تسود حالة من الضبابية
والغموض حول التفاصيل المتعلقة بالقوة الدولية المنوي تشكيلها في قطاع
غزة، والتي
سمتها خطة الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب "قوة الاستقرار"، بهدف تأمين
المناطق التي ينسحب منها جيش
الاحتلال الإسرائيلي، ومنع تهريب الأسلحة، والمساعدة
في توزيع المساعدات الإنسانية، وتدريب قوة شرطية فلسطينية.
لكن ثمة عراقيل وتحديات
تواجه تشكيل
القوة الدولية، لأسباب متعددة منها ما يتعلق بعدم رغبة العديد من
الدول في إرسال قوات أمنية إلى غزة، وفقاً لما أكدته صحيفة "نيويورك
تايمز" الأمريكية. وتعود حالة التردد إلى المخاوف المتزايدة من الخطر الذي
يهدد القوة، بفعل عدم وضوح مهمتها أو النظر إليها كـ"قوة احتلال".
في المقابل، تبرز تحديات
وعراقيل من جانب الاحتلال الإسرائيلي الذي بات يلّوح بالاعتراض على مشاركة دول
معينة في القوة الدولية، وتحديدا تركيا التي أعلن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين
نتنياهو رفضه لمشاركتها.
وتعلقيا على ذلك، قال نائب
الرئيس الأمريكي جي دي فانس إن مسألة وجود قوات أجنبية على الأرض "ستعتمد على
موافقة الحكومة الإسرائيلية"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه لا يستبعد دورا
تركيا في المرحلة المقبلة بعد وقف إطلاق النار، دون توضيح ماهية هذا الدور.
وخلال مؤتمر صحفي عقده في
تل أبيب، أوضح فانس أن "أي ترتيبات أمنية أو سياسية تخص غزة يجب أن تكون
بالتنسيق الكامل مع إسرائيل"، لكنه أضاف أن واشنطن "تقدر الجهود التركية
السابقة في التوصل إلى الهدنة الحالية"، معربا عن امتنانه لأنقرة
"لدورها البناء خلال مفاوضات وقف إطلاق النار الأخيرة".
تكوين القوة وفكرتها
وبالعودة إلى التفاصيل
المتوفرة حول "قوة الاستقرار الدولية" (ISF)، فإنها
بناء على التوصيف الوارد في خطة ترامب، هي قوة أمنية متعددة الجنسيات، وسيجري
تكوينها بالتعاون مع شركاء عرب ودوليين، للمساعدة في توفير الأمن، وتدريب قوة
شرطية فلسطينية جديدة، والإشراف على نزع السلاح، وإعادة تطوير قطاع غزة.
ووفق ما ورد في مقترح
ترامب، تهدف مهمة القوة الدولية إلى إيجاد حل أمني داخلي طويل الأمد، وتسهيل
انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل تدريجي من قطاع غزة.
نبعت فكرة القوة الدولية من
مقترح قدمه رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير في تموز/ يوليو 2025، وكانت
تتمثل في البداية قوة حفظ سلام متعددة الجنسيات في قطاع غزة، وجرى مناقشتها مع
ترامب ومستشاره جاريد كوشنر في آب/ أغسطس 2025.
وحينما طرح ترامب خطته المكونة
من 20 نقطة لإنهاء حرب غزة في أيلول/ سبتمبر 2025، تضمنت بنودا تتعلق بتشكيل حكومة
مؤقتة بإشراف دولي في قطاع غزة، وقوة حفظ سلام متعددة الجنسيات بقيادة عربية.
في 8 تشرين الأول/ أكتوبر
2025، أعلن ترامب أن المفاوضين الإسرائيليين والفلسطينيين قد وافقوا على قبول
المرحلة الأولى من خطته المقترحة للسلام، ووقّع الطرفان على الاتفاقية في اليوم
التالي، ودخلت حيز التنفيذ في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.
المهام الأساسية
بموجب الاقتراح، سيتم نشر القوة
الدولية وقوة شرطة مدنية محلية في قطاع غزة، بالتزامن مع انسحاب جيش الاحتلال
الإسرائيلي من القطاع، وتُسند لهذه القوات مهمة تفكيك البنية التحتية العسكرية لحماس،
بما في ذلك الأنفاق ومنشآت إنتاج الأسلحة، وتركز على 4 مهام أساسية، وهي:
⬛️ أمن الحدود والمحيط
⬛️ مكافحة "الإرهاب" والاستجابة للتهديدات عالية الخطورة
⬛️ البنية التحتية والحماية الإنسانية
⬛️ دعم الشرطة المدنية الفلسطينية
التشكيل الفعلي للقوة
بناء على خطة ترامب، من
المفترض تشكيل قوة "الاستقرار" المشتركة متعددة الجنسيات فور دخول اتفاق
وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، والذي بدأ في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، لمراقبة
الاتفاق.
في 15 تشرين الأول/ أكتوبر،
أفادت تقارير بوجود حوالي 25 عنصرا أمريكيا في المنطقة، يقومون بدور التنسيق
والإشراف على قوة الاستقرار الدولية التي بدأ تشكيلها.
في 17 تشرين الأول/ أكتوبر،
كشفت تقارير بأن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا تعمل على صياغة نص قرار
لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بشأن القوة الدولية في غزة.
مركز التنسيق المدني- العسكري
في 10 تشرين الأول/ أكتوبر
2025، بدأت الولايات المتحدة في إنشاء مركز التنسيق المدني- العسكري (CMCC)، بقيادة
براد كوبر، قائد القيادة المركزية الأمريكية، لتنسيق جهود مراقبة وقف إطلاق النار،
وكان من المقرر وصول فريق من حوالي 200 فرد أمريكي إلى إسرائيل في الأيام المقبلة.
ومن المتوقع أن يضم المركز
أيضا قوات من مصر وقطر وتركيا والإمارات العربية المتحدة، ولا يُقصد نشر أفراد
أمريكيين داخل قطاع غزة نفسه، وفق تأكيد المسؤولين في البيت الأبيض.
في 11 تشرين الأول/ أكتوبر،
سافر براد كوبر برفقة ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر إلى قطاع غزة للتحقق من امتثال الاحتلال
الإسرائيلي للمرحلة الأولى من الاتفاق.
في 21 تشرين الأو/ أكتوبر
2025، زار نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس مقر مركز التنسيق المدني- العسكري في
كريات جات، وجرى التأكيد أيضا على وجود ضباط تخطيط عسكري بريطانيين داخل المركز.
⬛️ جرى اختيار مصر وقطر والإمارات العربية المتحدة من قبل مستشار ترامب
كدول يمكن أن تساهم في القوة، إلى جانب مناقشات للمساهمة في القوة من تركيا
وباكستان وإندونيسيا وأذربيجان وأستراليا وماليزيا وكندا.