طب وصحة

هل يمكن لفحص البروتين في البول الكشف عن خطر الإصابة بالخرف مبكرا؟

اكتشف باحثون سويديون أن البول الرغوي الذي يدفع الناس للذهاب إلى المرحاض أكثر من المعتاد قد يزيد من خطر الإصابة بالخرف- جامعة كارولينسكا
أظهرت دراسة جديدة أن اختبار بول بسيط قد يكشف عن خطر الإصابة بالخرف قبل عقود من ظهور الأعراض، ما يشكل علامة تحذير مبكرة لمشاكل الذاكرة.

ونشر موقع "كونفيرزيشن" مقالا للأستاذة المساعدة في قسم طب الشيخوخة السريري في جامعة كارولينسكا السويدية،  هونغ شو كفت فيه عن نتائج الدراسة التي أظهرت أن الأشخاص الذين لديهم مستويات أعلى من البروتين المتسرب إلى بولهم - وهي حالة تُعرف باسم بيلة الألبومين - لديهم احتمالية أكبر بكثير للإصابة بالخرف. وكان الارتباط أقوى في حالة الخرف الوعائي، وهو ثاني أكثر أنواع الخرف شيوعا بعد الزهايمر، والخرف المختلط، الذي يجمع بين سمات كلا النوعين.

وأشارت إلى أن الأهم من ذلك، أن هذا الارتباط ظل صحيحا بغض النظر عن مدى كفاءة وظائف الكلى لدى المشاركين بشكل عام. بمعنى آخر، يبدو أن البروتين في البول يتنبأ بخطر الإصابة بالخرف بشكل مستقل، حتى عندما تبدو نتائج اختبارات الكلى القياسية طبيعية.

كما أوضحت أن نتائجهم تُبرز مدى الترابط الوثيق بين الكلى والدماغ. يعتمد كلاهما على شبكات من الأوعية الدموية الدقيقة والحساسة للعمل بشكل صحيح. عندما تتضرر هذه الأوعية - بسبب ارتفاع ضغط الدم أو داء السكري أو عوامل أخرى - فإن الضرر نفسه الذي يُسبب تسرب البروتين إلى البول يُمكن أن يُقلل أيضا من تدفق الدم إلى الدماغ.

وقالت إن الكلى تعمل كمرشحات، حيث تُحافظ على البروتينات المفيدة في الدم وتُصفّي الفضلات. عندما تتضرر هذه المرشحات، يبدأ بروتين الألبومين بالتسرب، وبينت أن الدماغ يمتلك حاجزا وقائيا خاصا به - الحاجز الدموي الدماغي - مُكوّن من خلايا مُتراصة بإحكام تمنع المواد الضارة من دخول أنسجة الدماغ. وكما تُصبح مرشحات الكلى التالفة مُسربة، فإن الحاجز الدموي الدماغي المُتضرر يسمح للسموم والجزيئات الالتهابية بالمرور، مما قد يُحفز التغيرات الدماغية التي تُؤدي إلى الخرف.



وأكدت أن هذا الاكتشاف يفتح آفاقا مُثيرة للوقاية. العديد من الأدوية المُستخدمة بالفعل لحماية الكلى قد تحمي الذاكرة أيضا. يُمكن لمثبطات الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين (ACE) وأدوية ضغط الدم التي تُقلل من تسرب البروتين، أن تُؤدي دورا مُضاعفا في صحة الدماغ.

وحتى الأدوية الأحدث تُبشّر بالخير. طُوّرت أدوية GLP-1 مثل سيماغلوتايد (المعروف باسم أوزيمبيك) ومثبطات SGLT2 مثل داباغليفلوزين في الأصل لعلاج داء السكري، ولكنها تُقلّل أيضا من البروتين في البول. لا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت هذه الأدوية تمنع الخرف، لكن المؤشرات المبكرة مُشجّعة.

وأشارت إلى أنه في حين لا يستطيع العلماء حتى الآن إثبات أن علاج مشاكل الكلى سيمنع الخرف - إذ يتطلب ذلك متابعة المشاركين لعقود في تجارب مُحكمة - فإن المسار البيولوجي منطقي، لا سيما بالنظر إلى كيفية تأثير تلف الأوعية الدموية على كلا العضوين.

درهم وقاية
وطرحت السؤال: "إذن، متى يجب على الشخص أن يبدأ الاهتمام بهذا الأمر؟ وأجابت بأن تلف الأوعية الدموية يتراكم على مر السنين، لذا فإن التدخل المُبكر أفضل. بالنسبة لمعظم الناس، يُعدّ التركيز على صحة الكلى والقلب من منتصف العمر فصاعدا أمرا منطقيا، خاصة إذا كان الشخص يُعاني من داء السكري، أو ارتفاع ضغط الدم، أو أمراض الكلى، أو السمنة، أو لديه تاريخ عائلي لهذه الحالات.

وقالت إنه حاليا، يُجري الأطباء فحصا رئيسيا لبروتين البول لدى الأشخاص المصابين بداء السكري أو ارتفاع ضغط الدم. لكن نتائجهم تُثير تساؤلات حول ما إذا كان ينبغي فحص كل من تجاوز سن الخمسين، وخاصة أولئك الذين لديهم عوامل خطر مُتعددة. هذا سؤال يتعلق بالصحة العامة ويتطلب المزيد من البحث ومناقشة السياسات.

وأشارت إلى أن الخبر السار هو أنه لا داعي لانتظار إرشادات جديدة لاتخاذ الإجراءات اللازمة. فتغييرات نمط الحياة التي تحمي الكلى تُفيد الدماغ أيضا. الإقلاع عن التدخين، والتحكم في ضغط الدم وسكر الدم، واتباع نظام غذائي متوازن، وممارسة الرياضة بانتظام، كلها عوامل تُقلل من خطر الإصابة بأمراض الكلى والخرف.

وأوضحت أنه إذا أكدت دراسات مستقبلية ذلك، فقد يُصبح فحص بروتين البول جزءا أساسيا من تقييمات مخاطر الخرف. فهو فحص رخيص وغير جراحي، ويمكن إجراؤه باستخدام اختبارات بسيطة لشرائط الاختبار في أي عيادة طبيب.

وخلصت إلى أنه في حين لا يوجد علاج للخرف حتى الآن، يظل الكشف المبكر والوقاية منه أفضل الأدوات المتوفرة للأطباء. من خلال إدراك أن البروتين في البول يُشير إلى أكثر من مجرد مشاكل في الكلى، قد نتمكن من تحديد الأشخاص المعرضين للخطر وحمايتهم قبل وقت طويل من بدء مشاكل الذاكرة. أحيانا، توجد أهم المؤشرات على صحة دماغ الشخص المستقبلية في أكثر الأماكن غير المتوقعة.