شهدت المملكة المتحدة
إنجازا طبيا غير مسبوق، حيث نجح فريق علمي في إبطاء تطور مرض
هنتنغتون الوراثي الخطير
بنسبة وصلت إلى 75 بالمئة عبر تجربة رائدة في
العلاج الجيني، لتفتح بذلك نافذة أمل
أمام آلاف المرضى وعائلاتهم حول العالم.
ونشرت صحيفة
"
الغارديان" تقريرا لمراسلة الشؤون العلمية، حنّا ديفلين، قالت فيه إنه تم
علاج مرض هنتنغتون بنجاح لأول مرة في تجربة علاج جيني رائدة. ومرض هنتنغتون عبارة عن
مرض تنكسي خطير ينتقل وراثيا.
ويتسبب هذا المرض،
الناتج عن خلل في جين واحد، في موت خلايا الدماغ بشكل مطرد، مما يؤدي إلى الخرف والشلل
والوفاة في النهاية. تبلغ احتمالية إصابة من لديهم أحد الوالدين مصابا بمرض هنتنغتون
50%، وهو مرض لا علاج له حتى الآن.
أبطأ العلاج الجيني
تطور المرض بنسبة 75 بالمئة لدى المرضى بعد ثلاث سنوات.
وقالت مديرة مركز مرض
هنتنغتون في جامعة يونيفيرستي كولدج لندن، البروفيسورة سارة تبريزي والتي قادت التجربة:
"لدينا الآن علاج لأحد أخطر أمراض العالم. هذا إنجاز هائل. أنا في غاية السعادة".
ويحقن الدواء، الذي
يُعطّل البروتين المتحور المُسبب لمرض هنتنغتون، في الدماغ بجرعة واحدة خلال عملية
جراحية تستغرق من 12 إلى 20 ساعة، مما يعني أنها ستكون باهظة الثمن. يُرسل هذا الاكتشاف
بصيص أمل في مجتمع هنتنغتون، الذين شهد الكثير منهم التأثير المدمّر للمرض على أفراد
عائلاتهم.
وتشمل الأعراض الأولى،
التي تظهر عادة في الثلاثينيات أو الأربعينيات من العمر، تقلبات مزاجية وغضبا واكتئابا.
يُصاب المرضى لاحقا بحركات تشنجية لا إرادية، وخرف، وفي النهاية شلل، مع وفاة بعض الأشخاص
في غضون عقد من التشخيص.
وقالت تبريزي إنه مع
العلاج، سيتمكن الناس من العمل والعيش باستقلالية لفترة أطول بكثير، كما أن التأثير
الكبير للعلاج يزيد من احتمالية منع ظهور الأعراض إذا تم إعطاؤه في مرحلة مبكرة.
وتشير التقديرات إلى
وجود ما بين 6000 و10000 شخص مصاب بمرض هنتنغتون في المملكة المتحدة، وما لا يقل عن
20000 آخرين يحملون الجين المعيب، مما يعني أنهم معرضون للإصابة به. ومع ذلك، فإن حوالي
خُمس أفراد العائلات المصابة بمرض هنتنغتون فقط يختارون إجراء اختبار الجين لأن العلاجات
الحالية تساعد فقط في علاج الأعراض بدلا من إبطاء تقدم المرض المتواصل.
وقالت تبريزي:
"أعتقد الآن أن المزيد من الناس سيتقدمون للاختبار الجيني لوجود علاج".
ويحتوي جين هنتنغتون
المتحور على تعليمات للخلايا لإنتاج نسخة سامة من بروتين الدماغ، يُسمى هنتنغتين. يتم
تقديم العلاج عبر فيروس غير ضار تم تعديله لتوصيل خيط مصمم خصيصا من الحمض النووي إلى
الخلايا العصبية.
لتجنب أي ردود فعل
سلبية، يُحقن الفيروس ببطء شديد عبر قسطرة مجهرية في منطقتين دماغيتين منفصلتين، وهي
عملية معقدة تستغرق من 12 إلى 20 ساعة. بمجرد وصول الحمض النووي إلى الخلايا العصبية،
يُصدر تعليمات للخلايا بمنع إنتاج النسخة السامة من هنتنغتين.
وأصدرت شركة يونيكيور
نتائج التجربة، التي شملت 29 مريضا عولجوا في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، على
الرغم من أن التفاصيل الكاملة لم تُنشر بعد. بعد ثلاث سنوات من العلاج، تباطأ تقدم
المرض لدى المرضى الذين تناولوا جرعة عالية من الدواء بنسبة 75 بالمئة في المتوسط،
وذلك بناء على اختبارات الوظيفة الحركية والإدراك وتجربة المرضى في الحياة اليومية.
كما ظهرت مؤشرات واضحة
في الدماغ على نجاة الخلايا العصبية، حيث انخفضت مستويات الخيوط العصبية (وهي علامة
على موت الخلايا) بشكل ملحوظ في مجموعة العلاج.
وقال وليد أبي صعب،
كبير المسؤولين الطبيين في شركة يونيكيور: "نحن متحمسون للغاية لهذه النتائج الرئيسية
وما قد تمثله للأفراد والأسر المتضررة من مرض هنتنغتون"، مضيفا أن الشركة تأمل
في تقديم الدواء للموافقة عليه في الولايات المتحدة في أوائل العام المقبل.