سياسة عربية

جندي احتياط إسرائيلي يشعل النار في نفسه احتجاجا على إهمال المحاربين القدامى

جندي احتياط إسرائيلي يشعل النار في نفسه احتجاجا على إهمال المحاربين القدامى وسط تصاعد الانتحار في صفوف الجيش - أرشيفية
أقدم جندي احتياط إسرائيلي، مساء الأربعاء الماضي، على إشعال النار في نفسه أمام منزل مسؤول في قسم التأهيل بوزارة الحرب الإسرائيلية، في حادثة هزت الرأي العام وأعادت إلى الواجهة الجدل حول معاناة المحاربين القدامى وإهمالهم من قبل السلطات.

ووفق بيان مستشفى "هداسا عين كارم"، فإن الجندي الذي أصيب سابقا خلال خدمته العسكرية، يعاني من حروق بالغة في مختلف أنحاء جسده، لكنه ما يزال في حالة "خطرة ومستقرة". 

وأكد متحدث باسم وزارة الحرب أن الضحية "شرطي سابق في الأربعينيات من عمره، تعرف عليه قسم التأهيل منذ عام 2013"، مشيرا إلى أن الحادث وقع أمام منزل أحد كبار المسؤولين في القسم.

وقال منتدى "معركة الألماس" الإسرائيلي، المعني بشؤون الجرحى والمحاربين القدامى، في بيان:
"بقلوب غامرة، تلقينا نبأ الحادثة الصعبة والمأساوية.. جندي احتياط ضحى بحياته من أجل أمن إسرائيل، ووصل إلى حالة من اليأس الشديد".

وأضاف المنتدى: "رفيق آخر وجد نفسه في مواجهة نظام لا يبالي، فانهار. هذا الحدث بمثابة جرس إنذار لنا جميعا"، مؤكدا مواصلة "مكافحة الذكريات والجروح النفسية، والأنظمة التي لا تنصت دائما"، داعيا وزارة الحرب والحكومة إلى "تحسين إمكانية الوصول إلى خدمات الصحة النفسية والتأهيلية بشكل جذري، وتقصير فترات انتظار العلاج، والإنصات الصادق لأصوات المقاتلين".

من جانبه، اعتبر نيسيم بن دافيد، رئيس شبكة مراكز الشباب في الاحتلال الإسرائيلي، أن ما جرى "ليس مأساة شخصية، بل تذكير مؤلم لمجتمع بأكمله بدأ ينسى جنوده". وأضاف: "اليوم، عندما يشعر جنود الاحتياط الذين حملوا على عاتقهم أصعب عام في تاريخ البلاد بالتخلي عنهم، يناقش الكنيست قانونا يسعى إلى ترسيخ الإعفاء من الخدمة".

وحذر بن دافيد من "اتساع الشرخ داخل المجتمع الإسرائيلي"، مشددا على أن "دورنا ليس فقط مساعدتهم، بل أيضا إيصال أصواتهم – حتى يتذكر الوطن من لا يزال يقاتل باسمه".

أزمة متفاقمة في صفوف الجيش
تأتي هذه الحادثة ضمن سلسلة من حالات الاحتجاج والانتحار التي يشهدها جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال العامين الأخيرين، وسط اتهامات متزايدة للنظام بإهمال المحاربين القدامى وذوي الإصابات.

وبحسب تقرير جديد لمركز البحوث والمعلومات في الكنيست، نُشر الأربعاء الماضي بناء على طلب النائب اليساري عوفر كاسيف، تم تسجيل 279 محاولة انتحار في صفوف جيش الاحتلال بين كانون الثاني/يناير 2024 وتموز/يوليو الماضي٬ توفي منهم 36 جنديا.

وأوضح التقرير، الذي نقلته هيئة البث الإسرائيلية وصحيفة هآرتس، أن جمع البيانات المنتظمة حول محاولات الانتحار بدأ عام 2024، مشيرا إلى أن 12% من الحالات كانت شديدة الخطورة، فيما بلغت 88% متوسطة الخطورة.

وكشفت البيانات أن 124 جنديا لقوا حتفهم انتحارا منذ عام 2017 حتى تموز/يوليو الماضي٬ بينهم 68% من المجندين الإلزاميين، و21% من جنود الاحتياط النشطين، و11% من الخدمة الدائمة. وأشار التقرير إلى ارتفاع ملحوظ في حالات الانتحار بين جنود الاحتياط منذ عام 2023، مرجحا أن يكون ذلك مرتبطا بزيادة عدد المجندين النشطين بعد اندلاع الحرب الأخيرة.

وقال النائب عوفر كاسيف في تعليقه على الأرقام: "لا قيمة أعظم من حياة الإنسان. وباء الانتحار، الذي من المتوقع أن يزداد مع نهاية الحرب، يتطلب إنشاء أنظمة دعم حقيقية للجنود، والعمل على إنهاء الحروب وتحقيق سلام حقيقي. الحكومة التي ترسل جنودها للحرب وتتركهم يواجهون العواقب وحدهم، هي حكومة تعمل ضدهم".

وتأتي هذه التطورات في ظل تداعيات حرب الإبادة الجماعية التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، والتي استمرت لعامين متتاليين وأسفرت، وفق تقديرات الأمم المتحدة، عن استشهاد أكثر من 68 ألفا و531 فلسطينيا وإصابة 170 ألفا و402 آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى خسائر مادية قدرت بنحو 70 مليار دولار كتكلفة لإعادة الإعمار.