سياسة عربية

ستارمر يلتقي هرتسوغ في لندن وسط خلافات حول حل الدولتين

ستارمر يصر على حل الدولتين لا تحكم فيه حماس، وتجرى انتخابات فلسطينية - جيتي
التقى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ورئيس الاحتلال الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في لندن، وسط أجواء مشحونة تعكس خلافا عميقا حول مستقبل القضية الفلسطينية، إذ يتمسك ستارمر بحل الدولتين بينما يرفضه هرتسوغ

ونشرت صحيفة "الغارديان" مقالا لمحرر الشؤون الدبلوماسية، باتريك وينتور، قال فيه إن اجتماع في لندن بين كير ستارمر والرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ جاء في وقت بالغ الصعوبة على أي من الزعيمين، وبعيدا عن تحسين العلاقات البريطانية الإسرائيلية، يخاطر هذا اللقاء بتراجعها.

وأضاف كاتب المقال أنه بمجرد إدراج اجتماع يوم الأربعاء في جدول أعمال داونينغ  ستريت، كان هناك أمل ضئيل في أن يستمع الرجلان إلى بعضهما البعض على الأقل بشأن رؤيتيهما المتضاربتين لمستقبل إسرائيل، بما في ذلك حل الدولتين للصراع الفلسطيني، وهي رؤية شاركها هرتسوغ سابقا.

وتابع أنه على حد تعبير وزير الشرق الأوسط السابق أليستير بيرت، سيتحدث الرجلان متجاوزين بعضهما البعض عندما يلتقيان في مقر رئاسة الوزراء، حيث أن لديهما في النهاية رؤيتين مختلفتين تماما حول كيفية تحقيق الأمن لإسرائيل.

وأضاف وينتور أنه لا يزال ستارمر يصر على حل الدولتين الذي لا تحكم فيه حماس، وتُجرى انتخابات فلسطينية في غضون عام، ويُعاد تشكيل السلطة الفلسطينية وتصبح الشريك المنشود للسلام.

وتابع أن هرتسوغ، عضو حزب العمل الإسرائيلي، وافق على هذه الرؤية في السابق، ولكن بعد هجوم حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، يبدو أنه، مثل معظم الإسرائيليين، فقد كل ثقته في الحكم الذاتي الفلسطيني.

وأضاف أن الخلاف انعكس في كيفية رد الرجلين على هجوم بنيامين نتنياهو على حماس في الدوحة.

وقال وينتور أن ستارمر، أدان مثل دونالد ترامب، الهجوم باعتباره انتهاكا لسيادة قطر. قال هرتسوغ إن قرار "ضرب القيادة العليا لإرهاب حماس مهم وصحيح... ففي مواجهة الإرهاب والشر المطلق، من الضروري القتال بعزم وجرأة من أجل تحقيق إطلاق سراح الرهائن أولا وقبل كل شيء وخلق مستقبل أفضل لنا ولجيراننا".

وتابع أن رؤية إسرائيل لذلك "المستقبل الأفضل" هي ما سيرغب ستارمر في دراسته، بما في ذلك ما إذا كان يعني إسرائيل الكبرى وضم الضفة الغربية. وقد عبّر وزير الصحة البريطاني، ويس ستريتنغ، عن ذلك بوضوح قائلا: "أعتقد أنه يجب عليه أن يوضح أنه إذا لم تكن نية حكومة إسرائيل ارتكاب إبادة جماعية أو تطهير عرقي، فكيف يظن أن حكومته الإسرائيلية ستحقق هدفها المعلن المتمثل في تطهير غزة من الفلسطينيين دون جرائم حرب، أو تطهير عرقي، أو حتى إبادة جماعية؟"

وأضاف وينتور أنه يكمن القلق في أن التمييز الذي تُقيمه المملكة المتحدة بين حماس - التي لا يمكنها أن تكون جزءا من حكومة جديدة في فلسطين ويجب نزع سلاحها - وسلطة فلسطينية معتدلة مُصلحة بتفويض انتخابي جديد، لم يعد له أي صدى لدى هيرتسوغ.

وتابع وينتور أنه يُنظر إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية على أنه مكافأة لا يمكن تفسيرها لحماس وخيانة لإسرائيل من قِبَل الحكومة البريطانية، التي كانت حليفا مُستقلا عظيما في الماضي، لكنها الآن مُسيّرة من قِبَل الفرنسيين.

وقال وينتور أن هرتسوغ يتمتع بالحماية في رفضه لحل الدولتين لعلمه بأنه مدعوم من وزارة الخارجية الأمريكية، ويتجسد ذلك في رفضها منح تأشيرات لوفد السلطة الفلسطينية بأكمله إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وأضاف أن ما قد يثير قلق البعض في وزارة الخارجية الإسرائيلية ليس فقط المزاج السائد في البيت الأبيض المتقلب، بل أيضا اتجاه الرأي العام في أوروبا وأجزاء من الولايات المتحدة، حيث يبدي الناخبون انزعاجهم من الدمار والموت الذي لحق بالفلسطينيين العاديين.

وأردف أن استطلاع جديد أجرته شركة إبسوس موري هذا الأسبوع أظهر مدى الضرر الذي ألحقته أساليب إسرائيل بسمعتها. فباستبعاد "الذين أجابوا بلا نعلم"، يرى 75 بالمئة من عامة الشعب البريطاني أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة قد تجاوزت الحد، بينما يرى 13 بالمئة أنها صحيحة تقريبا، ويقول 11 بالمئة إنها لم تتجاوز الحد الكافي.

وقال إن من بين ناخبي حزب العمال، يعتقد 80 بالمئة أن إسرائيل قد تجاوزت الحد، ويعتقد 17 بالمئة أن إسرائيل قد بلغت الحد الكافي أو لم تتجاوزه.

وتابع أن الناخبون البريطانيون قالوا إن الحكومة الإسرائيلية هي المسؤولة الأكبر عن الحرب (23بالمئة)، متفوقة على حماس (20 بالمئة) في المرتبة الثانية والولايات المتحدة (3 بالمئة) في المرتبة الثالثة.

فيما قال 44 بالمئة من الناس إن المملكة المتحدة يجب أن تعترف بفلسطين كدولة، بينما يقول 13 بالمئة فقط إنه لا ينبغي لهم ذلك، مما يشير إلى وجود قاعدة دعم قوية لهذه الخطوة.

ومع ذلك، يعتقد 41% من الناس أنها لن تُحدث أي فرق في حل الصراع. والأقل إثارة للدهشة، نظرا لأن مثل هذه الأسئلة من المرجح دائما أن تؤدي إلى رد فعل سلبي، يعتقد الجمهور البريطاني، بنسبة 49% مقابل 10%، أن ستارمر لم يقم بعمل جيد بشأن القضية الفلسطينية.

وأضاف كاتب المقال أن معظم من في داونينغ  ستريت يركز على الناخبين الذين خسروا أمام الإصلاح بسبب قضية القوارب الصغيرة، لكن البعض يراقب أيضا ما يحدث على اليسار، وكيف تثبت غزة أنها رقيب تجنيد جاهز لتحالف غرين-جيريمي كوربين الناشئ. لا يزال الوقت مبكرا، لكن غزة، بقدر ما هي مسألة الرعاية الاجتماعية، قد تكون العائق الأكبر أمام انتخاب بريدجيت فيليبسون، المرشحة المفضلة لستارمر لمنصب نائبة زعيم حزب العمال.

وتابع وينتور أنه لم تعزز هذه الديناميكية تصريحات ديفيد لامي، الذي كان وزيرا للخارجية حتى الأسبوع الماضي، هذا الأسبوع، بأن بريطانيا لم تُقرر وقوع إبادة جماعية في غزة، وأنه لا يوجد دليل على استخدام أجزاء من طائرات إف-35 التي باعتها المملكة المتحدة لإسرائيل في جرائم حرب. أما على يسار حزب العمال، فمن شبه المؤكد وقوع إبادة جماعية في غزة.

وأضاف أن هناك أصوات منفردة في الحكومة مستعدة للدفاع عن استعراضات إسرائيل للقوة. فقد أيد سفير المملكة المتحدة في واشنطن، بيتر ماندلسون، الهجمات الإسرائيلية على المواقع النووية الإيرانية، وهي هجمات شملت محاولات لاغتيال القيادة السياسية الإيرانية.

واختتم وينتور أنه  ليس من الواضح ما إذا كان ستارمر، المحامي في مجال حقوق الإنسان الذي جعل من التمسك بالقانون الدولي أحد مبادئه التوجيهية، يتبنى وجهة نظر متفائلة بشأن العنف كمكمل للدبلوماسية، أو بشأن فعاليته.