في مثل هذا اليوم، قبل عامين تماما، تكبد جيش الاحتلال الإسرائيلي إخفاقا تاريخيا غير مسبوق، بعد نجاح هجوم "الطوفان" الذي استهدف مستوطناته وقواعده العسكرية في غلاف
غزة.
وأظهر مرور الشهور الطويلة، في الذكرى التي يصفها الإسرائيليون بـ"الكارثة"، الحقيقة المرة والمؤلمة لديهم بشأن الدروس المستفادة داخل الجيش، إذ اتضح أن مفهوم "المسؤولية" ليس سوى شعار فارغ، في ظل تبادل الاتهامات الجماعية بدلا من تحمل المسؤولية الفردية والاعتراف بالأخطاء.
وفي السياق نفسه، قال الكاتب الإسرائيلي، عيناف شيف، إنّ: "مرور عامين على ما سماه "كارثة السابع من أكتوبر" يكشف أن جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يتعلم شيئًا عن تحمّل مسؤولية الفشل والإخفاق".
وأوضح شيف، في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وترجمته "عربي21" أنه في خضم الضجة المصاحبة لاجتماع الرئيس الأمريكي، دونالد
ترامب، مع رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، لم يحظ خطاب تقاعد الجنرال، نمرود ألوني، بالاهتمام الكافي، رغم ما تضمنه من كلمات وُصفت بالمثيرة للدهشة والسخرية.
وأشار إلى أن ألوني، القائد المنتهية ولايته لقيادة العمق والقائد السابق لفرقة غزة بين عامي 2020 و2022، تحدّث في خطابه عن عامين دراماتيكيين في سياق تعزيز قوة حركة
حماس. وبيّن أن خطاب ألوني تضمن انتقادات قاسية حين قال: "أترك جيشا دُهس فيه مفهوم المسؤولية، ودنس، وفقد ثقته في كشف إخفاقاته".
وأشار إلى أن ألوني نفسه قد ساهم سابقًا في خلق "انطباع كاذب ومدمر" مفاده أن العمليات العسكرية السابقة في غزة كانت نجاحًا باهرًا. وأضاف شيف أن كلمات ألوني الجارحة والموبّخة لجيش "دُهس فيه مفهوم المسؤولية وانتُهِك" لم تتضمن اعترافًا صريحًا بأخطائه الشخصية، إذ اكتفى بالقول "لقد أخطأنا جميعًا"، دون أن يعلن استقالته فور وقوع هجوم "الطوفان" الذي كشف عن فشل ذريع مسّ كبار المسؤولين الذين خدموا في تلك السنوات.
إلى ذلك، أشار الكاتب إلى أنّ: "ألوني لم يستقل بعد السابع من أكتوبر، رغم اعترافه في خطابه بأنه اضطر لمراجعة نفسه بشأن حدثين مرتبطين بالحرب: أولهما امتناعه عن الذهاب للقتال في الكيبوتسات المحيطة بغزة، وثانيهما فشله في تفعيل قيادة العمق للغرض الذي أنشئت من أجله".
وأكد شيف، أنّ: "حديث ألوني عن "جيش دُهس فيه مفهوم المسؤولية وانتُهِك" يوجّه انتقادًا مزدوجًا لقيادة الجيش، إما لعدم تحمّلها المسؤولية وتطبيقها فورا، أو لجرأتها في محاسبة الآخرين على القضية ذاتها".
واعتبر أن خطابه في الذكرى الثانية لـ"السابع من أكتوبر" يعكس "الحقيقة المؤلمة" بأن الجيش لم يتعلم بعد الدروس الأخلاقية العميقة من أخطر فشل في تاريخه.
وانتقد الكاتب، في مقاله، وجود رئيس أركان تم تعيينه بعد تسويق خطط "ضخمة" للقيادة السياسية لهزيمة حماس، تبيّن لاحقًا أنها غير قابلة للتنفيذ، واعتبر أن رئيس الأركان بات يعتمد على الإحاطات الإعلامية بديلًا عن المواجهة الصريحة مع الجمهور، حتى لو تطلب الأمر استقالته أو إقالته.
وختمت "يديعوت أحرونوت" مقالها بالإشارة إلى أنّ: "الإخفاق الإسرائيلي في السابع من أكتوبر، في ذكراه السنوية الثانية، كشف أن مفهوم "المسؤولية" داخل جيش الاحتلال لم يتجاوز كونه شعارا فارغا من المضمون، تستخدم ثغراته لتجنب مواجهة القرارات الكارثية القادمة من المستوى السياسي، والمدفوعة باعتبارات حزبية لا علاقة لها بالحرب".