يعد ثاني أهم شخصية عسكرية في صفوف جماعة أنصار الله "
الحوثيين" في
اليمن بعد زعيمها عبد الملك الحوثي، وهي الجماعة التي تحكم العاصمة صنعاء لكنها لا تحظى باعتراف عربي أو دولي.
رتبه العسكرية، لواء ركن، ومنصبه رئيسا لهيئة الأركان العامة في القوات المسلحة التابعة للجماعة، جعله الشخصية الأبرز في الهجمات التي شنتها الجماعة على السفن التجارية المتجهة إلى دولة الاحتلال وعلى الأراضي الفلسطينية المحتلة واستهدفت مواقع عسكرية إسرائيلية.
ولد محمد عبد الكريم الغماري في إحدى قرى بلدة ضاعن بمديرية وشحة في محافظة حجة شمال غرب اليمن عام 1982، والتحق بمعهد حسين بدر الدين الحوثي في عام 2003.
وفي عام 2012، سافر إلى لبنان حيث خضع لتدريبات عسكرية في الضاحية الجنوبية لبيروت على يد حزب الله اللبناني. كما تلقى دورات متقدمة في إيران على أيدي الحرس الثوري الإيراني، شملت بناء منظومات الصواريخ الباليستية والتكتيكات القتالية، وذلك بحسب مصادر متطابقة تناولت سيرته الذاتية.
تدرج في المناصب الميدانية والعسكرية داخل الجماعة، وشارك في الاشتباكات ضد القوات السعودية إلى جانب عبد الملك الحوثي حين كان متخفيا في محافظة صعدة. وبرز اسمه منذ أحداث محافظة صعدة عام 2013 وسقوط العاصمة صنعاء في أيلول/ سبتمبر 2014 بيد "الحوثيين" حيث كان أحد المشاركين في هذه الأحداث.
شغل منصب المشرف العسكري لمحافظة حجة، ثم القائد الميداني في الحديدة، فالمسؤول الأمني في صنعاء. وعين لاحقا في عام 2016، رئيسا لهيئة الأركان العامة في "حكومة الإنقاذ الوطني" غير المعترف بها دوليا.
تولى منذ ذلك الحين مسؤولية التخطيط والتنسيق للعمليات العسكرية للجماعة، بما في ذلك الهجمات عبر الحدود. ويعد الغماري من أبرز القادة المسؤولين عن إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه السعودية والإمارات. وهو ما دفع "تحالف دعم الشرعية" في اليمن لوضعه في عام 2017 على قائمة المطلوبين من جماعة الحوثيين.
وفرضت عليه وزارة الخزانة الأمريكية في عام 2021 عقوبات بتهمة "تهديد الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة". وفي نفس العام أدرجته الأمم المتحدة ضمن قائمة العقوبات بموجب قرارات مجلس الأمن 2140 و2216 لدوره "المحوري في تأجيج النزاع المسلح". بحسب القرار الأممي.
كما ارتبط اسمه بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع
غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر عام 2023 بالهجمات البحرية التي استهدفت سفن الشحن في البحر الأحمر، وكذلك الهجمات التي طالت دولة الاحتلال.
حيث نفذت القوات اليمنية نحو 758 عملية تضمنت إطلاق 1835 صاروخا ومسيّرة، واستهداف أكثر من 228 سفينة في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن والمحيط الهندي.
ورد الاحتلال بعنف على هذه الهجمات ووجه ضربات دامية على مناطق في اليمن، شملت موانئ ومحطات طاقة ومواقع عسكرية ومطار صنعاء وجميعها أهدافا مدنية.
تعرض محمد عبد الكريم الغماري في حزيران/ يونيو الماضي، وفقا أفادت لتقارير إعلامية، لمحاولة إسرائيلية لاغتياله بغارة جوية استهدفت موقعا في العاصمة صنعاء. وبعد نحو شهرين قال جيش الاحتلال في بيان عقب غارة جوية إسرائيلية استهدفت كبار القادة الحوثيين في آب/ أغسطس الماضي بأنه " تأكد الآن اغتيال رئيس هيئة الأركان العامة الحوثي".
وكتب وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس في منشور على منصة "إكس" أن الغماري "توفي متأثرا بجروحه في الضربة التي قضت على معظم قيادات الحوثيين في اليمن".
وبينما أشارت بعض المصادر إلى استشهاده مع رئيس حكومة الجماعة أحمد غالب الرهوي وعدد من الوزراء، لم تؤكد جماعة الحوثي ذلك، وأفادت مصادر محلية بفرض طوق أمني في منطقة الهجوم، ما زاد من الغموض حول مصيره.
والجمعة، أعلنت جماعة أنصار الله عن استشهاد الغماري، وذكرت وكالة سبأ اليمنية أن الغماري استشهد إلى جانبه نجله حسين (13 عاما) وعدد من مرافقيه إثر غارات أميركية إسرائيلية على اليمن خلال "معارك إسناد غزة و أثناء تأدية واجبه الإيماني والجهادي" بحسب وكالة سبأ.
وأكدت الجماعة أن الصراع مع دولة الاحتلال لم ينته، وبأنها "ستنال عقابها الرادع على الجرائم التي ارتكبتها". وتوعدت في بيانهم بأن "جولات الصراع مع العدو لم تنته وسيتلقى العدو الصهيوني بما ارتكبه من جرائم جزاءه الرادع حتى تحرير القدس وزوال الكيان".
ومباشرة أعلنت الجماعة تعيين اللواء الركن يوسف حسن إسماعيل المداني رئيسا لهيئة الأركان العامة في وزارة الدفاع خلفا للغماري.
ويعد يوسف المداني واحدا من أهم القادة العسكريين في جماعة الحوثي، وتربطه علاقة مصاهرة بزعيمها عبد الملك الحوثي، وكان يشغل منصب قائد المنطقة العسكرية الخامسة الواقعة في نطاق محافظات الحديدة وحجة والمحويت وريمة وسواحل البحر الأحمر الخاضعة للجماعة.
وهو من مواليد عام 1977 في محافظة حجة شمال غربي اليمن، وانضم مبكرا إلى الجماعة حيث تلقى تعليما دينيا في المراكز التابعة للجماعة. وانضم إلى الجناح العسكري للحوثيين، وتلقى تدريبات عسكرية في إيران ولبنان، وكان له دور في التواصل بين الحوثيين والحرس الثوري الإيراني.
فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة نعت الغماري، وقالت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس في بيان لها إن اللواء الغماري "ارتقى شهيدا على طريق القدس مع عدد من إخوانه، في أشرف المعارك دفاعا عن الأقصى وفلسطين، ضمن معركة الإسناد المباركة التي تصدرتها اليمن العزيزة واستمرت فيها حتى اللحظات الأخيرة قبل وقف العدوان".
مؤكدة أن "دماء الشهداء هنية والسنوار والعاروري والضيف ونصر الله والحاج رمضان والغماري ستبقى منارة تضيء درب الحرية، ولن تزيد الأحرار إلا إصرارا وثباتا على طريق القدس حتى النصر والتحرير". بحسب البيان.
غياب الغماري قد لا يترك فراغا كبيرا فخليفته يوسف المداني تلقى نفس التدريب العسكري والعقائدي ولعب نفس المهام التي أداها الغماري كحلقة وصل بين الجماعة وإيران، خاصة فيما يتعلق بالتنسيق العسكري والدعم الميداني.