تسببت الإبادة
الجماعية التي يرتكبها
الاحتلال في قطاع
غزة، بعودة
أمراض وأوبئة، كان القطاع نجح
بقدراته الصحية المحدودة والتي قبعت تحت الحصار وقبضة الاحتلال سنوات طويلة، من
التخلص منها.
ومع منع دخول الأدوية
واللقحات والطعام والماء النظيف، لأكثر من مليون و200 ألف فلسطيني في غزة، وتدمير
النظام الصحي، عادت
أوبئة وأمراض إلى الواجهة، بشكل يعكس إحدى أخطر تبعات العدوان
على الفلسطينيين.
وباتت الأمراض التي
أعادها الاحتلال إلى القطاع، شكلا من أشكال القتل الذي يمارس بحق الفلسطينيين،
ويشكل خطرا وجوديا عليهم سيمتد إلى أجيال قادمة خاصة على الأطفال.
ونستعرض في التقرير
التالي عددا من أبرز الأمراض التي ظهرت إلى القطاع، حسب التقارير الدولية
والأممية، بفعل الأبادة التي يرتكبها الاحتلال:
شلل الأطفال
شلل الأطفال مرض
فيروسي يصيب الأطفال غالبا، وينتقل عبر الطعام أو الشراب الملوث، أعراضه تبدأ
بالحمى والصداع وقد تتطور إلى شلل دائم أو وفاة، والوقاية منه تكون بواسطة
اللقاحات، حيث العلاجات ليست فعالة كثير بعد الإصابة به.
غزة ظلت خالية من
المرض أكثر من 25 عاما بفضل حملات التطعيم التي بلغت نسبة تغطيتها 99 بالمئة قبل
العدوان لكن تضرر مرافق المياه والصرف الصحي منذ تشرين أول/أكتوبر 2023 كشف عن
عودته.
ووفقا لتقرير أصدرته
منظمة الصحة العالمية، اكتشف الفيروس في عينات مياه الصرف في خان يونس ودير البلح،
وأكدت السلطات الصحية ثلاث إصابات جديدة بين أطفال غير مطعمين، إضافة إلى تسجيل
أول إصابة مؤكدة لطفل في دير البلح منذ ربع قرن.
اظهار أخبار متعلقة
وانخفضت معدلات
التلقيح من 99 بالمئة إلى 86 بالمئة مع تدمير المرافق الصحية، وحذرت منظمة الصحة
العالمية واليونيسف من تفشي المرض، وأكدتا ضرورة التطعيم العاجل لوقف انتشاره في
بيئة مثالية لعودة الفيروس وسط النزوح والحصار.
ورغم الضغوط الدولية
على الاحتلال لإدخال اللقاحات، قام الاحتلال باحتجاز مواد اللقاحات والطواقم
الطبية على الحواجز، ومنع في الكثير من الحالات إقامة الخيام الطبية المخصصة
لاستقبال الأطفال والقيام بحملات تلقيح، وكان يعمد إلى قصف تلك النقاط وقتل
الأطفال وذويهم.
متلازمة غيلان باريه
متلازمة غيلان باريه،
مرض عصبي نادر يهاجم الجهاز العصبي المحيطي، يتركز ظهوره بين الأطفال، ويشكل
تهديدا مباشرا لحياتهم في بيئة يفتقر فيها القطاع إلى أبسط مقومات الرعاية الطبية.
ووفقا لوزارة الصحة في
قطاع غزة، تفاوتت حالات الأطفال المصابين، فبعضهم ظهرت لديهم أعراض أولية مثل ضعف
في الأطراف وصعوبة في الحركة، بينما تدهورت حالة آخرين بسرعة حتى احتاجوا إلى
أجهزة تنفس صناعي داخل وحدات العناية المركزة.
مع تزايد انتشار
المتلازمة بين الأطفال، بدت آثارها كارثية على أجسادهم الهزيلة التي أنهكها الجوع
والتلوث، وأعلنت وزارة الصحة في غزة تسجيل 95 إصابة حتى الآن، محذرة من سرعة
انتشار المرض بفعل سوء التغذية وتلوث المياه الناجمين عن حصار الاحتلال للقطاع.
الجدري المائي
الجدري المائي عدوى
فيروسية سريعة الانتشار يسببها فيروس الحماق النطاقي، وتظهر الأعراض في شكل طفح
جلدي مع حويصلات مائية، إضافة إلى الحمى والصداع والإرهاق، ينتقل عبر الرذاذ
التنفسي أو ملامسة البثور المصابة وزاد من انتشار قيام الاحتلال بتهجير
الفلسطينيين وحشرهم في مناطق ضيقة بغزة.
المرض قد يسبب مضاعفات
مثل التهاب الرئة أو العدوى البكتيرية، ويعد التطعيم الوسيلة المثلى للوقاية، لكن
في غزة، عرقلت الإبادة حملات التطعيم وأتاحت بيئة مثالية لانتشاره مع غياب النظافة
والاكتظاظ في مراكز النزوح.
وفي تشرين ثاني/نوفمبر
2023، أعلنت منظمة الصحة العالمية عن تسجيل نحو ألف إصابة بين النازحين، والأرقام
ارتفعت مع استمرار الإبادة لتصل إلى 11 ألف حالة حتى نهاية تموز/يوليو 2024 بحسب
مكتب الأمم المتحدة.
وقالت المنظمة إن نقص
اللقاحات وقيام الاحتلال بحظر دخولها، وتدهور الرعاية الصحية وانعدام النظافة بسبب
قطع المياه ومنع دخول مواد النظافة الشخصية، ساهمت بعودة المرض وانتشاره،
والتحذيرات قائمة من تحوله إلى وباء واسع بسبب الاكتظاظ في مراكز الإيواء ونقص
الماء النظيف.
التهاب الكبد الوبائي
(أ) اليرقان
التهاب الكبد الوبائي
(أ) عدوى فيروسية تنتقل عبر الماء أو الطعام الملوث، وهو ما يوجد في كافة مناطق
قطاع غزة بفعل سياسة الاحتلال، أعراضه تشمل اليرقان، الحمى، فقدان الشهية،
والغثيان، وتستمر عادة من 10 إلى 20 يوما، التطعيم وسيلة فعالة للوقاية، وغالبية
المصابين يتعافون مع اكتساب مناعة دائمة.
في غزة، تحول هذا
المرض إلى الأكثر تفشيا بين النازحين، فقد قفزت الإصابات من 85 حالة فقط قبل الإبادة
إلى نحو 40 ألف حالة في عام 2023، مع تسجيل أكثر من 107 آلاف حالة من متلازمة
اليرقان الحاد حتى نهاية تموز/يوليو 2024.
وتشير التقارير إلى أن
تلوث مياه الشرب هو السبب الرئيسي للانتشار، إلى جانب تكدس النفايات وتدفق مياه
الصرف الصحي، ازدحام المخيمات ضاعف من احتمالية العدوى ووسع نطاق التفشي.
عامل آخر يتمثل في
انتشار الحشرات الناقلة مثل الذباب المنزلي، الذي يسهم عبر مسار البراز الفم في
انتقال العدوى، والسيطرة على هذه الحشرات أصبحت ضرورة للحد من تفشي المرض في ظروف
النزوح القاسية.
أمراض الإسهال المعدية
أمراض الإسهال تنتج عن
فيروسات وبكتيريا وطفيليات مرتبطة بتلوث المياه والطعام، من أبرز مسبباتها فيروسات
الروتا والنوروفيروس، وبكتيريا الإشريكية القولونية والسالمونيلا، وطفيليات
الجيارديا والكريبتوسبوريديوم.
الخطر الأكبر لهذه
الأمراض يتمثل في التجفاف الناتج عن فقدان السوائل، وهو ما يشكل تهديدا مباشرا
للحياة خصوصا لدى الأطفال، ويعد الإسهال ثالث سبب رئيسي لوفيات الأطفال عالميا.
وفي غزة، تضاعفت
الإصابات بشكل خطير، منذ تشرين أول/أكتوبر 2023 سجلت أكثر من 33 ألف حالة، معظمها
لدى الأطفال دون الخامسة، ومع استمرار النزاع ارتفع العدد إلى نحو 577 ألف حالة
إسهال مائي حاد و12 ألف حالة إسهال دموي حتى حزيران/يوليو 2024.
وتسبب الاحتلال في
انتشار هذا المرض بصورة واسعة، تكاد تصل إلى غالبية الفلسطينيين في غزة، بسبب
حرمانهم من الماء النظيف والصرف الصحي اللذين يلعبان دورا مهما في تفشيه.
الالتهابات الصدرية
المعدية
الالتهابات التنفسية
تشمل أمراضا تصيب الجهاز التنفسي العلوي والسفلي، العلوي مثل الزكام والتهاب
اللوزتين والجيوب الأنفية، والسفلي مثل الالتهاب الرئوي والتهاب القصيبات، أسبابها
فيروسات أو بكتيريا، تنتقل بالاختلاط الواسع الذي تسببت به عمليات التهجير.
هذه الأمراض مسؤولة عن
وفيات ضخمة سنويا، إذ تؤدي العدوى التنفسية الحادة إلى وفاة نحو 4.5 ملايين طفل
عالميا، 70 بالمئة منها نتيجة الالتهاب الرئوي، العوامل المؤثرة تشمل الاكتظاظ،
سوء التغذية، وانعدام الرضاعة الطبيعية.
وفي غزة، سجلت منظمة
الصحة العالمية أكثر من 54 ألف حالة التهاب تنفسي علوي بعد أقل من شهر من الحرب،
ومع تفاقم الظروف، تجاوز عدد الحالات مليون إصابة حتى نهاية تموز/يوليو 2024.
وساهم حرمان الفلسطينيين
من حملات التطعيم والاكتظاظ ومراكز الإيواء ونقص الرعاية الصحية بعد تدمير
الاحتلال القطاع الصحي، في سرعة انتشارها وباتت أزمة عامة، حتى أبسط العلاجات لا
تتوفر للسكان.
القمل والجرب
القمل طفيليات صغيرة
تعيش على فروة الرأس والجسم وتتغذى على الدم، ينتقل بالتلامس المباشر أو عبر
الأغراض الشخصية، وتختلف تأثيراته بحسب النوع، وقمل الرأس يسبب الحكة والتهابات
جلدية بسيطة، بينما قمل الجسم قد ينقل أمراضا خطيرة مثل التيفوس وحمى الخنادق.
وفي بيئات النزوح،
يصبح القمل أكثر خطرا بسبب ضعف النظافة والاكتظاظ. يمكن أن يؤدي قمل الجسم إلى فقر
الدم والعدوى البكتيرية الثانوية، وتعد مشاركة الأدوات وعدم توفر مواد التنظيف
عوامل رئيسية لزيادة انتشاره، وهو ما يحدث في غزة نتيجة تدمير مقومات الحياة
للفلسطينيين.
اظهار أخبار متعلقة
الجرب مرض جلدي معد
تسببه حشرة القارمة الجربية، وتتمثل أعراضه في حكة ليلية شديدة وطفح جلدي، ينتقل
عبر التلامس الجسدي أو تبادل الملابس، وتؤدي الحكة المستمرة إلى التهابات جلدية
ثانوية مثل القوباء.
الأوضاع في غزة ساهمت
في انفجار معدلات الجرب والقمل، منظمة الصحة العالمية سجلت نحو 9000 حالة في الشهر
الأول من الإبادة، وارتفعت لاحقا إلى عشرات الآلاف، حتى تموز/يوليو 2024، ووثق
مكتب الأمم المتحدة أكثر من 103 آلاف إصابة بالجرب والقمل، إضافة إلى أكثر من 65
ألف حالة طفح جلدي في مخيمات النزوح.