في خطوة استفزازية جديدة تزامنت مع تصاعد الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، زار وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بِتسلئيل
سموتريتش، الخميس،
مستوطنة "
سانور" المُخلاة شمال مدينة
جنين، برفقة قيادات استيطانية بارزة، وذلك بعد قرار رسمي من حكومة الاحتلال بـ"الاعتراف" بها كمستوطنة كاملة ضمن "مجلس شومرون الإقليمي".
وتأتي هذه الزيارة بعد نحو ثلاثة أشهر من قرار "الكابينت" (المجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون الأمنية والسياسية) إضفاء الشرعية على "سانور"، إلى جانب 22 مستوطنة أخرى شمال الضفة، سبق أن تم إخلاؤها بموجب "خطة فك الارتباط" التي نفذتها حكومة الاحتلال عام 2005.
شعارات عنصرية ومشهد استفزازي
وظهر سموتريتش خلال الزيارة في موقع طُرِز بشعارات عنصرية من قبيل: "شعب إسرائيل يعود إلى سانور" و"
الموت للعرب"، وهي العبارات التي أثارت غضبًا واسعًا بعد تداولها عبر وسائل إعلام عبرية، ما دفع "مجلس شومرون" لنشر صورة معدّلة للوزير تم فيها إزالة تلك الكتابات.
في المقابل، زعم مكتب الوزير، في بيان لاحق، أن سموتريتش "لم يكن على علم بالشعارات"، مضيفًا: "ما يزعج الإعلام ليس الغرافيتي السخيف، بل قيادة الوزير لثورة استيطانية في الضفة الغربية لم تحدث منذ عقود".
شارك في الزيارة أيضًا يوسي دغان، رئيس مجلس "شومرون" الاستيطاني، الذي كان مستوطناً في "سانور" قبل إخلائها عام 2005. وقال دغان: "بعد 20 عامًا من الظلم، أُتيحت لنا فرصة تاريخية للمشاركة في تصحيح المسار. نحن هنا اليوم بهدف العودة للأبد"، حسب زعمه.
وزعم سموتريتش من جانبه أن قرار الحكومة إعادة إنشاء "سانور" جاء ضمن خطة أوسع تشمل بناء 50 مستوطنة جديدة، واصفًا إخلاء مستوطنات شمال الضفة سابقًا بأنه "حماقة كبرى"، وأن تلك المستوطنات كانت تشكل "حزامًا أمنيًا" يحمي العمق الإسرائيلي، مدعيًا أن "الفراغ" الناتج عن الإخلاء أدى إلى نشوء ما وصفها بـ"بؤر إرهابية".
تصعيد استيطاني وتجاهل للقانون الدولي
وتأتي خطوة الاعتراف بـ"سانور" وإعادة تأهيلها في ظل توسع استيطاني غير مسبوق تشهده الضفة الغربية، وسط تجاهل تام للقرارات الدولية التي تعتبر جميع المستوطنات في الأراضي المحتلة غير شرعية بموجب القانون الدولي.
وفي أيار/مايو الماضي، ألغت حكومة الاحتلال قانون "فك الارتباط" في شمال الضفة، ما أتاح للمستوطنين العودة إلى مواقع أُخليت قبل عقدين. وتُعد زيارة سموتريتش، الخميس أول حضور رسمي لوزير إسرائيلي في "سانور" منذ إعادة الاعتراف بها، ما يثير مخاوف من تسارع عملية إعادة بناء المستوطنة وفرض وقائع جديدة على الأرض.
أثارت الزيارة أيضًا جدلًا داخل الاحتلال الإسرائيلي، إذ اعتبرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن "إحياء المستوطنة" يأتي في توقيت حساس وسط تصاعد التوترات الإقليمية، ويُعيد إلى الواجهة السجال الإسرائيلي الداخلي حول سياسة "فك الارتباط" وتبعاتها. وأضافت أن الشعارات التحريضية التي ظهرت خلال الزيارة تُبرز "الطبيعة الانقسامية للمشروع الاستيطاني الإسرائيلي".
من جهتها، دانت شخصيات فلسطينية الزيارة واعتبروها "استفزازًا مقصودًا وتصعيدًا خطيرًا" يهدد بمزيد من التوتر في شمال الضفة، خاصة في محيط مدينة جنين التي تشهد مواجهات متكررة مع قوات الاحتلال والمستوطنين.