عادت قضية "هانيبال" نجل العقيد الراحل معمر القذافي إلى الواجهة بقوة الآن وسط مطالبات ليبية وحقوقية للقضاء اللبناني بسرعة الإفراج عنه وعدم تسيسي قضيته ما يطرح تساؤلات حول مصيره ومستقبله السياسي.
وسيطرت القضية على المشهد العام في ليبيا وفي لبنان بعد تدهور حالة هانيبال الصحية داخل محبسه ونقله بشكل عاجل إلى إحدى مستشفيات بيروت بعد موافقة النائب العام التمييزي اللبناني، وتم إخضاعه لعلاج وفحوصات طبية شاملة.
"إفراجة وعائلته تستغيث"
وكشف وكيل
هانيبال القذافي، المحامي الفرنسي، لوران بايون أن تطورا جديدا قد يحرك القضية المجمدة منذ 10 سنوات، وهو أن عائلة المدعي، زاهر بدر الدين، ابن الصحافي عباس بدر الدين الذي اختفى في ليبيا مع الإمام
موسى الصدر وحسن يعقوب، وافقت على طلب إطلاق سراح القذافي، ووقعت على سند التبليغ الذي أُرسل إليها في الأول من تشرين الأول/أكتوبر الجاري.
وأشار بايون إلى أنه لم يُسمح له بمقابلة القذافي إلا مرة واحدة خلال هذا الأسبوع، وهو يعاني من مشاكل صحية تؤثر على حالته النفسية، مؤكدا أن موكله تُرك وحيداً، ولا تواصل مع الجانب الليبي المعني للبحث في قضيته، وما يحدث مع هانيبال فعل انتقام يفتقر إلى العدالة"، وفق تصريحاته لقناة "العربية".
في حين حمل الساعدي شقيق هانيبال القذافي النائب، نبيه بري ومرافقيه مسؤولية أي مكروه قد يصيب أخاه، مطالبًا الحكومة اللبنانية ورئيس الجمهورية بإطلاق سراحه فورا، وفق صفحته الرسمية.
والسؤال: هل سيتم إطلاق سراح هانيبال القذافي؟..وماذا عن مستقبله السياسي وموطن إقامته؟
"إخفاق لبناني"
من جهته، قال عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، سعد بن شرادة إن "توقيف هانيبال القذافي في لبنان تم ظلمًا وجورًا، كونه موقوفًا على قضية تعود لفترة لم يكن قد وُلد فيها بعد، والقضاء اللبناني أخفق في التعامل مع القضية، ومراكز القوة في لبنان كان لها تأثير كبير في استمرار احتجازه".
وأكد في تصريحات لـ"
عربي21" أن "
احتجاز هانيبال غير قانوني، وأنه مستقبلًا له الحق في العودة إلى ليبيا إذا أراد ذلك، ولا أعتقد أنه مطلوب محليا، والأولوية الآن في أن يتحمل
القضاء اللبناني مسؤوليته للإفراج عنه"، وفق رأيه.
"رأي قانوني مفصل"
في حين أوضح أستاذ القانون العام بالأكاديمية الليبية للدراسات العليا، وعضو المجلس العلمي بمكتب النائب العام الليبي، مجدي الشبعاني أن قضية هانيبال أُعيدت إلى الواجهة بفعل الضغوط الحقوقية والدبلوماسية، لكن القضاء اللبناني ما زال يتعامل معها كقضية جنائية مرتبطة باختفاء الصدر، وأي إفراج محتمل يحتاج إلى تسوية قانونية أو تفاهم سياسي، لأن إبقاء الملف عالقًا يسيء لصورة العدالة اللبنانية ويطيل أمد أزمة قانونية بلا مخرج واضح.
وأكد في تصريحات خاصة لـ"
عربي21" أن "إمكانية الإفراج عن نجل القذافي ترتبط بمدى جدية السلطات الليبية في التحرك القانوني والدبلوماسي، إذا وُجد تنسيق رسمي مع القضاء اللبناني، مع ضمانات واضحة، فهناك فرصة حقيقية، أما غياب التحرك الجاد سيجعل الملف مرهونًا بضغوط سياسية متقطعة لا أكثر، وباختصار: نجاح الدولة الليبية مرهون بإرادة سياسية مصحوبة بعمل قانوني منظم"، حسب كلامه.
"مستقبله السياسي والقانوني"
وبخصوص مستقبله القانوني والشخصي قال الشبعاني: "سيبقى ذلك رهينًا بقدرته على نيل ضمانات بعدم ملاحقته مجددًا، ففي حال تمت تسوية الملف، سيتاح له استعادة حريته وتنظيم حياته، لكن سيظل اسمه مرتبطًا بقضية حساسة أثرت على وضعه العام طوال عقد كامل، وبذلك فإن أي دور لاحق له سيكون محكومًا بسقف هذه القضية".
وأضاف: "العودة إلى ليبيا واردة إذا حصل على ضمانات أمنية وسياسية، لكن خيار اللجوء الخارجي يبقى مطروحًا إذا شعر أن عودته ستضعه في دائرة مخاطر جديدة. القرار في النهاية سيكون مبنيًا على تقييمه لمدى الأمان في الداخل الليبي، ما يعني أن عودته منوطة بالظروف الداخلية أكثر من رغبته الشخصية"، وفق رأيه القانوني.
وتابع: "من الناحية النظرية، لا يوجد ما يمنعه قانونًا إذا أُغلق ملفه نهائيًا، لكن عمليًا مشاركته السياسية مرهونة بمدى قبول القوى الليبية المختلفة له. قد يظل حضوره رمزيًا أكثر منه عمليًا، إلا إذا نجح في بناء تحالفات تُمكّنه من لعب دور مؤثر. ومن ثم فإن مشاركته – إن حدثت – ستبقى مشروطة بتوازنات الداخل الليبي وتعقيداته"، كما صرح لـ"
عربي21".
"مسألة وقت"
الأكاديمي والكاتب السياسي الليبي، فرج دردور قال من جانبه إن "قضية هنيبال القذافي لم تكن عادلة منذ بدايتها، وبالتالي من الطبيعي أن تلقى ضغوطات مع مرور الوقت بعد أن اتضح لعديد الدول وحتى في الداخل اللبناني بأن هنيبال بات رهينة لسلوك كان وقتها مازال طفلا، وسيكون الإفراج عنه مسألة وقت فقط".
وأشار إلى أنه "حتى الآن لا دور حقيقي وفعال للدولة الليبية في جهود الإفراج عنه، لأنها لا تمتلك وسائل الضغط اللازمة، ناهيك عن كونها مستباحة إقليميا ودوليا، أما مستقبل نجل القذافي فلن يتجاوز طلب الالتحاق بأسرته والعيش بسلام، ولن يكون له أي دور سياسي لأسباب كثيرة منها حجم الهزة التي تعرضت لها أسرته وكذلك معاناته الخاصة منذ 2011"، كما صرح لـ"
عربي21".