بيانات استخبارية إسرائيلية: 83 في المئة من ضحايا غزة مدنيون
لندن- عربي2122-Aug-2502:55 PM
شارك
قاعدة بيانات للاحتلال: 5 من كل 6 فلسطينيين قتلتهم إسرائيل في حرب غزة كانوا مدنيين- أكس
كشفت تقارير
صادرة عن قاعدة بيانات استخباراتية إسرائيلية داخلية، أن 83 بالمائة على الأقل
من الفلسطينيين الذين استشهدوا في الهجوم الإسرائيلي على غزة كانوا من المدنيين.
وكشف تحقيق
أجرته مجلة 972+، وموقع لوكال كول العبريان، وصحيفة الغارديان البريطانية، أن
الأرقام المستقاة من قاعدة البيانات السرية، والتي تسجّل "قتلى" مسلّحي حماس
والجهاد الإسلامي الفلسطيني، تتناقض بشكل كبير مع التصريحات العلنية الصادرة عن
الجيش الإسرائيلي ومسؤولي الحكومة طوال الحرب، والتي زعمت عمومًا أن نسبة الضحايا
المدنيين إلى المسلّحين هي 1:1 أو 2:1.
وقال التحقيق
إن البيانات السرية تدعم نتائج دراسات عديدة تشير إلى أن قصف "إسرائيل" لغزة أدّى
إلى مقتل مدنيين بمعدل نادر في الحروب الحديثة، وأقر الجيش الإسرائيلي بوجود قاعدة
البيانات، التي تديرها مديرية الاستخبارات العسكرية المعروفة اختصارًا باسم "أمان"
بالعبرية، والتي يعتبرها الجيش المصدر الوحيد الموثوق لأرقام ضحايا المسلّحين.
5 من كل 6
فلسطينيين قتلوا في غزة كانوا مدنيين وبحلول أيار/
مايو، أي بعد 19 شهرا من بدء الحرب، أدرج مسؤولو الاستخبارات الإسرائيلية
أسماء 8900 مقاتل من حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني على أنهم قتلى أو "ربما
قتلى"، وهي إحصائية تأتي في الوقت الذي استشهد في حينه 53 ألف فلسطيني جراء الهجمات
الإسرائيلية وفقا للسلطات الصحية في غزة، وهي حصيلة شملت مقاتلين ومدنيين.
ولم يشكل
المقاتلون المذكورون في قاعدة بيانات الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية سوى 17
بالمئة من إجمالي القتلى، ما يشير إلى أن 83 في المائة من الضحايا كانوا مدنيين، وذكر
التحقيق أن هذه النسبة الظاهرة للمدنيين إلى المقاتلين بين القتلى مرتفعة للغاية
في الحروب الحديثة، حتى بالمقارنة مع الصراعات المشهورة بالقتل العشوائي.
مصداقية بيانات
الصحة الفلسطينية موقع "لوكال
كول" كشف العام الماضي أنّ إجمالي أعداد الشهداء التي تنشرها وزارة الصحة في
غزة يوميًا تُعدّ موثوقة حتى من قبل الجيش الإسرائيلي، وقال التحقيق إنه بافتراض
احتساب جميع الوفيات المؤكّدة والمحتملة للمسلّحين ضمن حصيلة القتلى، فإن ذلك يعني
أن أكثر من 83 في المائة من قتلى غزة كانوا مدنيين، وإذا استثنينا الوفيات
المحتملة وأدرجنا الوفيات المؤكّدة فقط، فإن نسبة وفيات المدنيين ترتفع إلى أكثر
من 86 في المائة، فيما تشير دراسات حديثة إلى أن حصيلة الشهداء التي أعلنتها وزارة
الصحة والتي تبلغ حاليًا نحو 62 ألفًا، تُعدّ على الأرجح أقل بكثير من العدد
الإجمالي لضحايا الهجوم الإسرائيلي، وربما يصل العدد إلى عشرات الآلاف
التلاعب
بالأرقام لتبرير الإبادة منذ بداية
الحرب، سعى المسؤولون الإسرائيليون إلى نفي الاتهامات بالقتل العشوائي في غزة مع
تزايد أعداد الشهداء الفلسطينيين بسرعة، ففي كانون الأول/ ديسمبر 2023، ومع وصول
أعداد الشهداء إلى 16 ألفًا، صرّح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، جوناثان كونريكوس،
بأن إسرائيل قتلت مدنيَّين اثنين مقابل كل مسلّح واحد، وهي نسبة وصفها بأنها
"مُرضية للغاية"، لكن في أيار/ مايو 2024، ومع وصول عدد الشهداء إلى 35
ألفًا، أكّد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أن النسبة في الواقع أقرب إلى
1:1، وهو ادّعاء كرّره في أيلول/ سبتمبر من العام نفسه.
ويبدو أن
العدد الدقيق للمسلّحين الذين تزعم إسرائيل قتلهم منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول قد
تذبذب دون أي منطق. ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، ألمح مسؤول أمني لموقع يديعوت
آحرونوت الإخباري إلى أن إسرائيل قتلت بالفعل أكثر من 10,000 مسلّح، وفي تقييم
عسكري رسمي قُدّم للحكومة في الشهر التالي، انخفض هذا العدد إلى 7,860
وبحسب
التحقيق، فقد استمرّت التقلبات والانخفاضات الغامضة في أعداد ضحايا المسلّحين حتى
عام 2024، ففي شباط/ فبراير من ذلك العام، زعم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن
إسرائيل قتلت 13,000 عنصر من حماس، ولكن بعد أسبوع، أفاد الجيش برقم أقل بلغ 12,000، وبحلول آب/ أغسطس
2024، أعلن الجيش أنه قتل 17,000 عنصر من حماس والجهاد الإسلامي - وهو رقم انخفض
مرة أخرى بعد شهرين إلى 14,000 قتيل، وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، قدّر نتنياهو
العدد بأنه قريب من 20,000.
وفي خطاب
تقاعده في كانون الثاني/ يناير من هذا العام، قال رئيس أركان جيش الاحتلال
الإسرائيلي المنتهية ولايته هرتسي هاليفي أن إسرائيل قتلت 20 ألف مسلّح في غزة منذ
السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وفي حزيران/ يونيو، استشهد مركز بيغين- السادات
للدراسات الاستراتيجية اليميني في جامعة بار إيلان بمصادر عسكرية زعمت أن عدد
الضحايا من المسلّحين في غزة بلغ 23 ألف قتيل.
مصادر
استخباراتية أفادت لموقعي" 972+ ولوكال كول" وصحيفة الغارديان"، أن
بعض هذه الادعاءات نابعة على الأرجح من قاعدة بيانات قديمة وغير دقيقة تحتفظ بها
القيادة الجنوبية للجيش، والتي قدّرت أواخر العام الماضي - دون قائمة أسماء - مقتل
نحو 17 ألف مسلّح، فيما وصف هذه الأرقام مصدر استخباراتي بأنها "مجرد خرافات
من القيادة الجنوبية، ومن المرجّح أن تكون التقارير المبالغ فيها التي أعدّتها
القيادة الجنوبية مبنية على تصريحات من القادة الميدانيين الذين دأب مرؤوسوهم على
الإبلاغ بشكل خاطئ عن الضحايا المدنيين على أنهم مسلّحون.
وكشفت إذاعة
972+ ولوكال كول مؤخرًا عن حالة قتلت فيها كتيبة متمركزة في رفح نحو 100 فلسطيني،
وسجّلتهم جميعًا كـ"إرهابيين"، مع أن ضابطًا في الكتيبة شهد بأن الضحايا
كانوا عُزّلًا في جميع الحالات، باستثناء حالتين، وبالمثل خلص تحقيق أجرته صحيفة هآرتس
العبرية العام الماضي إلى أن 10 فقط من أصل 200 قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي
إن الفرقة 252 قتلتهم في ممر نتساريم يمكن التحقق من كونهم عناصر من حماس.
في نيسان/ أبريل
2024، أفادت صحيفة "إسرائيل اليوم" اليمينية أن عددًا من أعضاء لجنة
الخارجية والدفاع في الكنيست شكّكوا في مصداقية أرقام ضحايا المسلّحين التي قدّمها
لهم الجيش، وبعد فحص بيانات الجيش نفسه، وجد أعضاء اللجنة أن العدد الحقيقي أقل
بكثير، وأن الجيش بالغ في عدد ضحايا المسلّحين "ليجعل نسبة القتلى المدنيين
إلى القتلى المسلّحين 2:1
قال مصدر
استخباراتي رافق القوات على الأرض لـ"972+" ولوكال كول وصحيفة الغارديان:
"نُبلّغ عن مقتل العديد من عناصر حماس، لكنني أعتقد أن معظم الذين نُبلّغ
عنهم ليسوا عناصر حماس في الواقع".
تزييف الأرقام
للادعاء بـ"النصر" وقال التحقيق
إنه بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر بقليل، بدأ يوسي سرييل، قائد وحدة استخبارات
الإشارات النخبوية في الجيش آنذاك، الوحدة 8200، بمشاركة تحديث يومي مع مرؤوسيه
يُظهر عدد قتلى حماس والجهاد الإسلامي في غزة، مشيرا إلى أنه كيف غذّت هذه النظرة
ثقافة الكذب، قائلا:" لقد وضعوا معيارًا (بموجبه) كلما قتلتَ أكثر، زادت
نجاحاتك، ونتيجةً لذلك كذبوا بشأن عدد قتلاهم"، واصفًا الأرقام التي قدّمها
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بأنها "واحدة من أخطر الخدع" في تاريخ
إسرائيل
الهدف إبادة
الفلسطينيين وليس حماس ويشير خطاب
الإبادة الجماعية الواسع الانتشار من القيادة الإسرائيلية وكبار القادة العسكريين
منذ بداية الحرب إلى نية إلحاق الأذى بجميع الفلسطينيين في غزة، وليس فقط بمقاتلي
حماس، ففي صباح السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وقال رئيس الأركان آنذاك، هرتسي
هاليفي، لزوجته: "ستُدمَّر غزة"، وفي تسجيل مُسرّب من الأشهر الأخيرة،
عُرض الأسبوع الماضي على القناة 12 الإسرائيلية، قال أهارون هاليفا، مدير وكالة "أمان"
آنذاك، إنه: "يجب أن يُقتل 50 فلسطينيًا" مقابل كل إسرائيلي قتل في
السابع من أكتوبر/تشرين ولا يهم الآن إن كانوا أطفالًا".
وبحسب التحقيق، فلن يتسنّى إحصاء عدد الضحايا
المدنيين والمسلّحين في غزة بدقّة إلا بوقف إطلاق النار، إلا أن قاعدة بيانات
الاستخبارات تشير إلى أن نسبة الضحايا المدنيين أعلى بكثير من الأرقام التي
قدّمتها إسرائيل للعالم منذ ما يقرب من عامين.