أعلنت وزارة الشؤون الخارجية
الجزائرية
رفضها القاطع للإجراء المؤقت الذي اقترحته وزارة أوروبا والشؤون الخارجية
الفرنسية، والمتعلق بتقييد وصول الموظفين الدبلوماسيين الجزائريين إلى المناطق
المخصصة في المطارات الفرنسية لنقل أو استلام الحقائب الدبلوماسية.
وقالت الخارجية الجزائرية، وفق ما نقلته
وكالة الأنباء الجزائرية، إن المذكرة الشفوية التي تلقتها بتاريخ 7 أغسطس/آب
الجاري تمثل انتهاكًا صريحًا لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية والقنصلية،
وللاتفاقية القنصلية الجزائرية-الفرنسية لعام 1974، التي تضمن حرية وصول موظفي
البعثات لاستلام الحقائب مباشرة من قائد الطائرة أو السفينة.
واعتبرت الجزائر أن الإجراء الجديد يحمل
صبغة تمييزية، كونه يستهدف حصريًا البعثة الجزائرية في باريس وقنصلياتها في
فرنسا،
ويتعارض مع مبدأ المساواة بين البعثات الدبلوماسية المعتمد لدى الدولة المضيفة،
المنصوص عليه في المادتين 47 و72 من اتفاقيتي فيينا.
كما انتقدت الخارجية الجزائرية ما وصفته
بـ"الإجراءات الاستفزازية" المرفقة، ومنها فرض مرافقة شرطية دائمة
لموظفيها عند نقل الحقائب، واشتراط تقديم طلب كتابي قبل 48 ساعة لكل عملية نقل أو
استلام.
وأكدت الجزائر أن الحل الوحيد يتمثل في
إعادة بطاقات الوصول الدائم إلى المناطق الآمنة في المطارات لموظفي سفارتها
وقنصلياتها، مشيرة إلى أنها ستلغي التدابير المماثلة التي فرضتها ضد فرنسا بمجرد
استعادة هذه البطاقات، تطبيقًا لمبدأ المعاملة بالمثل.
وتقول باريس، إن الإجراء المؤقت الذي
اقترحته وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية جاء في إطار تشديد الإجراءات
الأمنية في المطارات بعد سلسلة من التقييمات التي أوصت بمراجعة آليات دخول المناطق
الحساسة (ZSAR)، خاصة
المتعلقة بعمليات نقل الحقائب الدبلوماسية.
وتقول السلطات الفرنسية إن هذا التعديل لا
يستهدف الجزائر تحديدًا، بل يدخل ضمن خطة أوسع لتقليص عدد حاملي بطاقات الوصول
الدائم وإخضاع التحركات في تلك المناطق لمرافقة أمنية مسبقة، وذلك بدعوى تقليل
المخاطر المحتملة وضمان التتبع الكامل للعمليات.
غير أن الجانب الجزائري يعتبر أن التطبيق
الحصري تقريبًا على بعثته الدبلوماسية يُظهر طابعًا انتقائيًا وتمييزيًا، ما يضعف
الحجة الأمنية التي تسوقها باريس.
في ضوء هذا
التوتر الجديد، فإن الخلاف حول
وصول الدبلوماسيين الجزائريين إلى المطارات الفرنسية قد يفتح جبهة أزمة إضافية في
العلاقات الجزائرية ـ الفرنسية، التي تشهد أصلًا حساسية مزمنة بفعل ملفات الهجرة،
والتأشيرات، والذاكرة التاريخية.
وإذا لم تتم معالجة هذا الملف بسرعة، فقد
تتجه الجزائر نحو تشديد تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، ما يعني فرض قيود مقابلة على
الدبلوماسيين الفرنسيين العاملين على أراضيها، الأمر الذي قد يعرقل النشاط القنصلي
ويؤثر على الجالية الفرنسية في الجزائر. ك
ما أن استمرار الخلاف قد ينعكس على قنوات
التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين، خاصة في ظل حاجة باريس للحفاظ على نفوذها
في منطقة الساحل، وحاجة الجزائر لدعم أوروبي أوسع في ملفات الطاقة والاستثمار.