نشر موقع
كاونتر بانش تقريرًا ينتقد فيه سياسات بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية، معتبرًا أنها تشكّل خطرًا وجوديًا على اليهود أنفسهم يفوق أي تهديد خارجي، حيث يربط بين النزعة السلطوية لنتنياهو، جرائم غزة، وتداعياتها على مستقبل اليهودية عالميًا.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "
عربي 21"، إن نتنياهو يسعى للبقاء في السلطة عبر وسائل قمعية تشمل تنفيذ الإبادة الجماعية في غزة، وتعطيل الانتخابات، والانقلاب على القضاء، لقد حوّل منصبه إلى أداة استبداد، مجسدًا العديد من مؤشرات الطغيان التي حذّر منها تيموثي سنايدر"، غير أن أنصاره لم يحاسبوه على جرائمه، بل ازدادوا تمسكًا بالقومية العمياء والتديّن المتطرف والنزعة الانتقامية التي يغذيها هو وحكومته اليمينية المتطرفة.
وذكر الموقع أن نزعة نتنياهو الميكافيلية للفوز بالانتخابات وتفادي المحاكمة تهدد بنسف خطة ترامب ذات الـ21 نقطة بشأن غزة. ومهما كان مآل التفاهم بين إسرائيل وحماس، سيظل العالم اليهودي مثقلاً بعبء الإبادة الجماعية في غزة، التي رسخت في الوعي الإنساني هذا الإرث الدائم المرتبط بنتنياهو وحكومته.
إلقاء اللوم على الآخرين
وأشار الموقع إلى أن كثيرًا من أصحاب النوايا الحسنة يسيئون فهم مصدر القلق الحقيقي على أمن اليهود في العالم، إذ يروّجون مع قادة مثل ترامب ونتنياهو أن اعتراف دول مثل كندا وبريطانيا وفرنسا وأستراليا بدولة فلسطين يمثل الخطر الأكبر على إسرائيل واليهود، مضيفًا أن هذا استنتاج مضلل، فهذه الخطوة مشروطة بتخلي تلك الدول عن دعم حماس، وتُعد بارقة أمل نادرة منذ نحو عامين لإمكانية التعايش وتحريك مسار التسوية بعيدًا عن تطرف الصهيونية الدينية و(الجهادية الإسلامية)، غير أن حكومة نتنياهو واجهت هذه المبادرة الدولية بالتهديد مجددًا بضم أجزاء من الضفة، في رد استفزازي يقوض أي فرصة للتقدم.
وأضاف الموقع أن البعض الآخر يرى أن مقاتلي حماس يمثلون الخطر الأكبر على اليهود، عقب هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر. مع ذلك، ورغم مأساوية ذلك اليوم وأزمة الرهائن، فقد استنزفت حماس معظم مواردها ولم تعد تهدد وجود إسرائيل بالقدر نفسه، لكن الحكومة الإسرائيلية تجاهلت هذه الحقيقة، كما تجاهلت سلامة الرهائن وعائلاتهم، لتواصل حملة انتقامية عبر إبادة بالتجويع والموت الجماعي في غزة، وعبّر شاي هيرمش والد أحد ضحايا غلاف غزة عن ذلك بقوله: "كأن جميع الإسرائيليين محتجزون رهائن لدى حكومتهم".
تأثير الإبادة الجماعية
وقال الموقع إن إبادة غزة لا تفتك بأرواح الفلسطينيين الأبرياء فحسب، بل تُعرّض أيضًا المدنيين اليهود في أنحاء العالم للخطر، فالمتطرفون العنيفون يسارعون إلى توجيه ضرباتهم لكل من يعتقدون أنه يدعم أفعال الحكومة الإسرائيلية، وكثيرون منهم يخلطون بين الأتباع المتحمسين لنتنياهو وحاشيته وبين اليهود كافة، بغض النظر عن معارضتهم للنظام الإسرائيلي. وهكذا يلومون جميع اليهود - بل واليهودية نفسها - ويحملونها مسؤولية الإبادة الجماعية في غزة.
مع استمرار نتنياهو في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، ستزداد أوضاع اليهود حول العالم تدهورًا. وبحلول الوقت الذي تصدر فيه المحكمة الجنائية الدولية حكمها الرسمي خلال السنوات المقبلة باعتبار أن أفعال الحكومة الإسرائيلية ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، من المرجّح أن تكون المجتمعات اليهودية قد أصبحت أكثر عرضة للتهديدات والهجمات القاتلة مما هي عليه اليوم، في ظل تصاعد غير مسبوق في وتيرة العنف المعادي لليهود.
وأفاد الموقع بأن أعمال الإبادة الجماعية التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية تهدد مستقبل اليهودية عبر إذكاء "الكراهية الباطلة" التي تعمّق الانقسام الداخلي بين اليهود، في المقابل يزداد عدد اليهود، خاصة من الأجيال الشابة، الذين يُصدمون من تبرير بعض أبناء ديانتهم لجرائم تُرتكب باسم التقاليد اليهودية، فيدفعهم ذلك إلى هجر اليهودية كليًا. حتى أن صديقًا يهوديًا اعترف بعجزه عن ترديد تهنئة رأس السنة "لشانا توفا" بعد تلك الأفعال، وهو موقف يجسّد أزمة أوسع يعيشها الكثير من اليهود المعاصرين.
أين شعار "شعب إسرائيل حي"
لن يتحقق شعار "شعب إسرائيل حي"، الذي يعتبر من أشهر الهتافات الإسرائيلية، إلا بإدراك اليهود للخطر الذي يمثله حكم نتنياهو الإبادي. وكما دعا توماس باين قبل قرون للانفصال عن بريطانيا، يُطرح اليوم سؤال مشابه: ما الذي سيدفع اليهود للتحرك لإزاحة نتنياهو؟ الجواب هو البقاء. لقد تأسست إسرائيل لتكون ملاذًا آمنًا بعد المحرقة، أما الآن فبقاء اليهودية يتطلب إنهاء هذا النظام الاستبدادي، ولن يتحقق ذلك إلا بانتفاضة ملايين اليهود في الداخل والشتات.
وحذر الموقع من أن حكومة نتنياهو لا تكبح نزيف الدم أو الإبادة بل تُغذيهما، مطالبًا اليهود في أنحاء العالم بتطبيق المعيار نفسه، الذي تطالب به الدول الدولية تجاه حماس، على حكومتهم، لأن التقاعس عن ذلك سيكون مسؤولية تقع علينا ويعرّضنا للخطر.
"نداء يوم الغفران"
واختتم الموقع تقريره بالتأكيد على أن يوم الغفران يمثل فرصة لتجاوز مجرد التكفير عن خطايا حكومة إسرائيل، والدعوة لاتخاذ خطوات سلمية عاجلة لإنهاء حكم نتنياهو الذي يهدد مستقبل إسرائيل واليهودية.