكي وعملياتي بين الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة. وكذلك أيديولوجيًا، فيما يتعلق بمحاربة (الإسلام المتطرف) في المنطقة. كل هذه عوامل تُعقّد الأمور عندما يتعلق الأمر بالسودان".
للولايات المتحدة والإمارات أعداء إقليميون مشتركون
إن الخلاف الواضح بين الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة يدور حول السودان، ولكن هذا يأتي في سياق ما يبدو أنه علاقة وثيقة ومثمرة للغاية."، وللولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة أعداء إقليميون مشتركون، هم إيران والحوثيون وجماعات مسلحة مثل داعش والقاعدة، وكانت الإمارات أول دولة خليجية توقع اتفاقيات "إبراهام" مع إسرائيل، وتشترك في العديد من المشاريع العسكرية والاستخباراتية المشتركة مع إسرائيل والولايات المتحدة.
وبما أن مكافحة الإرهاب تُعدّ على الأرجح الأولوية الأمريكية الأولى في أفريقيا، ربما بعد المعادن، يتساءل هدسون مع تبرير ضمني قائلا: "عندما يكون لديك مستودعات للمعدات القاتلة، كيف يمكن لأي شخص التمييز بين الأشياء التي تذهب إلى قوات الدعم السريع والأشياء التي يتم استخدامها لأهداف مكافحة الإرهاب؟"
طوق من السيطرة حول البحر الأحمر وخليج عدن
بوساسو، إضافة إلى بربرة، وهي قاعدة إماراتية أخرى في الصومال، ليستا قاعدتين وحيدتين منفصلتين، فقد بنت الإمارات طوقًا من السيطرة حول البحر الأحمر وخليج عدن، حيث شيدت وطورت سلسلة من القواعد على الأراضي التي يسيطر عليها حلفاؤها وعملاؤها على مدى السنوات القليلة الماضية.
وتظهر صور الأقمار الصناعية التي حللها موقع "ميدل إيست آي" وجود عمليات استخباراتية عسكرية على جزيرتي عبد الكوري وسمحة، وهما جزيرتان تشكلان جزءًا من أرخبيل سقطرى، الذي يديره الآن المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، وموكا في اليمن، وميون، وهي جزيرة بركانية في مضيق باب المندب، والتي يتم من خلالها شحن 30 في المائة من نفط العالم.
وفي الشهر الماضي، ذكرت وكالة "
أسوشيتد برس" أن هناك "مهبط طائرات غامض" ظهر على جبل جزيرة زقر، الواقعة على بعد نحو 90 كيلومترًا جنوب شرق مدينة الحديدة الساحلية الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيون)، وهو نتوء بركاني يقع قبالة ساحل اليمن على البحر الأحمر، وتُظهر صور الأقمار الصناعية الصادرة عن شركة "بلانيت لابز" PBC إنشاء مدرج طيران يبلغ طوله نحو 2000 متر في الجزيرة.
وقال أمجد فريد الطيب، مدير منظمة فكرة السودانية للسياسات العامة، لموقع ميدل إيست آي: "كانت الإمارات العربية المتحدة حريصة للغاية على السيطرة على الطرق البحرية حول خليج عدن والبحر الأحمر"، حيث تُنفّذ الإمارات العربية المتحدة نفس مشروع الإمبراطورية البريطانية في القرن التاسع عشر، والذي يعتمد بشكل أساسي على خلق حالة من عدم الاستقرار ثم السيطرة على الموانئ البحرية، كما فعلت الإمارات في اليمن بعدن.
تعاون إماراتي إسرائيلي لمراقبة الحوثيين
كما وتم تطوير قواعد الإمارات بالتعاون الوثيق مع إسرائيل والولايات المتحدة، وتم استخدامها لمراقبة نشاط الحوثيين في المنطقة، خاصة بعد أن بدأت الجماعة في مهاجمة سفن الشحن التجارية تضامناً مع الفلسطينيين في غزة، قال ألون بينكاس، الدبلوماسي الإسرائيلي الذي عمل مستشارًا لأربعة وزراء خارجية، لموقع ميدل إيست آي: "كانت العلاقة بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل متطورة للغاية حتى قبل إقامة العلاقات الدبلوماسية الرسمية عام 2020، إلا أنها ظلت طي الكتمان. لم تكن سرية، بل كانت هادئة فحسب".
جسر جوي إلى السودان
وفي حين تستخدم الولايات المتحدة بوساسو لعمليات مكافحة الإرهاب، وجدت بيانات تتبع الرحلات الجوية التي حللها موقع "ميدل إيست آي" أن 77 رحلة هبطت في قاعدة بونتلاند الجوية بين آذار/مارس 2024 وآب/أغسطس 2025، مما يدل على أن بوساسو أصبحت جزءًا دائمًا من "الجسر الجوي" الإماراتي إلى السودان، وفي الشهر الماضي، قال مدير كبير في ميناء بوساسو لصحيفة "ميدل إيست آي" إن الإمارات العربية المتحدة قامت خلال العامين الماضيين بتهريب أكثر من 500 ألف حاوية تحمل علامة الخطرة عبر بوساسو، كما وتملك الإمارات العربية المتحدة قاعدتين داخل السودان نفسه، الذي يشهد حرباً منذ نيسان/أبريل 2023، وتحديدا في نيالا جنوب دارفور، والمالحة، على بعد 200 كيلومتر من الفاشر، عاصمة شمال دارفور.
وبعد سيطرة الميليشيات السودانية على الفاشر، يُمكن للإمارات الآن البحث في إرسال طائرات شحن جوي مباشرة إلى المدينة، التي يضم مطارها مدرجًا كبيرًا، قد يُؤدي هذا إلى انخفاض النشاط في بوساسو، ولكن في الوقت الحالي، لا تزال قاعدة بونتلاند بالغة الأهمية، وتحدث قائد كبير في قوة شرطة بونتلاند البحرية في مطار بوساسو لموقع "ميدل إيست آي" عن مواد لوجستية ثقيلة غير معلنة يتم نقلها داخل وخارج طائرات الشحن من طراز IL-76.
وقال القائد، إن "هذه الرحلات متكررة ويتم نقل الإمدادات اللوجستية على الفور إلى طائرة أخرى تكون في وضع الاستعداد وموجهة لقوات الدعم السريع في السودان عبر الدول المجاورة"، كما وأبلغ القائد أيضا عن وجود مرتزقة كولومبيين في بوساسو، حيث قال "إنهم يخضعون لحراسة مشددة أثناء عمليات التحميل والتفريغ لأنهم يحملون مواد حساسة ولوجستية لا يتم الكشف عنها علناً".
وبعيدا عن الطائرات والسفن التي تتحرك فيما بينها، فإن قواعد الإمارات تشترك جميعها في هياكل تشغيلية مماثلة: حيث تشير المدرجات والحظائر ومرافق الاستخبارات إلى التكامل اللوجستي والاستخباراتي الذي يتم إدارته من غرفة عمليات إقليمية واحدة، ويبدو أن وجود الإمارات في بونتلاند وأرض الصومال يشكل جزءاً من مشروع إقليمي متعدد الأبعاد، يشمل البحر والجو، ويمتد من جزر اليمن إلى سواحل القرن الأفريقي.
تُظهر صور الأقمار الصناعية الملتقطة بين عامي 2023 و 2025 تحوّل بوساسو، تحت الإدارة الإماراتية، إلى مركز عسكري مُحصّن. وخلال هذه الفترة الممتدة لعامين، بُنيت أو طُوّرت مجموعة من المرافق الرئيسية، والتي تشمل هذه المنشآت مستودعات ذخيرة محصنة، ومنطقة شحن مخصصة لطائرات الشحن من طراز Il-76، وأنظمة رادار، ومستشفى ميداني، وحظائر طائرات، ونظام رادار GM-403 فرنسي الصنع.
الإمارات تدعم انفصال بربرة
وعلى غرار بوساسو، تقع بربرة في جزء من الصومال والذي يحظى برعاية الإمارات ويسعى إلى الانفصال عن مقديشو، وفي عام 2017، وافقت جمهورية أرض الصومال المعلنة من جانب واحد على السماح للإمارات بإنشاء قاعدة عسكرية في ميناء بربرة، والتي يمكنها من خلالها محاربة الحوثيين كجزء من الحرب الأهلية في اليمن، في البداية، كانت هناك تقارير تفيد بأن الإمارات ألغت اتفاقيتها مع أرض الصومال، لكن صور الأقمار الصناعية الأخيرة تكشف عن بنية تحتية متطورة، بما في ذلك ميناء عسكري حديث، وحوض مياه عميقة، وحوض قادر على استقبال السفن البحرية الكبيرة.
استُخدمت بربرة سابقًا كنقطة انطلاق لإرسال مقاتلين سودانيين إلى اليمن. في مارس/آذار من هذا العام، رفضت أرض الصومال محاولة الحكومة المركزية الصومالية في مقديشو منح الولايات المتحدة السيطرة الحصرية على ميناء بربرة وقاعدتها الجوية، ولكن في نهاية شهر يوليو/تموز، أعلن رئيس أرض الصومال عبد الرحمن محمد عبد الله أنه غير رأيه، قائلاً إن إدارته مستعدة لاستضافة قاعدة عسكرية أميركية في بربرة وتوفير الوصول إلى الموارد المعدنية القيمة، بما في ذلك الليثيوم، كجزء من استراتيجية أوسع نطاقاً للحصول على الاعتراف الدولي.
مع المخاوف من الوجود الصيني قرب معسكر ليمونييه في جيبوتي، ترى الولايات المتحدة في بربرة خيارًا استراتيجيًا بديلًا لتعزيز وجودها في البحر الأحمر والقرن الأفريقي. كما وردت تقارير تفيد بأن أرض الصومال تدرس السماح بإنشاء قاعدة إسرائيلية على أراضيها، مقابل الاعتراف بها واستثماراتها.
وفي يوليو/تموز، كتب أميت ياروم للمجلس الأطلسي: "بالنسبة لكل من إسرائيل والولايات المتحدة، تمثل أرض الصومال فرصة للتعاون الاستراتيجي.".
"الإمارات التوأم المتطابق لإسرائيل"
والآن، ومع إعلان الرئيس ترامب عن عزمه تحويل اهتمامه إلى السودان، أصبح المسرح مهيأ لتكثيف الصراع على النفوذ الذي بدأ بالفعل بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وقال جلال حرشاوي، المحلل المتخصص في شؤون شمال أفريقيا والاقتصاد السياسي، لموقع "ميدل إيست آي": "تاريخيا، كان دونالد ترامب دائما أكثر إعجابا بالمملكة العربية السعودية وأكثر تعاطفا معها"، وعلى النقيض من ذلك، يبدو تهاون واشنطن تجاه الإمارات العربية المتحدة حديثًا ومصطنعًا مقارنةً بالتقارب التاريخي بين الولايات المتحدة والسعودية. غالبًا ما يُنظر إلى الإمارات العربية المتحدة على أنها "دولة ناشئة" متقلبة، ويُنظر إليها الآن على أنها التوأم المتطابق لإسرائيل.
السعودية أم الإمارات؟
يرى الحرشاوي أن موقف المملكة العربية السعودية باعتبارها "الفاعل والممول الرئيسي لأي جهد لإعادة الإعمار في غزة" أمر بالغ الأهمية، وكذلك رغبة ترامب في "تقديم نفسه كرئيس يحل الصراعات "المستحيلة"، ويرى أمجد فريد الطيب، الذي شغل سابقاً منصب مساعد رئيس الأركان في مكتب رئيس الوزراء السوداني، أن مشروع الإمارات في البحر الأحمر وخليج عدن "لا يتوافق مع الأمن والاستقرار ويهدد بشكل مباشر خطة المملكة العربية السعودية طويلة الأمد لمرحلة ما بعد النفط".
وفي عالم من الحكام المطلقين، من ترامب إلى محمد بن سلمان إلى محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، فإن هذا يعني، على حد تعبير هدسون، "صفقات النخبة"، وهو ما علق عليه المسؤول السابق في وزارة الخارجية، قائلا: "تكتيكيًا، نبرم الصفقات بنفس الطريقة التي تبرم بها الإمارات الصفقات، الإمارات أيضًا لا تملك بيروقراطية كبيرة. هذه صفقات نخبوية تُبرمها النخب".