سياسة عربية

دمشق و"رجال الكرامة" تتهمان الهجري بالمسؤولية عن تفجر الأوضاع في السويداء (شاهد)

الهجري في موقف اتهام.. دمشق وقوى محلية تحمله مسؤولية تصاعد العنف في السويداء - وكالة الأناضول
في خضم التوترات المتصاعدة في محافظة السويداء جنوب سوريا، ظهر انقسام واضح داخل حركة "رجال الكرامة"، أكبر فصيل درزي مسلح في المنطقة، بين قيادات سابقة وأخرى حالية، وسط استمرار الاشتباكات وسقوط عشرات القتلى والجرحى، وتحذيرات من انزلاق الأوضاع نحو مزيد من العنف.

وفي بيان مصور بثه مساء الاثنين، نفى القيادي السابق ليث البلعوس أن تكون مجموعته المسلحة، التي يقودها، طرفاً في التصعيد الأخير، مؤكداً أن "فصيله لم يكن يوماً جزءاً من مؤامرة أو عاملاً في زعزعة استقرار السويداء"، وأنه ظل في طليعة من سعى للحوار ورفض تحويل "الجبل إلى ورقة ضغط"، في إشارة إلى مناطق الطائفة الدرزية جنوب البلاد.

غير أن "رجال الكرامة"، الحركة التي أسسها والده، الشيخ وحيد البلعوس عام 2012، سارع إلى إصدار بيانين رسميين نفت فيهما أي صلة حالية بالبلعوس الابن، مؤكدة أنه "ليس من صفوف الحركة منذ العام 2016".


البلعوس يدافع عن موقفه.. ويدعو للحوار
وقال ليث البلعوس، في بيانه، إن فصيله "تحمل مسؤولياته الوطنية منذ لحظة سقوط النظام"، مشيرا إلى ما وصفه بـ"التهديدات والانتهاكات" التي طاولته، بما في ذلك حرق منازل عناصره وانتهاك قبر والده، الشيخ وحيد، الذي اغتيل في ظروف غامضة عام 2015.

وردا على اتهامات بضلوع مجموعته في إشعال الصراع الأخير أو التواطؤ مع السلطات السورية، شدد البلعوس على أن هذه الادعاءات "باطلة"، مؤكداً أن فصيله كان من أوائل من أطلقوا مبادرات للتهدئة والإفراج عن المحتجزين، وقال إنهم على تواصل مع "جهات دبلوماسية ودولية" أبدت حرصا على منع الانزلاق نحو الفوضى.

كما طالب البلعوس مجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي بـ"تحمل مسؤولياتهم إزاء ما يجري"، مشددًا على أن ما يحدث في السويداء "نتاج تعنت طرف يرفض الحوار وينفرد بقرار الطائفة خدمةً لأجندات خارجية واضحة".

"رجال الكرامة": لا صلة لنا بالبلعوس وسنقاتل حتى النهاية
في المقابل، أكدت "رجال الكرامة" أن ليث البلعوس لا يمثلها، متهمة الإعلام الرسمي السوري بـ"التضليل" عبر تقديمه كقيادي في الحركة، ورفضت تحميلها مسؤولية تصريحات لا تصدر عنها رسميا.

وفي بيانها الأول، أعلنت الحركة مقتل 46 من عناصرها في المعارك الأخيرة، مشيرة إلى أن هذه "حصيلة أولية"، ومؤكدة استمرار المواجهات في محاور عدة، لا سيما في الريف الشمالي والشمالي الشرقي من المحافظة.

كما أكدت أن "أوامر قائد الحركة، الشيخ أبو حسن يحيى الحجار، كانت واضحة منذ اللحظة الأولى: الدفاع عن الأرض والعرض حتى آخر مقاتل"، وحيت ما وصفته بـ"صمود أبناء السويداء في وجه المجموعات الغازية".

وفي بيان ثانٍ، اتهمت "رجال الكرامة" الحكومة السورية بخرق الاتفاقات، قائلة إن "قوات النظام دخلت الجبل بذريعة فض النزاع، ثم ارتكبت مجازر"، معتبرة أن "ما يحدث هو نتيجة مباشرة لنقض العهد من قبل السلطة"، وشددت على أن "الجبل اليوم موحد في مواجهة العدوان"، بحسب تعبيرها.


دمشق: نسعى لنزع فتيل التوتر
من جانبها، أكدت الحكومة السورية أنها تعمل على "احتواء التصعيد" في محافظة السويداء، وسط تصاعد المواجهات بين القوات النظامية والفصائل المحلية.

وقال وزير الإعلام السوري، حمزة المصطفى، في منشور عبر منصة "أكس"، إن الحكومة تسعى إلى "نزع فتيل التوترات من خلال جهود منسقة تعطي الأولوية للوحدة الوطنية، وتمنع التفتت الاجتماعي"، مشيرا إلى أن الإجراءات تشمل "إجلاء المدنيين، خاصة من البدو، والتصدي لحملات التحريض".

وحذر المصطفى من تعميم السلوكيات الفردية على مجتمعات بأكملها، في إشارة إلى الشيخ حكمت الهجري، الذي تتهمه السلطات بتأجيج الصراع، مضيفا: "الإنصاف يتطلب التمييز بين التصرفات الفردية والهوية الجماعية".

وأوضح الوزير أن هناك تنسيقا أمنيا لتفادي تفاقم التصعيد، مشيرا إلى استمرار المفاوضات مع جهات محلية ومنظمات إنسانية "لضمان إطلاق سراح المحتجزين وتوضيح مصير المفقودين".

عمليات إجلاء ومخاوف من تفجر الوضع
بالتوازي، بدأت الثلاثاء٬ عملية إجلاء عدد من المصابين والمدنيين من مدينة السويداء إلى محافظة درعا، بعد إعلان اتفاق يقضي بإخراج الراغبين من المدنيين، في مسعى لتخفيف حدة الاشتباكات ووقف الانهيار الإنساني.

وتأتي هذه التطورات وسط تحذيرات من انزلاق المحافظة، ذات الأغلبية الدرزية، إلى صراع داخلي واسع النطاق، في وقت تسعى فيه الحكومة لإعادة بسط سيطرتها على الجنوب السوري، وسط توتر إقليمي متزايد.

تأسست حركة "رجال الكرامة" عام 2012 على يد الشيخ وحيد البلعوس، في أعقاب الثورة السورية، كرد على محاولات النظام السوري سَوق شبان السويداء إلى الخدمة الإلزامية والانخراط في الحرب ضد أبناء بلدهم.

ورغم محاولات النظام تفكيك الحركة منذ اغتيال مؤسسها عام 2015، إلا أنها ظلت لاعبا رئيسيا في مشهد الجنوب السوري، وبرزت مرارا في مواجهات مع ميليشيات موالية للنظام، أو في صدّ محاولات التوغل من تنظيم الدولة أو المجموعات المسلحة.