ملفات وتقارير

حصيلة 4 أعوام من إجراءات قيس سعيد الاستثنائية.. هل من انفراجة قريبا؟

قرارات سعيد الاستثنائية لاقت دعما وترحيبا من بعض الأحزاب أبرزها حركة "الشعب" - الأناضول
تستكمل تونس الجمعة، الخامس والعشرين من يوليو/تموز الجاري، أربعة أعوام على الإجراءات الاستثنائية التي أعلنها قيس سعيد عام 2021، والتي سميت بتصحيح للمسار، فيما رأت فيها المعارضة انقلابا مكتمل الأركان على الديمقراطية والشرعية وواجهتها برفض واسع مازال مستمرا حتى اللحظة ما جعل المشهد في حالة شد وجذب ولا يبشر بانفراجه قريبة.

فمنذ أربع سنوات، وفي خطوة مفاجئة وصفت "بالزلزال السياسي "خرج الرئيس سعيد، وضمن مجلس الأمن القومي معلنا حل برلمان انتخابات 2019، مع رفع الحصانة على جميع نوابه وإقالة رئيس الحكومة حينها هشام المشيشي، ثم تبعها بعدة قرارات أخرى أبرزها حل هيئات دستورية والمجلس الأعلى للقضاء وتعليق العمل بدستور 2014 والحكم عبر المرسوم 117، ليقرر إثر ذلك الاستفتاء على دستور جديد سنة 2022، ضمن له صلاحيات واسعة ومطلقة للحكم فبات من برلماني إلى رئاسي.

"انقلاب"
قرارات سعيد الاستثنائية لاقت دعما وترحيبا من بعض الأحزاب أبرزها حركة "الشعب"، وشخصيات سياسية وحقوقية، إلا آخرين أبرزهم حركة "النهضة"، ومنذ اللحظات الأولى اعتبرتها انقلابا وواجهته بالاحتجاجات للتوسع دائرة الرفض لقرارات سعيد خاصة بعد رفضه لجميع مبادرات الحوار أو التواصل حتى أن أغلب من كانوا داعمين له انشقوا عنه وطالبوه بالاستقالة بالنظر لاشتداد الأزمة بالبلاد.

وقال القيادي بجبهة "الخلاص الوطني" وبحركة "النهضة"، بلقاسم حسن، إن "تونس منذ 25يوليو/تموز2021 عرفت نسفا لديمقراطيتها الوليدة، وفقدت مسار ثورتها المجيدة جراء ما عرفته من انقلاب على الشرعية وتغيير للدستور وحل عديد المؤسسات وفي مقدمتها البرلمان الشرعي والمجلس الأعلى للقضاء وهيئة دستورية القوانين وهيئة محاربة الفساد وغيرها..".

واعتبر في قراءة خاصة لـ "عربي21"، أن "البلاد دخلت في أزمة خانقة في مختلف المجالات السياسية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية، وتم الإجهاز على المسار الديمقراطي برمته والضرب عرض الحائط بأهداف الثورة وإثارة القضايا الجزافية وعقد المحاكمات المتتالية التي تفتقر إلى شروط المحاكمات العادلة وإصدار الأحكام الجائرة بحق عدد كبير من المعارضين والنشطاء السياسيين، الحقوقيين والإعلاميين".

يشار إلى أنه ومنذ شباط / فبراير 2023، وسعت السلطات من حملة ملاحقاتها القضائية ضد أبرز المعارضين من كبرى الأحزاب وخاصة ممن تحملوا مناصب عليا بعد الثورة، إضافة إلى إيقاف رجال أعمال وصحفيين ونشطاء.

"أربع سنوات من الحكم الفردي"

وقال الناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري وسام الصغير إن "العنوان الرئيسي لهذه الأعوام هو الحكم الفردي والتسلط، فكل القرارات والمراسيم والإجراءات تنصب في استخلاص وحيد وهو مزيد فرض قبضة الشخص على الدولة والحكم المطلق".

ورأى الصغير في تصريح خاص لـ "عربي21"،"كل المؤشرات المالية والاقتصادية في انهيار متواصل، هناك أزمة في محزون العملة والتضخم والديون وكذلك البطالة وخاصة في فئة الشباب والقروض المتواترة التي تجاوزت الثلاثين قرضا في العامين الأخيرين فقط، كل هذا يعطي صورة دقيقة عن سنوات سعيد الأربع من الحكم المطلق".

وأضاف "الحصيلة شعارات ثورية والخلاصة فارغة وسلبية، القوانين والتشريعات كلها لتكريس الحكم الفردي واعتماد سياسة التصحر للمشهد عبر تعمد تلفيق القضايا لكل الخصوم والمنافسين له بزج بهم في السجون" مؤكدا" هناك عنوان فلكلوري كبير وهو قضايا "التآمر 1و2 وأحكام ظالمة لأجل الحكم والتفرد به والنزوع نحو الدكتاتورية والاستبداد".

ما الحل؟
وعن سبل خروج البلاد من أزمتها بعد هذه السنوات التي غاب فيها أي حوار أو تواصل بين السلطة والمعارضة اعتبر القيادي بالجبهة بلقاسم حسن أن "تونس في حاجة إلى حوار وطني شامل غير إقصائي تحت مظلة الشرعية والديمقراطية بين كل القوى الوطنية المتمسكة بأهداف الثورة وبمقومات الديموقراطية من أجل الإنقاذ الوطني الضروري للخروج من الأزمة العميقة التي تعيشها البلاد وإلى مراجعة قوى المعارضة الديمقراطية لمواقفها وأهمية تجاوز خلافاتها الحزبية الضيقة وتغليب المصلحة الوطنية العليا".

فيما رأى المتحدث باسم "الجمهوري" وسام الصغير "لا يمكن الحديث عن مخرج للأزمة إلا بإيقاف حالة المكابرة والهروب إلى الأمام فيما يحصل الآن بالمشهد الرسمي، لأن تواصله يعني مزيد تعميق الأزمة وعزلة تونس دوليا، لابد من دعوة الجميع للحوار والتفكير المشترك لإنقاذ تونس".

جدير بالذكر أن مبادرات حوار عديدة تم طرحها خلال هذه السنوات قابلها رفض رسمي، حيث شدد سعيد أنه مطلقا لا عودة للوراء وأنه سيتم تصحيح مسار الثورة ومحاسبة كل من تورط في جرائم بحق البلاد والشعب.