دخلت الأزمة
السياسية في كوت ديفوار (
ساحل العاج) منعطفا جديدا، وذلك عقب إعلان الرئيس السابق
للبلاد،
لوران غباغبو، أنه بدأ حربا مفتوحة، لمنع الرئيس الحالي،
الحسن وتارا، من
ولاية رئاسية رابعة.
وبدأت في ساحل العاج الاستعدادات لانتخابات رئاسية مقررة في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، والتي تعتبر مفصلية في تاريخ البلد الذي شهد تاريخا مضطربا من الأزمات السياسية ومُثقلا بالانقلابات العسكرية والصراع على السلطة، وتعيش منذ أسابيع أجواء من التوتر والاحتقان المحلي والاستقطاب السياسي، فيما يخشى متابعون للشأن الأفريقي أن يعود بالبلاد إلى سنوات الجمر إبان الحرب الأهلية..
"لن تكون هناك ولاية رابعة"
في خطاب شديد
اللهجة، قال رئيس البلاد السابق، لوران غباغبو، إنّ: المعارضة عازمة على منع ولاية
رابعة للرئيس الحالي للبلاد، الحسن واتارا، وأضاف أمام حشد من أنصاره بأبيدجان،
أكبر مدن البلاد: "إن عزمنا واضح لا يتزعزع: لن تكون هناك ولاية رابعة،
الدستور واضح ودقيق، فهو يحظر على المواطن أن يشغل منصبه الرئاسي لأكثر من ولايتين".
وفي السياق نفسه، تساءل غباغبو:"لماذا يعتقد أي شخص أنه يستطيع البقاء لأربع ولايات هنا في كوت
ديفوار؟ أنا أرفض ذلك".
اتهام بتدخل
فرنسيوجّه غباغبو، في خطابه، جملة اتّهامات إلى فرنسا بالتدخل لفرض ولاية رابعة للرئيس الحالي الحسن وتارا، مشيرا إلى أنّ: "وتارا حينما رشحه الحزب الحاكم لولاية رابعة، قد طلب مهلة زمنية لحسم موقفه، وسافر
إلى فرنسا، وبعد عودته من لقاء بقصر الإليزيه مع الرئيس الفرنسي، أعلن ترشحه
للرئاسة".
وأضاف: "هل يتلقى الردود من قصر الإليزيه ليقدمها لمناصريه ولساحل
العاج؟ لا أقبل ذلك"، مردفا بالقول:" نحن مستقلون أو نناضل من أجل
الاستقلال، لكننا لسنا تابعين لقصر الإليزيه، ونرفض أن يتم التلاعب باستقلالنا بهذه
الطريقة الكاريكاتورية".
ويعتبر لوران
غباغبو أحد أبرز السياسيين في ساحل العاج ويرأس حاليا "حزب الشعوب
الإفريقية" المعارض، حيث تولى رئاسة ساحل العاج لنحو عقد من الزمن، وهزم في
الانتخابات التي جرت 2010 لكنه رفض الاعتراف بنتائج تلك الانتخابات وأشعل أزمة
سياسية انتهت باعتقاله في العام الموالي في مقر إقامته من قبل القوات التابعة
لخصمه الحسن وتارا المدعومة من قوات فرنسية خاصة.
مظاهرات
وأعمال شغب
على مدى
الأسابيع الماضية لوّح قادة المعارضة باللجوء للشارع لمنع ترشح الحسن وتارا، لولاية
رئاسية رابعة، وفي هذا الإطار نظمت الجبهة المشتركة في ساحل العاج المكونة من
"حزب الشعوب الإفريقية - كوت ديفوار" برئاسة لوران غباغبو، و"الحزب
الديمقراطي الإيفواري" برئاسة تيجان تيام، مظاهرات حاشدة رفضا لولاية رئاسية
رابعة للرئيس الحسن واتارا.
ومطلع آب/ أغسطس
الجاري، شهدت منطقة يوبوغون، أعمال عنف شملت إحراق حافلات للنقل العام، وتخريب
سيارة شرطة والاعتداء على عناصرها من قبل "مجموعة من الملثمين" يحملون أسلحة
نارية وبيضاء وقنابل حارقة، واعتقلت الشرطة على خلفية أعمال الشغب هذه 9 أشخاص،
بينهم أعضاء في حزب غباغبو، الذين نفوا أي صلة لهم بالأحداث.
ووجّه النائب
العام للمتهمين في أعمال الشغب تهما، بينها: "التآمر ضد سلطة الدولة،
والمشاركة في حركة تمرد، والتخريب المتعمد، وإحراق ممتلكات الغير" فيما وصف
حزب "الشعوب الأفريقية- كوت ديفوار" هذه الإجراءات بأنها "حملة
ترهيب وقمع سياسي.
استبعاد قادة
المعارضة
رسميا، أعلنت
اللجنة المستقلة للانتخابات في ساحل العاج، عن استبعاد 4 قادة معارضين من اللائحة
الانتخابية، ما يعني أنه لن يكون بإمكانهم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، والقادة
المعارضين الأربعة هم: تيجان تيام رئيس الحزب الديمقراطي الإيفواري، ولوران غباغبو
الرئيس السابق للبلاد، وغيوم سورو الوزير الأول الأسبق، إضافة إلى الوزير الأسبق
شارل بليه غوديه.
وبرّرت السلطات
في ساحل العاج، واللجنة المستقلة للانتخابات استبعاد، تيام وهو رئيس أكبر أحزاب
المعارضة، من اللائحة الانتخابية (وعمليا من السباق الرئاسي) بازدواجية الجنسية، حيث إنه يحمل الجنسيتين الإيفوارية والفرنسية، أما بالنسبة لكل من غباغبو وبليه
غوديه وسورو، فبررت اللجنة استبعادهم بإدانتهم بأحكام سجنية.
لكن هذه
المبررات لم قنع طيفا واسعا من السكان، حيث يتفاعل قرار الاستبعاد من الترشح بشكل
واسع في هذا البلد الغرب أفريقي الغني بالكاكاو والذي اشتهر بالعنف الانتخابي الذي
يحدث في مع كل اقتراع رئاسي.
شبح الحرب
الأهلية
مع تصاعد حدة
الأزمة السياسة في هذا البلد الغرب أفريقي، تزايدت المخاوف من عودة الحرب الأهلية،
كما يخشى متابعون للشأن الأفريقي أن تشكل الأوضاع الجيوسياسية في غرب أفريقيا
حاليا، خصوصا الأزمات التي تعرفها دول مجاورة لساحل العاج مثل مالي، وقودا لتفجر
حرب أهلية خطيرة بهذا البلد.
وعرفت ساحل
العاج حروبا أهلية بسبب أزمات سياسية كانت أشدها الحرب الأهلية التي عرفتها البلاد
في الفترة من 2002 إلى 2005 وكان للسياسيين دور كبير في تأجيجها، حيث قتل في هذه
الحرب المئات، وطيلة هذه الحرب كانت البلاد منقسمة إلى جزأين، الشمال الخاضع لسلطة
المتمردين، والجنوب الخاضع لسلطة الحكومة.
وتقع ساحل العاج في غرب أفريقيا وتحدها شرقا غانا،
وغربا غينيا وليبيريا، وشمالا مالي وبوركينا فاسو، وتطل على البحر من الجنوب عبر
خليج غينيا والمحيط الأطلسي. تعد من بين الدول الأفريقية الغنية بالنفط والغاز
الطبيعي بالإضافة إلى مجموعة من المعادن على رأسها الحديد، النحاس