ملفات وتقارير

فتوى شرعية تحرّم تسليم المطلوبين المسلمين إلى دول "الظلم والعدوان"

تشكل الفتوى مرجعية تجمع بين النصوص الشرعية، الإجماع الفقهي، والأعراف الأخلاقية، وتقدم قاعدة واضحة: لا يجوز تسليم المسلم للظالم تحت أي ظرف..
أفتي الدكتور فضل بن عبد الله مراد، أمين لجنة الاجتهاد والفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بتحريم تسليم المطلوبين المسلمين إلى دول الظلم والبغي والعدوان، واعتبار ذلك من الجرائم العظيمة وفق الشريعة الإسلامية، مؤكداً أن هذا الفعل يمثل إخلالاً بالواجبات الشرعية والأخلاقية والسياسية للدولة المسلمة.

وجاءت الفتوى في وقت يتزايد فيه الجدل حول مصير المعارض الإماراتي جاسم الشامسي، المعتقل في سوريا منذ عدة أيام، والمطلوب لدى الإمارات، وهو ما أعاد إلى الواجهة مسألة حماية المستجيرين واللاجئين في مواجهة الضغوط الدولية.

وأكد الدكتور فضل مراد في فتواه، التي حررت بتاريخ 30 جمادى الأولى 1447هـ الموافق 21 نوفمبر 2025، أن حماية المسلم المستجير أو اللاجئ واجبة على الدولة، وأن تسليمه لمن يهدد دمه أو عرضه أو ماله يعد من التعاون على البغي والعدوان، وهو محرم قطعي بلا خلاف بين العلماء.

واستند في ذلك إلى نصوص القرآن والسنة وإجماع الفقهاء، مثل قوله تعالى: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" (المائدة: 2).كما استشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه" (البخاري ومسلم)، مؤكداً أن تسليم المسلم للظالم يعرضه لغضب الله ولعقوبة دنيوية وأخروية.

وشددت الفتوى على وجوب نصرة المستضعفين واللاجئين، بما في ذلك حق اللجوء السياسي المكفول لكل فرد، مسلماً كان أو غير مسلم، مع توضيح أن أي اتفاقية دولية تقضي بتسليم المسلمين تعتبر باطلة شرعياً، لأنها تمثل خيانة لأخوة الدين وخرقاً للسيادة الوطنية.

من الناحية الأخلاقية والفكرية، أكدت الفتوى أن تسليم المسلم للظالم يعد خيانة كبرى للأخوة الإسلامية، ويؤدي إلى ترويع المؤمنين وإضعاف الثقة المجتمعية، ويصنف ضمن الموبقات الكبرى التي حذر منها الشرع.

أما من الناحية السياسية، فحذرت الفتوى من أي التزام دولي أو اتفاقيات تلزم الدولة بتسليم المسلمين للظالمين، معتبرة ذلك باطلاً شرعياً، لأنه يمثل انتهاكاً لسيادة الدولة وخرقاً لواجباتها في حماية المواطنين والمستضعفين، ويضع المسؤولين أمام مسؤولية دينية وأخلاقية وجزائية بالغة. كما أكدت على أن نصرة المستضعفين، بما في ذلك الجهاد إذا استدعى الأمر، ليست خياراً فحسب، بل واجب شرعي على القادرين من أهل الإسلام، وأن التقصير في ذلك يُعد مخالفة جسيمة للشريعة وأخلاق الدين.

وتشكل الفتوى مرجعية تجمع بين النصوص الشرعية، الإجماع الفقهي، والأعراف الأخلاقية، وتقدم قاعدة واضحة: لا يجوز تسليم المسلم للظالم تحت أي ظرف، وواجب الدولة حماية المستضعفين، ونصرة المستجيرين واجب ديني وأخلاقي وسياسي، وأي مخالفة لذلك تعد من الكبائر العظام وموبقات تحاسب عليها الشرائع السماوية، وفق الدكتور فضل.



تطور خطير في قضية جاسم الشامسي

ووفق ما نقلته صفحة مجتهد على تويتر، ه"ناك تطور خطير في قضية المعارض الإماراتي جاسم الشامسي، مع دعوات عاجلة للتدخل لمنع تسليمه إلى السلطات الإماراتية. وتشير المعلومات إلى أن الإمارات قامت باعتقال عدد كبير من الشخصيات المحسوبة على الثورة السورية الموجودة في الإمارات، وهددت بممارسات سيئة إذا لم يُسلَّم الشامسي، في حين تعاملت الحكومة السورية بضعف وبدأت ترتيبات التسليم، رغم رفض شديد لدى جهات في الحكومة السورية".

ويُشير المصدر إلى مناشدات متزايدة من قبل المعنيين بأمر الشامسي لكل من له قدرة على التأثير على السلطات السورية بالضغط لمنع التسليم، خاصة مع البدء الفعلي للإجراءات واحتمالية التنفيذ قريباً.

كما يؤكد التقرير أن اعتقال الشامسي في البداية لم يكن بطلب من الإمارات، بل جاء متزامناً مع القبض على خلية إماراتية في سوريا بسبب اشتباه خاطئ، ثم تبينت براءته، وبدلاً من استغلال الحكومة السورية للملف للضغط على الإمارات، بادرت الأخيرة بالابتزاز، في حين ظهرت الحكومة السورية ضعيفة أمام هذا الضغط.

ويشير ذات المصدر، إلى أن "أي تنفيذ للتسليم سيكون الأول منذ الثورة لمطلوب من الحكومات القمعية، ما قد يفتح الباب أمام مطالبة دول عديدة بتسليم مواطنيها، وأن هناك تذمراً كبيراً من مسؤولين سوريين ومشايخ وشخصيات قيادية من الثورة، معتبرين مثل هذا العمل خيانة وخذلاناً للمسلمين، وإعانة للطغاة، وانتكاساً على مبادئ الجهاد التي ساهمت في زوال النظام الأسدي".