تستعد المحكمة العليا في 
فنلندا للفصل في قضية أثارت جدلا واسعا حول حدود حرية التعبير والدين، والمعروفة إعلاميا باسم "محاكمة 
الكتاب المقدس". القضية تستهدف الأسقف اللوثري يوهانا بوهجولا وعضو البرلمان الفنلندي بيفي راسانن، بتهمة نشر محتوى يصنف كخطاب كراهية نتيجة استشهاداتهما بالكتاب المقدس في مسألة الجنس البشري والعلاقات الجنسية.
وتعود القضية إلى نشر راسانن تغريدة عام 2019 استشهدت فيها بآية من الكتاب المقدس لانتقاد الكنيسة الرسمية لرعاية موكب للمثليين، وإلى كتيب صدر عام 2004 بعنوان "ذكر وأنثى" نشره بوهجولا، يوضح التعاليم المسيحية التقليدية حول الجنس والهوية الجنسية. 
وقد تسببت هذه الأعمال في فتح تحقيقات جنائية متعددة منذ عام 2021، شملت ثلاث تهم لراسانن وواحدة لبوهجولا.
وإذا أدين المتهمان، قد يواجهان السجن لمدة تصل إلى عامين، بموجب قوانين تهدف أصلا إلى مكافحة الجرائم ضد الإنسانية. ويرى النقاد أن القضية قد تؤدي إلى تقييد ممارسة العقيدة المسيحية في فنلندا وخلق سابقة خطيرة في أوروبا.
وقالت راسانن، مؤكدة موقفها: "أنا لا أعتذر عما ذكره الرسول بولس، لأنه ليس رأيي، إنه ما تقوله كلمة الله."
مسار القضية في المحاكم
مثل المتهمان أمام محكمة هلسنكي الابتدائية في 2022، حيث تمت تبرئتهما بالإجماع من قبل ثلاثة قضاة، الذين صرحوا بأن "ليس من دور المحكمة تفسير المفاهيم التوراتية". واستأنف الادعاء، ليتم النظر بالقضية مجددا أمام محكمة الاستئناف في هلسنكي 2023، حيث تم تأكيد البراءة بالإجماع على جميع التهم.
ومع ذلك، استأنف الادعاء مرة أخرى أمام المحكمة العليا الفنلندية فيما يخص قضية الكتيب والتغريدة، وتم السماح بالاستماع للاستئناف مع عقد جلسات جديدة هذا الأسبوع، بحضور مدع جديد، حيث لوحظ تغيير في أسلوب الإجراءات مقارنة بالمحاكم الأدنى.
دعم دولي ورسائل تضامن
طالبت المجلس اللوثري الدولي (ILC) بالصلاة والدعم للمتهمين خلال ما وصفته بـ"العام الخامس من الملاحقة القضائية"، مشددين على أن المسيحيين يجب أن يكونوا أحرارا في التعبير عن معتقداتهم دون خوف من الملاحقة القانونية. وقال الأمين العام للمجلس، كلاوس ديتليف شولز: "نأمل أن تكون هذه الجولة الأخيرة من المحاكمات، وأن تؤدي إلى نفس نتيجة المحاكم الأدنى: تبرئة راسانن وبوهجولا من جميع التهم."
كما أعيد انتخاب بوهجولا رئيسا للمجلس اللوثري الدولي خلال مؤتمرهم العالمي لعام 2025 في الفلبين، فيما أصدرت المنظمة رسالة احتجاجية في 2021 وقع عليها 45 قياديا لوثريا حول العالم ضد القرار القضائي الفنلندي.
وعبر المتهمان عن تقديرهما لدعم المسيحيين حول العالم. فقالت راسانن: "رغم طول هذه العملية واللحظات الصعبة، إلا أن تجربتي الرئيسية هي الفرح والدعم أكثر من الصعوبات… أشكر الله لأنه حول الأمور السيئة إلى خير."
وأشار بوهجولا إلى أن القضية قربتهما أكثر إلى كلمة الله والصلاة، وأضاف: "آمل أن تشجع هذه القضية المسيحيين على إعلان إيمانهم علنا: أنا مسيحي، لا أخجل من ذلك، هذا ما أؤمن به وأريد مشاركته."