نشر موقع "
إنسايد أوفر" تقريرا يسلّط الضوء على
الصراع الخفي داخل العائلة الحاكمة في
الإمارات بين الشقيقين طحنون وهزاع بن زايد، ومدى تأثير ذلك على توازن الحكم في البلاد.
واعتبر الموقع في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أن الرجلين يمثلان وجهين مختلفين لعملة واحدة في دولة تبحث عن تحقيق التوازن بين عملية التحديث والحفاظ على التماسك الداخلي، وهو ما يطرح تحديات كبيرة أمام السلطة الحاكمة.
نفوذ طحنون
وقال الموقع إن طحنون بن زايد آل نهيان يعتبر الرجل الأقوى في الإمارات بعد الرئيس محمد بن زايد، ويشغل منذ عام 2016 منصب مستشار الأمن الوطني، لكن وصفه بـ"المسؤول" لا يعكس مدى نفوذه الحقيقي، إذ يسيطر على إمبراطورية اقتصادية تُقدَّر قيمتها بأكثر من 1.5 تريليون دولار، ويستثمر في عدة مجالات، تمتد من الذكاء الاصطناعي إلى التقنيات الحيوية وصولًا إلى أنظمة المراقبة المتطورة.
ويظهر اسم طحنون في قمة هرم شركتَي "جي 42" و"إم جي إكس"، وهما شركتان تقنيتان إماراتيتان أقامتا شراكات مع عمالقة مثل مايكروسوفت، و"بلاك روك"، و"غلوبال إنفراستركتشر بارتنرز".
وأوضح الموقع أن هذه الاستراتيجية تنسجم تمامًا مع أهداف أبوظبي، التي تسعى إلى استخدام الابتكار التكنولوجي كأداة لدعم القوة الاقتصادية والسياسية والعسكرية، لذلك يسعى طحنون إلى الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والحرب الرقمية، وهي أدوات تجعل أبوظبي لاعبًا مؤثرًا في الجغرافيا السياسية العالمية.
الحرب السيبرانية على الخصوم
وأكد الموقع أن صورة طحنون كرجل أعمال يستثمر في المستقبل، هي واجهة تختفي وراءها اتهامات كثيرة بقيادته لحملات اختراق إلكتروني ضد المعارضين، واستخدام برمجيات تجسّس ضد الخصوم في الداخل والخارج، وعمليات تدخل غير معلنة في الصراعات الإقليمية.
وأضاف الموقع أن طحنون لا يظهر كثيرا ويعمل بعيدا عن الأضواء، إلا أن نفوذه يمتد إلى كل مكان تتقاطع فيه المصالح الاقتصادية مع الأمن.
دور محلي لهزاع
أشار الموقع إلى أن
هزاع بن زايد الذي تم تعيينه هو الآخر نائبًا لحاكم أبوظبي في عام 2023، وأوكل إليه محمد بن زايد مهمة تمثيل الحكومة في منطقة العين، يختلف تماما عن شقيقه طحنون.
وحسب الموقع، فإن أنشطة هزاع محدودة في إطار مؤسسي واحتفالي، وتشمل عقد لقاءات مع الهيئات المحلية وتقييم مشاريع تتعلق بالبنية التحتية والطاقة والنقل والتطوير العمراني والتراث الثقافي.
ويبدو هزاع بمثابة الوصي على البُعد "المحلي" أو "الميداني" للسلطة الإماراتية، وهو أقرب إلى احتياجات المجتمع المحلي، على عكس شقيقه الذي يركز على الملفات الجيوسياسية العالمية.
المنافسة بين طحنون وهزاع
يرى الموقع أنه رغم هذا التقسيم الظاهري للأدوار، بدأت التوترات تطفو على السطح، حيث ظهرت تقارير حديثة تقول إن هزاع حاول توسيع نفوذه ليشمل إدارة ملفات الأمن والعلاقات مع الوكلاء الإقليميين الذين تدعمهم أبوظبي في صراعات مثل اليمن وليبيا والسودان، وهي الملفات التي كانت ضمن نطاق نفوذ طحنون.
وتعكس المنافسة الداخلية بين الأخوين -وفقا للموقع- السمات النموذجية للملَكيات العائلية، حيث تتغير التوازنات وتتصاعد الطموحات، وتؤثر الخلافات الخفية على المشهد حتى إن لم تظهر بشكل علني.
ويوضح الموقع أن تعيين طحنون وهزاع كنائبين لحاكم أبوظبي عام 2023 جاء في إطار إعادة هيكلة واسعة قررها محمد بن زايد، حيث عيّن حينها ابنه خالد وليًّا للعهد ووريثًا للحكم، وشقيقه منصور نائبًا للرئيس.
ويؤكد الموقع أن تلك الاستراتيجية ترمي إلى تعزيز تماسك العائلة الحاكمة وضمان بقائها في السلطة في خضم التوترات الإقليمية والدولية.
التوازن الصعب
حسب الموقع، تُظهر مسيرة الأخوين طحنون وهزاع الازدواجية الجوهرية في هوية الإمارات، حيث يمثل الأول صورة الدولة التي تسعى إلى ترسيخ حضورها العالمي عبر التكنولوجيا والتمويل والاستخبارات؛ ويمثل الثاني الوجه المؤسسي الذي يرعى الشؤون المحلية ويُرسّخ التوافق الداخلي.
فالإمارات هي من ناحية مختبر تكنولوجي عالمي، ومن ناحية أخرى ملكية تقليدية تسعى إلى تحقيق توازن دقيق بين التحديث والحفاظ على التماسك الاجتماعي.
وخلص الموقع إلى أن التوترات بين طحنون وهزاع، تكشف أن وراء صورة الدولة المتماسكة التي تتطلع إلى المستقبل، تعقيدات كبيرة تحيط بنظام الحكم في الإمارات رغم أن محمد بن زايد مازال يمسك بخيوط المعادلة.
ويختم الموقع بأن استقرار الإمارات على المدى البعيد لن يعتمد فقط على تحالفاتها مع واشنطن أو بكين، ولا على استثماراتها الهائلة في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة، بل على قدرة العائلة الحاكمة على الحفاظ على وحدتها السياسية الداخلية دون تصدّع أو انقسام.