صحافة دولية

موقع يفضح مسؤولة أممية بغزة: فاوضت لإدخال طعام كلاب والناس تموت جوعا

الموقع قال إنها توطأت مع الاحتلال في عسكرة المساعدات- حساب أوتشا
الموقع قال إنها توطأت مع الاحتلال في عسكرة المساعدات- حساب أوتشا
كشف تقرير لموقع "The New Humanitarian" مسؤولين في الأمم المتحدة، ساعدوا الاحتلال في عملية عسكرة المساعدات الإنسانية المتجهة إلى القطاع.

ونقل الموقع شهادات لمسؤولين وموظفيين أمميين كيف أن سوزانا تكاليك نائبة منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة للأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو أرفع منصب للأمم المتحدة في غزة، سمحت للاحتلال بالتلاعب بالاستجابة للمساعدات، وكررت سرديات يروجها الاحتلال لقطعه المساعدات عن القطاع، فضلا عن إهانة الموظفين الفلسطينيين وأفراد المجتمع بغزة وتحميلهم مسؤولية نقص المساعدات.

وأشاروا إلى أن المسؤولة الأممية، فاوضت الاحتلال لإدخال طعام للكلاب إلى غزة، ونقلها إلى مكان آمن في خانيونس، في الوقت الذي كان سكان غزة لا يجدون الطعام ويعانون من التجويع والموت.

وفيما يلي النص الكامل للتقرير:

أفاد موظفون في مجال الإغاثة مشاركون في الاستجابة لغزة لموقع ‏ The New Humanitarian ‎أن الممثلة العليا للأمم ‏المتحدة في غزة قد ساهمت في تسليح إسرائيل من خلال المساعدات، وسببت توترا مع الزملاء الفلسطينيين والدوليين، ‏وساهمت في جهود إسرائيل لزرع الانقسام بين العاملين في المجال الإنساني‎.‎

تم تعيين سوزانا تكاليك في أوائل عام 2025 كنائبة منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة للأراضي الفلسطينية المحتلة – وهو ‏أرفع منصب للأمم المتحدة في غزة، ويشمل التفاوض على وصول المساعدات مع السلطات الإسرائيلية نيابة عن وكالات الأمم ‏المتحدة والمجتمع الإنساني الأوسع‎.‎
تحدث أحد عشر عاملا في مجال الإغاثة، مشاركون حاليا أو مؤخرا في الاستجابة لغزة – خمسة منهم في مناصب عليا – إلى ‏موقع ‏The New Humanitarian ‎عن تكاليك. وكانت مخاوفهم متشابهة: فهي سمحت للسلطات الإسرائيلية بالتلاعب ‏باستجابة المساعدات؛ وفشلت في مواجهة القيود المتزايدة؛ وأعادت بدون نقد تكرار النقاط التي تروجها إسرائيل؛ وأهانت ‏الزملاء الفلسطينيين وأفراد المجتمع، بما في ذلك بإلقاء اللوم عليهم بسبب نقص المساعدات‎.‎

وأشار تقريبا جميع العاملين في الإغاثة أيضا إلى مفاوضات تكاليك مع السلطات الإسرائيلية لإدخال طعام للكلاب إلى غزة ‏للكلاب الضالة بالقرب من أحد الملاجئ التابعة للأمم المتحدة في وقت كان فيه الفلسطينيون يموتون جوعا بسبب رفض ‏إسرائيل إدخال الغذاء إلى القطاع‎.‎

وقال أحد موظفي الأمم المتحدة‎:‎ "‎هي تهتم بالكلاب أكثر مما تهتم بالبشر هنا‎."‎ ووصف عامل إغاثة آخر مفاوضات تكاليك بشأن طعام الكلاب بأنها تظهر حساسية عميقة تجاه الزملاء الفلسطينيين‎.‎

وقال العديد من العاملين في الإغاثة إن تكاليك غالبا ما تكون غائبة عن غزة ‏ ‎أكثر بكثير من كبار موظفي الأمم المتحدة ‏السابقين الذين كانوا نادرا ما يغادرون القطاع. وهذه الرحلات المتكررة تضع ضغطا إضافيا وغير ضروري على موارد الأمم ‏المتحدة المجهدة أصلا، دون فائدة واضحة، حسب قولهم‎.‎
كما أشار العاملون إلى أن تكاليك تتجنب بشكل متزايد وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا‎، ‏وهي الوكالة التي طالما سعت إسرائيل لإلغائها‎.‎

اظهار أخبار متعلقة



قال أحد كبار العاملين في مجال الإغاثة‎:‎ ‎"‎يبدو أنها تذعن، أو تخدم المصالح الإسرائيلية، بطرق مختلفة‎."‎

وأضاف نفس العامل‎:‎ ‎"‎هم يحبونها لأنها توفر لهم شخصا للتحدث إليه لا يرفض بقوة، إن رفض على الإطلاق شخص ينقل رسائلهم مباشرة إلى ‏المجتمع الإنساني‎. ‎كانت سوزانا هي التي قدمت لهم الحزمة الكاملة، وهي الصمت والانصياع‎."‎

تحدث العاملون في الإغاثة إلى ‏The New Humanitarian ‎بشرط عدم الكشف عن هويتهم لتجنب العواقب المهنية، ولأنهم ‏لم يتحدثوا رسميا نيابة عن منظماتهم. وقال بعضهم إن لديهم تحفظات على طرح هذه القضايا علنيا، لكن هذه المخاوف طغت ‏عليها ما وصفوه بالقلق الواسع النطاق بشأن قيادة تكاليك لاستجابة المساعدات في غزة في وقت حيوي‎.‎

‎"‎تحت تأثير كوجات‎"‎

ويشغل منصب نائب منسق الشؤون الإنسانية‎ (DHC) ‎تمثيل الأمم المتحدة في غزة، ويعتبر أعلى مسؤول هناك ويشرف على ‏الجهود الإنسانية‎.‎

وكان جميع النواب الثلاثة السابقين لهذا المنصب من كبار مسؤولي الأونروا‎. ‎ولكن إسرائيل حظرت الأونروا في يناير ورفضت ‏منح التأشيرات لطاقمها الدولي، مما استدعى تعيين تكاليك. وقد تم تعيينها بشكل دائم في مايو‎.‎

وأشار كل العاملين في الإغاثة الذين تحدثوا إلى الموقع إلى قلقهم من علاقة تكاليك بـ‎  كوجات، وهو القسم العسكري ‏الإسرائيلي المسؤول عن التنسيق مع العاملين في المجال الإنساني‎.‎

ووفقا لكبير العاملين في الإغاثة‎:‎ ‎"‎لقد تم التلاعب بها باستمرار من قبل‎  كوجات."‎وأضاف‎:‎ ‎"‎كلما فكرت في الأمر أكثر، شعرت بالغثيان. أشعر بالدهشة لأنها لم تُعزل بعد‎."‎

وفي أواخر أغسطس، أعلنت إسرائيل عن خطط لهجوم كبير على مدينة غزة شمال القطاع، التي تعاني من المجاعة‎. ‎وحذر ‏وزير الحرب الإسرائيلي من أن المدينة قد تُدمر إذا لم تتخلى حماس عن أسلحتها وتفرج عن الأسرى الإسرائيليين.

في الأيام التي سبقت الهجوم، الذي أدى الآن إلى نزوح حوالي ‏‎780,000 ‎شخص، تفاوضت تكاليك مع السلطات الإسرائيلية ‏للسماح بتوزيع الخيام في جنوب غزة، على بعد عشرات الكيلومترات من مدينة غزة، وفقا لثلاثة من العاملين في الإغاثة‎.‎

وقالوا إن الاتفاق كان يُنظر إليه على نطاق واسع داخل المجتمع الإنساني على أنه قبول بالنزوح الجماعي لما يُقدّر بمليون ‏شخص يعيشون في المدينة‎.‎

وتحدث مسؤول في الأمم المتحدة لموقع ‏The New Humanitarian ‎عن زميل قال لتكاليك‎:‎ ‎"‎لن أشارك في التطهير العرقي لهؤلاء الناس‎."‎

وأضاف المسؤول‎:‎ ‎"‎نحن نضع خططا لدعم الناس الذين سيتأثرون بالعمليات العسكرية، وليس خططا تساعد في العمليات العسكرية نفسها‎."‎

وأدى خبر الاتفاق إلى قيام بعض العاملين في الإغاثة بتقديم شكاوى إلى توم فليتشر، أعلى مسؤول أممي في المجال ‏الإنساني، وفقا لمسؤول الأمم المتحدة الذي تحدث مع الموقع‎.‎

وقال المسؤول‎:‎ ‎"‎كلما فكرت في الأمر أكثر، شعرت بالغثيان. أشعر بالدهشة لأنها لم تُعزل بعد‎."‎

ورفض متحدث باسم جهاز تنسيق المساعدات الطارئة التابع للأمم المتحدة‎ (OCHA)‎، الذي يقوده فليتشر، التعليق على ‏قضايا تتعلق بالأفراد، مشيرا إلى اعتبارات أمنية. وقال المتحدث‎:‎ ‎"‎نقف خلف فريقنا في الميدان أثناء عملهم في ظروف صعبة للغاية‎."‎

ووصف أربعة من العاملين في الإغاثة حادثة أخرى في أواخر مايو، عندما تفاوضت تكاليك على تسليم الدقيق – وهو أول ‏إيصال للمساعدات منذ أن فرضت إسرائيل الحصار الكامل على غزة في أوائل مارس‎.‎

وكان يتم توزيع الدقيق سابقا مباشرة على الأسر عبر الأونروا. لكن بموجب اتفاق مايو، تمت الموافقة على توزيعه فقط على ‏المخابز ‏‎– ‎وهو أمر لم تكشف عنه تكاليك بشكل صحيح لموظفي الأمم المتحدة وقادة المجتمع الفلسطيني، وفقا لعدة من العاملين ‏في الإغاثة‎.‎

وقال مسؤول في الأمم المتحدة‎:‎ ‎"‎تم إجراء تفاوض خلف الأبواب بين مكتبها والمكتب العسكري للاحتلال، واستبعدت "أوتشا" من النقاشات.

وأضاف أن‎ أوتشا، ‎كانت تلعب دورا حاسما في تنسيق الاستجابة لغزة حتى تم تهميشها بواسطة تكاليك‎.‎

وأشار المسؤول إلى أن خطة التوزيع الخاصة بالمخابز فقط‎:‎ ‎"‎تم وضعها دون مشاركة المجتمع المحلي، إذ كانت المشاورات ستؤدي إلى رفضها‎."‎

وأعربت المنظمات المحلية وقادة المجتمع الفلسطيني في ذلك الوقت عن قلقهم من أن الخطة‎:‎ ‎"‎تمثل مخاطر على الناس، وتلتف على الوصول الكرام إلى الغذاء، وستؤدي في النهاية إلى فشل الأمم المتحدة‎."‎

كما أعطى نموذج التوزيع المركزي مزيدا من السيطرة للسلطات الإسرائيلية، التي أصدرت أوامر بنقل السكان وأغلقت جميع ‏المخابز ما عدا أربعة مراكز كانت تتلقى الدعم من برنامج الأغذية العالمي‎.

وكانت المخابز الأربعة العاملة في دير البلح، وسط غزة، تاركة لا مخابز في شمال غزة، حيث كانت السلطات الإسرائيلية تقيّد ‏الوصول إلى الغذاء باستمرار، في الوقت الذي كانت تطلب فيه من السكان الإخلاء‎.‎

وبعد دخول الدقيق، أبلغت جمعية أصحاب المخابز أنهم غير متأكدين من كيفية توزيع الخبز‎. ‎وقال بعض أصحاب المخابز إنهم ‏يخشون أن يؤدي التوزيع المركزي إلى تقييد الوصول وإحداث فوضى‎.‎

وصلت الشاحنات لمدة يومين، وحمى أفراد المجتمع الفلسطيني القوافل من النهب‎. ‎لكن عندما اكتشف الجائعون أنهم لن يحصلوا ‏على أي دقيق مباشرة، وأنه عليهم "الذهاب والقتال للحصول على الخبز لإطعام أسرهم‎"‎، انهارت الثقة وبدأت عمليات النهب، ‏وفقا لمسؤول الأمم المتحدة‎.‎

وقال المسؤول‎:‎ ‎"‎لم يعد بإمكان قادة المجتمع، حسب تقديري وبحسن نية، النصيحة بحماية الشحنات عندما كانوا يعلمون أن فرص حصول الناس ‏على أي شيء ضئيلة‎."‎

كما كان متوقعا، تحولت الحشود المنتظرة أمام المخابز إلى فوضى‎. ‎وأغلق أحد المخابز التي تم توصيل دقيق برنامج الأغذية ‏العالمي‎ (WFP) ‎إليها في 21 مايو بعد يوم واحد فقط؛ وأُغلقت بقية المخابز بحلول 25 مايو‎، ومع تلاشي أي أمل ضئيل، ساءت الأمور أكثر‎.‎

في 28 مايو، بعد انتهاء ترتيب المخابز مباشرة، نهبت حشود من الجائعين مستودع برنامج الأغذية العالمي في دير البلح ‏بحثا عن الدقيق. وأسفر ذلك عن وفاة أربعة أشخاص نتيجة الدهس أو إطلاق النار، كما تم تدمير معدات الأمم المتحدة‎.‎

وأفادت‎ أوتشا، إن معظم الدقيق الذي دخل بعد ذلك تم اعتراضه أثناء النقل إلى مستودعات الأمم المتحدة وأخذه من قبل ‏المدنيين أو المسلحين‎.‎

وفي الأيام التي تلت سماح السلطات الإسرائيلية بشحن الدقيق إلى القطاع، شنت القوات الإسرائيلية أيضا غارات جوية على ما ‏لا يقل عن مخبزين وعلى عناصر الشرطة والأمن المدنيين الذين كانوا يحمون قافلة توصيل الدقيق إلى مدينة غزة، ما ‏أسفر عن مقتل أو إصابة نحو 100 شخص‎. ‎وتُعد هذه الضربات جزءا من نمط هجمات على طالبي المساعدات تقوم به ‏إسرائيل لنزوح السكان وتحقيق أهداف عسكرية أخرى‎.‎

وبحسب اثنين من العاملين في الإغاثة، ألقت تكاليك باللوم على قادة المجتمع الفلسطيني بعد تسليم الدقيق في مايو لفشلهم ‏في منع النهب، ما خلق لإسرائيل ذريعة لرفض التوزيع على الأسر‎.‎

وقال أحد موظفي الأمم المتحدة‎:‎ ‎"‎حمّلت الناس المسؤولية عن عدم التوزيع على الأسر، رغم أن الإسرائيليين هم من حظروا ذلك منذ البداية‎."‎

‎"‎الصمت والانصياع‎"‎
وانتقد نواب المنسقين السابقون وكبار موظفي الأمم المتحدة الفظائع الإسرائيلية بشكل مباشر في بيانات رسمية عامة‎، وأشار ‏عدة من العاملين في الإغاثة إلى أن تكاليك لم تفعل الشيء نفسه‎.‎

وقال أحد العاملين في الإغاثة إن نهج تكاليك في التعامل مع السلطات الإسرائيلية كان "مطيعا" و"خاضعا‎".

وأشار عدة من العاملين إلى أن تكاليك تبدو مفرطة في التقدير والاحترام للسلطات الإسرائيلية، وتحتفل عندما يُسمح بدخول ‏كميات صغيرة من الإمدادات إلى غزة من قبل نفس السلطات التي كانت تمنعها سابقا‎.‎

وقال أحد موظفي الأمم المتحدة‎:‎ ‎"‎جعلتها تبدو كما لو أنهم مذهلون لمجرد موافقتهم على السماح بهذا‎"، وذكرت مسؤولة في الأمم المتحدة تحدثت مع ‏The New Humanitarian ‎أن تكاليك كانت تقول للزملاء أحيانا‎:‎ ‎"‎المفاوضات مع‎  المكتب العسكري‎تسير على نحو جيد جدا، وهم يبذلون جهدا حقيقيا‎".

وأضاف المسؤول‎:‎ ‎"‎هذا جهاز للدولة يمارس الإبادة الجماعية"، مضيفا أن هذا النهج المطيع والصامت لم يفشل فقط في معالجة قيود إسرائيل على ‏المساعدات، بل يجعل الأمم المتحدة متواطئة‎.‎

وقالت تكاليك إن تفاعلها مع‎  كوجات‎كان دائما مبدئيا وواضحا ومتسقا بهدف وحيد هو تأمين المساعدات ‏للفلسطينيين المحتاجين في غزة‎.‎

وقال بعض العاملين في الإغاثة إنهم يعتقدون أن تكاليك تعتقد حقا أن تلطيف موقف إسرائيل سيزيد من وصول المساعدات، ‏لكنهم اعتبروا أن هذا النهج مضلل‎.‎

وقال أحد كبار العاملين في الإغاثة‎:‎ ‎"‎هي تكرر باستمرار أمام المجتمع الإنساني ضمانات تلقتها من‎  كوجات، ولم يتحقق أي منها فعليا أبدا‎."‎

ووصف اثنان من العاملين في الإغاثة اجتماعا مع قادة المنظمات غير الحكومية الدولية في أواخر أغسطس، حيث قامت ‏تكاليك، إلى جانب رئيسها، منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة راميز الأكبروف، بتقديم صورة متفائلة عن جهود المساعدات ‏في غزة. وقال العاملان إن هذه الصورة كانت مخالفة تماما للواقع الذي كان يراه زملاؤهم على الأرض‎.‎

وجاء الاجتماع قبل أيام قليلة من استنتاج لجنة خبراء مدعومة من الأمم المتحدة أن أكثر من نصف مليون شخص يعانون من ‏المجاعة في مدينة غزة والمناطق المحيطة بها، مع توقع أن تكون الظروف سيئة بنفس القدر في أقصى شمال غزة، وبقية ‏القطاع على بعد أسابيع قليلة فقط‎.‎

وأفادت وزارة الصحة في غزة أن ما لا يقل عن 185 شخصا ماتوا جوعا في أغسطس‎.‎

وردا على تكاليك خلال الاجتماع، أعرب قادة المنظمات غير الحكومية الدولية عن قلقهم بشأن الحالة الكارثية ‏لوصول المساعدات  ‎بما في ذلك رفض السلطات الإسرائيلية السماح بدخول الخيام وغيرها من مواد المأوى إلى غزة، ‏نقص صهاريج الوقود، وتهديد شطب المنظمات الدولية غير المتوافقة مع اللوائح الإسرائيلية الجديدة الصارمة‎.‎

لكن بدلا من معالجة مخاوف قادة المنظمات، قامت تكاليك "بتعداد كل الأمور التي تسير على ما يرام‎"‎، حسبما ‏ذكر أحد العاملين في الإغاثة. وشملت تلك النجاحات المحدودة الإذن بإدخال أعلاف الحيوانات‎.‎

اضطر سكان غزة سابقا إلى أكل أعلاف الحيوانات نتيجة المجاعة المفروضة‎. ‎وبحسب الأمم المتحدة، فإن ‏‎1.5 بالمئة‎فقط من ‏الأراضي الزراعية في غزة لا تزال متاحة وسليمة‎. ‎وحتى نوفمبر 2024، قدّرت الأمم المتحدة أن ‏‎95 بالمئة ‎من الماشية الكبيرة ‏قد قتلت، إلى جانب نصف ما تبقى من الماعز والأغنام‎.‎

وقال أحد العاملين في الإغاثة‎:‎ ‎"‎كان الاجتماع بأكمله فوضى‎."‎
وأشار عدة من العاملين إلى أن تكاليك، في جوهر نهجها، اقترحت أن يقبل المجتمع الإنساني بأقل مما يحصلون عليه حاليا من ‏المسؤولين الإسرائيليين‎.‎

وقالت تكاليك إن مفاوضاتها حققت "مكاسب مهمة‎"‎، بما في ذلك زيادة دخول الغذاء والوقود والكلور لتنظيف المياه، ‏وإعادة فتح المعابر‎.‎

وأضافت‎:‎ ‎"‎هذه الخطوات لا تزال بعيدة عن الكفاية، وسأواصل الدفاع عن وصول المزيد من المساعدات إلى الناس بأمان، وحماية ‏المدنيين، مسترشدين بمبادئ الإنسانية والحياد والاستقلالية والموضوعية‎."‎

ومع ذلك، اعترض العاملون في الإغاثة على تقييم تكاليك للتقدم المُحرز، كما أن تقارير الأمم المتحدة تُظهر صورة أكثر ‏تعقيدا ولكنها قاتمة‎.‎

أنهت السلطات الإسرائيلية حصارا تاما للمساعدات استمر ما يقرب من ثلاثة أشهر في أواخر مايو، خلال فترة تكاليك، ولكن ‏ذلك جاء بعد تقرير مدعوم من الأمم المتحدة حذر من مجاعة وشيكة، وفي ظل صور يومية لأطفال جائعين‎.‎

كما تزامن نهاية الحصار مع زيادة الحرمان والمجاعة في الشمال، حيث لم تدخل أي مساعدات إنسانية تقريبا منذ أن أغلقت ‏السلطات الإسرائيلية آخر معبر وشنّت هجوما على مدينة غزة في منتصف سبتمبر. وفي نهاية سبتمبر، لم تكن هناك سوى ‏ثمانية مطابخ مجتمعية شمال القطاع لا تزال تعمل، تقدم طعاما أقل بنسبة 70 بالمئة مقارنة بالشهر السابق؛ وأغلقت معظم ‏المخابز وانتقلت إلى الجنوب‎.‎

وعبر غزة، الخضروات واللحوم ومنتجات الألبان غير متوفرة إلى حد كبير‎. ‎ومنذ إعلان المجاعة في مدينة غزة في 22 ‏أغسطس، مات 175 شخصا جوعا في القطاع‎. ‎ولا تصل سوى قلة من القوافل إلى وجهتها دون أن تُنهب من قبل جائعين أو ‏عصابات مسلحة‎.‎

ارتفع متوسط عدد الوجبات اليومية من وجبة واحدة إلى ما يقرب من وجبتين بين يوليو وسبتمبر، وفقا لبرنامج الأغذية العالمي‎ ‎‎(WFP). ‎لكن كمية الشحنات التي استلمتها وكالات الإغاثة انخفضت بنسبة تقارب 60 بالمئة في النصف الثاني من سبتمبر، ‏حسب تقرير‎ أوتشا.

وأفاد التقرير‎:‎ ‎"‎خطوط الإمداد إلى قطاع غزة، وخاصة إلى مدينة غزة المتضررة من المجاعة، كانت غير متوقعة"، مشيرا إلى سلسلة من ‏الإغلاقات الحدودية التي فرضتها إسرائيل‎.‎

وفي أوائل سبتمبر، أبلغ‎  أوتشا‎أن نقص الكلور ساهم في "ارتفاع حالات الإسهال"، التي شكلت أكثر من ثلث جميع ‏الأمراض المبلغ عنها في غزة‎.‎

وسمحت إسرائيل بدخول كمية ضئيلة من الوقود منذ يوليو، وهي جزء صغير فقط مما يلزم لتشغيل الخدمات الأساسية ‏الحيوية، وفقا لتوم فليتشر، رئيس أوتشا.

وقال أحد كبار العاملين في الإغاثة إن ادعاءات تكاليك بتحقيق مكاسب كبيرة هي "مثال على كيفية تخفيف الضغط على‎ ‎ كوجات‎من خلال هذا النوع من التفاعل‎".

الغيابات المتكررة

وأشار عدة من العاملين في الإغاثة إلى أن مكاتب تكاليك رفضت بشكل متكرر تقديم ملخصات مكتوبة لمناقشاتهم ‏مع‎  كوجات، مما جعل وكالات الإغاثة تتفاجأ بالاتفاقات التي تم التوصل إليها دون علمهم‎.‎

وقالت تكاليك‎:‎ ‎"‎المعلومات من اجتماعاتي مع‎  كوجات‎يتم مشاركتها على نطاق واسع‎."‎

في الوقت نفسه، أعرب عدة من العاملين في الإغاثة عن قلقهم من أن تكاليك لا تنقل معلومات دقيقة أو كاملة بين الميدان ‏والقيادة العليا‎. ‎وقال أحد العاملين‎:‎‎"‎أقوم الآن بالتواصل مع موظفين آخرين في الأمم المتحدة للتحقق من المعلومات التي تلقيتها من نائب المنسق، لأنني لا أعتقد أنها ‏تنقل الرسالة الصحيحة‎."‎

كما أعرب عدة من العاملين عن قلقهم من الرحلات المتكررة لتكاليك خارج غزة للقاء السلطات الإسرائيلية شخصيا‎، وترك غزة يتطلب تنسيقا أمنيا واسعا وتخطيطا دقيقا، بالإضافة إلى سيارات مصفحة وموظفين من الأمم المتحدة، بمن فيهم ‏قادة القوافل المدربون  ‎وكلها موارد محدودة ومطلوبة لنقل الإمدادات وتنفيذ مهام أخرى داخل غزة‎.‎

كما أن غياب تكاليك يرسل رسالة للعاملين الآخرين في غزة‎.‎

وقال أحد العاملين‎:‎ ‎"‎وجود قيادة الأمم المتحدة في غزة يعني شيئا إنه يطمئن وكالات الإغاثة الأخرى بأن القيادة موجودة هنا، وغزة ليست مجرد ‏‏جانب آخر من العالم‏‎".

وأضاف‎:‎ ‎"‎لفهم سياق غزة، تحتاج إلى عيشه. ولكن إذا كنت تأتي لبضعة أسابيع فقط ثم تذهب إلى اجتماع آخر مع‎  كوجات، فهذا لا ‏يفيد‎."‎

‎"‎الاستجابة أصبحت أكثر انقساما‎"‎

قال العاملون في الإغاثة الذين تحدثوا مع الموقع ‎إن قيادة تكاليك شجعت على نهج أكثر انقساما، ‏حيث تتفاوض الوكالات الفردية مباشرة مع المسؤولين الإسرائيليين وهو السيناريو الذي حاولت السلطات الإسرائيلية ‏إنشاؤه منذ بداية الحملة في غزة‎.‎

وقال أحد العاملين‎:‎‎"‎لم تحقق شيئا سوى قيادة الأمم المتحدة أكثر تفككا‎."‎

وأشار عدد من العاملين إلى أن بعض وكالات الأمم المتحدة تتصرف الآن بشكل مستقل، كما قال أحدهم محاولة التوصل إلى ‏صفقات خاصة بها مع المسؤولين الإسرائيليين لإدخال مواد حيوية مثل الوقود‎.‎

كما أن قيادة تكاليك بدأت تدريجيا بإقصاء الأونروا عن عمليات الأمم المتحدة في غزة، مستبعدة موظفي الوكالة من ‏الاجتماعات الرئيسية، ودافعة لتوزيع بعض مسؤولياتها على وكالات أخرى، وفقا لعدة من العاملين في الإغاثة. وقال أحدهم‎:‎ ‎"‎تتجنب الأونروا كما لو أنها لم تعد موجودة‎."‎

ويُعد إقصاء الأونروا هدفا طويل الأمد للسلطات الإسرائيلية، التي ترى في الوكالة رمزا رئيسيا للقضية الفلسطينية. بالإضافة ‏إلى قتل أكثر من 300 موظف من الأونروا، حاولت إسرائيل قطع التمويل الدولي عن الوكالة وقطعها عن باقي النظام ‏الإنساني من خلال اتهامات مشبوهة بالارتباط بجماعات فلسطينية‎.‎

وقال مسؤول أممي وعامل آخر في الإغاثة إن تكاليك فضلت برنامج الأغذية العالمي‎ (WFP) ‎لتوزيع الطعام وهامشت ‏الأونروا ‏‎– ‎رغم أن، كما قال أحدهم،‎"‎كل طبقة من هذا المجتمع تطلب الأونروا وتريد أن تكون هي المسؤولة عن التوزيع‎."‎

على مدى العامين الماضيين، استخدم موظفو الأونروا المحليون نظام التسجيل الواسع وبنية التوزيع الضخمة، بما في ذلك ‏العيادات والمدارس المحولة إلى ملاجئ، لمواصلة تقديم المساعدات للناس في غزة‎.‎

وعلى الصعيد العام، حاولت وكالات الأمم المتحدة الأخرى الحفاظ على جبهة موحدة لدعم الأونروا في مواجهة الهجمات ‏العسكرية والإدارية المستمرة من إسرائيل‎. ‎وقال العاملون في الإغاثة مرارا، بما في ذلك لـ ‏The New Humanitarian، ‏إن الاستسلام لهذا الضغط يمكّن طرفا في النزاع من استخدام المساعدات كأداة سياسية، وتقليص الاستجابة الإنسانية إلى ‏الحد الأدنى من توزيع الغذاء‎.‎

ويبدو أن القادة الإسرائيليين يفضلون أن يتولى‎ WFP ‎توزيع الطعام‎. ‎ففي أغسطس، تم تصوير المدير التنفيذي للوكالة سيندي ‏ماكين وهي تصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو‎. ‎وأصدر الاثنان بيانا مشتركا بعد "اجتماع بناء" ناقشا فيه ‏أهمية حماية المدنيين من الجوع وسوء التغذية‎.‎
وعلى الرغم من أن‎ WFP ‎يوصل كميات كبيرة من الإمدادات إلى غزة، إلا أنه يفتقر إلى بنية التوزيع التي بنتها الأونروا ‏على مدى عقود‎. ‎وقد ذكرت‎ WFP ‎أنها يمكن أن تصل إلى 1.6 مليون شخص في غزة، التي يقدّر عدد سكانها بـ 2.1 مليون ‏نسمة‎.‎

وقال أحد العاملين‎:‎ ‎"‎ماذا عن البقية؟ من يطعمهم؟ هي لا تطرح هذا السؤال أبدا. إذن البقية يمكن أن يظلوا جائعين‎."‎

وأشار المسؤول الأممي إلى أن إقصاء تكاليك للأونروا هو السبب الأخير الذي يجعل العديد من الوكالات الآن غير قادرة على ‏تقديم المساعدات‎.‎

‎وعلق أحد العاملين على تصريحات تكاليك بتمسكها بالأونروا‎:‎ ‎"‎يصعب على عقلي تصديق أن شخصا يمكن أن يكذب بشكل صارخ أمام جبل من الأدلة التي تثبت العكس‎."‎

‎"‎إهانة بلا حدود‎"‎
في منتصف عام 2025، خلال الهجوم الإسرائيلي على دير البلح، حاولت تكاليك استخدام موارد الأمم المتحدة لإدخال طعام ‏للكلاب الضالة إلى غزة بالقرب من بيت الضيافة الذي تقيم فيه، وكذلك لإجلاء تلك الكلاب، حسبما أخبر عدة من العاملين في ‏الإغاثة ‏للموقع.

وقال أحد كبار العاملين‎:‎ ‎"‎لقد تفاوضت فعليا مع‎  كوجات‎لإدخال كميات كبيرة من طعام الكلاب إلى غزة في الوقت الذي كان يُمنع فيه دخول الطعام ‏لموظفي الأمم المتحدة. قد يبدو الأمر تافها، لكنه أيضا يعكس حساسيتها المحدودة لمكان وجودها‎."‎

وفي أغسطس، كان ‏‎39 بالمئة ‎من سكان غزة لا يتناولون الطعام لأيام متتالية، وكان الآباء يتجاوزون وجباتهم ليأكل أطفالهم، ‏وفقا لتقارير خبراء المجاعة المدعومة من الأمم المتحدة. وأفاد أن العاملين في المساعدات والرعاية الصحية كانوا يغمى عليهم ‏جوعا أثناء العمل‎.‎

ووصف أحد العاملين في الإغاثة حادثة طعام الكلاب بأنها مسألة واجب رعاية تجاه زملائهم الفلسطينيين‎:‎ ‎"‎لدينا موظفو إغاثة يقومون بعملهم على أكمل وجه، لكننا لا نطعمهم‎."‎

وفي يوليو، أصدرت السلطات الإسرائيلية أوامر إخلاء تغطي جزءا من دير البلح حيث كانت للأمم المتحدة مرافق‎. ‎وخلال ‏الهجوم، تعرض بيت ضيافة تابع لمنظمة الصحة العالمية للقصف الإسرائيلي وتمت مداهمته من قبل الجنود الذين احتجزوا ‏وفتشوا موظفي الأمم المتحدة الفلسطينيين بشكل عار‎.‎

اظهار أخبار متعلقة



وأخبر عدد من العاملين في الإغاثة الموقع، ‎أنه خلال الهجوم، طلبت تكاليك مركبة تابعة للأمم ‏المتحدة لنقل الكلاب من بيت الضيافة في دير البلح إلى موقع آخر في خانيونس، لكن الموظفين رفضوا‎.‎
وأدت سلوكيات أخرى إلى توترات إضافية مع الزملاء الفلسطينيين والمجتمع المدني‎.‎

في يونيو، استضافت تكاليك إحاطة صحفية مع صحفيين من غزة حيث نصحتهم بعدم تشجيع مجتمعاتهم على نهب ‏المساعدات، وفقا لبيان أصدره الصحفيون لاحقا لموظفي الأمم المتحدة واطلعت عليه .

وأشار البيان إلى أن تصريحات تكاليك المكتوبة مسبقا لم تذكر إسرائيل‎.‎

وكتب الصحفيون‎:‎‎"‎لا يمكنكم مناقشة النهب دون الإشارة إلى جرائم الاحتلال. كل واحد منا جائع. فقدنا أفراد عائلته أن توبخونا وتحمّلونا ‏المسؤولية، وأن تطلبوا منا إدارة مجتمعاتنا والرد على الجريمة المنظمة التي تتحمل الاحتلال مسؤوليتها‎ ‎إنه إهانة بلا ‏حدود‎."‎

وأضافوا‎:‎ ‎"‎لن نشارك في هذه الاجتماعات المسماة بمائدة مستديرة في المستقبل مع نائبة المنسق الإنساني. نتطلع إلى مناقشات مع ‏زملاء آخرين من الأمم المتحدة تعاملونا باحترام بناء على فهم مشترك لما تمر به غزة‎."‎

وأشار عدد من العاملين في الإغاثة إلى مواقف مشابهة بين كبار موظفي الأمم المتحدة الآخرين، بما في ذلك آلاك بروف، ‏رئيسها الذي تم تعيينه مؤخرا، والذي يشغل أيضا منصب نائب المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق ‏الأوسط‎.‎

وأعرب أربعة من العاملين في الإغاثة عن قلقهم من تصريح بروف في أغسطس الذي وصف المجاعة في غزة بأنها "من ‏صنع الإنسان بالكامل" دون ذكر إسرائيل  ‎وهو حذف وصفه أحد العاملين بأنه ‏‎"‎مخز تماما‎".

وقال أحد كبار العاملين في الإغاثة‎:‎ ‎"‎سمعتُه يعلق قائلا: لماذا لا تعيد حماس جميع الرهائن فقط، كما لو أن ذلك سينهي الأمور. أعتقد أن الأمور واضحة جدا فيما ‏يتعلق بالقيم‎."‎

وأشار عدد من العاملين في الإغاثة إلى مخاوف مشابهة حول الاجتماع الذي جمع نتنياهو وسيندي ماكين، رئيسة‎ WFP ‎في ‏أغسطس‎.‎

وقال أحد كبار العاملين‎:‎ ‎"‎لا أعرف أي سياق آخر يمكن لوكالة أممية أن تصدر بيانا مشتركا مع شخص مطلوب من المحكمة الجنائية الدولية"، في إشارة ‏إلى المحكمة الجنائية الدولية، حيث يُطلب محاكمة نتنياهو بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية‎.‎

‎"‎لقد كان راميز آلاك بروف متسقا وحاسما، سواء علنا أو سرا، في الدعوة للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، ‏وكذلك لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة دون قيود. يظل تركيزه على تخفيف المعاناة الهائلة للمدنيين وضمان ‏الالتزام بالمبادئ الإنسانية‎."‎

‎"‎لقد رأيت أسوأ في جوما‎"‎

بالنسبة للعديد من العاملين في الإغاثة في غزة، تبدو تكاليك غير متمرسة وغير مهتمة بالسياق الفلسطيني، حيث حافظت ‏إسرائيل على احتلال عسكري شبه مستمر لمدة تقارب السبعة عقود، اعتبرته محكمة العدل الدولية غير قانوني ووصفته منظمات ‏حقوق الإنسان العالمية الرائدة بأنه نظام فصل عنصري‎.‎

وقال أحد كبار العاملين‎:‎ ‎"‎كانت ترى أن الوضع هنا مثل أي مكان آخر، ويمكنها التعامل مع السلطات كما فعلت في أي سياق آخر‎."‎

وقبل انتقالها إلى غزة في 2025، عملت تكاليك نائبة منسق الشؤون الإنسانية في جمهورية الكونغو الديمقراطية‎ (DRC). ‎وقبل ذلك، عملت مع خدمات الإغاثة الكاثوليكية لأكثر من عقد، بما في ذلك مع فريق الاستجابة الطارئة، ثم انتقلت إلى اللجنة ‏الدولية للإنقاذ، حيث شاركت في الاستجابات الإنسانية في اليمن وسوريا والأردن وغيرها من الدول‎.‎

وتذكر أحد كبار العاملين قولها‎:‎ ‎"‎لقد رأيت أسوأ في جوما"، في إشارة إلى خبرتها السابقة خلال الصراع في شرق الكونغو‎.‎

وأشار أحد كبار العاملين إلى أن القادة الإنسانيين الجدد الذين يصلون إلى فلسطين غالبا ما يعتقدون أنهم يمتلكون "لمسة ‏سحرية مع السلطات الإسرائيلية‎".‎

لكنهم يواجهون بيروقراطية إسرائيلية هائلة استخدمت على نحو منهجي التلاعب أو العنف الصريح لتوظيف النظام الإنساني لأهداف ‏سياسية وعسكرية. على مدى العامين الماضيين، وصف العديد من العاملين في الإغاثة لـ‎ The New Humanitarian ‎متغيرات من ‏نفس الفخاخ التي يقول آخرون إن تكاليك وقعت فيها الآن – وهي جزء من كتاب قواعد طويل الأمد‎.‎

وقال أحد العاملين‎:‎ ‎"‎سيبعثون بألطف شخص يمكنهم إيجاده للقاءك، ليجعلك تشعر بأنك مسموع ومفهوم، وأنهم سيقدمون لك المساعدة‎."‎

حتى عندما لا تؤدي هذه المفاوضات إلى أي نتيجة، فإن لها تأثيرا مريبا. وأضاف العامل‎:‎ ‎"‎تشعر وكأن لديك شخصا من الداخل يريد مساعدتك، وتشعر بالرضا، وتريد الاستمرار في متابعة ذلك، بينما في النهاية، يكون الأثر ‏إما معدوما أو ضئيلا جدا‎."‎

وغالبا ما يعاد استخدام نفس التقنيات. قبل عام من مفاوضات تكاليك مع السلطات الإسرائيلية للسماح بدخول الخيام إلى جنوب غزة، ‏كان سيناريو شبه مماثل على وشك الحدوث قبل غزو إسرائيل لرفح‎.‎

بعد أن رفضت السلطات الإسرائيلية لأشهر السماح باستيراد مواد المأوى، مما أجبر العديد من الفلسطينيين على تحمل شتاء قارص ‏ورطب في العراء، بدأت السلطات في الاتصال بالمنظمات غير الحكومية، وعرضت عليها عشرات الآلاف من الخيام التي اشترتها ‏وكانت تخطط لإدخالها إلى جنوب غزة قبل العملية المخططة في رفح التي شردت ما يقرب من مليون شخص وأدت إلى انهيار ‏النظام الإنساني‎.‎

ورفضت معظم مجموعات الإغاثة هذا العرض. واعتبر العاملون في الإغاثة في ذلك الوقت أن هذه محاولة واضحة للتلاعب، حيث ‏أخبر بعضهم الموقع ‎أن قبولها قد يجعل العاملين في الإغاثة متواطئين في التطهير العرقي‎.‎

وقال أحد كبار العاملين ومسؤول أممي إن قادة الأمم المتحدة في فلسطين قبل وصول تكاليك كانوا يفهمون هذا السيناريو ويحافظون ‏على علاقة أكثر عدائية مع السلطات الإسرائيلية. وأضافا أن تلك العلاقة كانت تبدو أكثر انسجاما مع المبادئ الإنسانية‎.‎

وقالوا إن القيادة الحالية شعرت تدريجيا بأنها أكثر توافقا مع أهداف إسرائيل‎.‎

وقال المسؤول الأممي‎:‎ ‎"‎أشعر أن نائب المنسق الإنساني قام بتهميش أي شخص يمتلك بوصلة أخلاقية‎."‎

وأضاف أحد كبار العاملين‎:‎ ‎"‎نحن لسنا هنا لنكون أصدقاء مع أطراف النزاع – بالتأكيد ليس مع من يُتهمون بارتكاب إبادة جماعية. وجود علاقة متوترة ليس ‏علامة على الفشل، بل علامة على أننا نقوم بواجبنا‎."‎
التعليقات (0)

خبر عاجل