اتهم مغني
الراب الأمريكي الشهير
ماكليمور، مجددا، الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب إبادة جماعية بحق الشعب
الفلسطيني في قطاع
غزة، وذلك خلال مشاركته في مهرجان "دايشبراند" الموسيقي الذي أقيم في ولاية سكسونيا السفلى شمالي ألمانيا.
وفي كلمته أمام جمهور المهرجان، قال الفنان المنحدر من مدينة سياتل الأمريكية، واسمه الحقيقي بنيامين هاجرتي: "أنا متأكد من أن هناك أشخاصا، وربما حتى هنا بين الجمهور، قيل لهم إن الاعتراض العلني على الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني هو معاداة للسامية. لا تنخدعوا بهذا الخطاب الاستعماري".
وجاءت تصريحات ماكليمور بعد أسابيع من الجدل الحاد في الأوساط السياسية والإعلامية الألمانية، حيث سبق للمجلس المركزي لليهود في ألمانيا أن اتهمه بمعاداة السامية، محذرا من مشاركته في المهرجان.
وردت إدارة المهرجان على هذه الاتهامات بوضع خطة توعوية شاملة تشمل ورش تدريبية، وتعهد علني بمناهضة الكراهية والعنف ومعاداة السامية.
وفي تحدٍ للضغوط، قال ماكليمور: "كان هناك ضغط - من بعض الجهات الحكومية، ومن مؤسسات، ومن رعاة خلف الأبواب المغلقة - لمنعي من قول هذا الكلام، بل لإلغاء حفلي الليلة"، مشيرا إلى أن محاولات إسكات صوته باءت بالفشل.
وأدى الفنان الأمريكي خلال الحفل أغنيته الشهيرة "هيندز هول"، التي أصدرها في العام الماضي دعما للقضية الفلسطينية، وطلب من الجمهور ترديد عبارة "فلسطين حرة"، وهو ما لاقى تفاعلا واسعًا من الحاضرين.
التزام متواصل بفلسطين
لا تُعد مواقف ماكليمور المؤيدة للقضية الفلسطينية حديثة العهد؛ فقد أصدر خلال العامين الماضيين أغاني أثارت جدلا واسعا، أبرزها "هيندز هول" و"فاكد أب"، ويتهم فيهما الاحتلال الإسرائيلي صراحة بارتكاب جرائم إبادة جماعية.
وفي أحد المقاطع المصورة المرافقة لتلك الأعمال الفنية، يقارن المغني الأمريكي بين طفل في "غيتو وارسو" إبان الحقبة النازية، وآخر في غزة اليوم، في إشارة رمزية تثير الكثير من الجدل في السياق الألماني الحساس تاريخيا.
إنتاج سينمائي لدعم غزة
وفي سياق دعمه المتواصل للقضية الفلسطينية، أعلن ماكليمور مؤخرا عن مشاركته في إنتاج فيلم وثائقي يوثق حركة التضامن مع غزة داخل جامعة كولومبيا في نيويورك، وذلك بالتعاون مع شركة "Watermelon Pictures"، ومن إخراج الصحفي كاي بريتسكي والمخرج مايكل تي ووركمان.
ويركز الفيلم على قصة الناشط الفلسطيني محمود خليل، خريج جامعة كولومبيا، والذي احتُجز سابقا من قبل عملاء الهجرة الفيدراليين في الولايات المتحدة، في إطار حملة إدارة ترامب ضد الطلاب المناصرين لفلسطين.
كما يوثق الفيلم تطورات الاحتجاج الذي انطلق في نيسان/ أبريل 2024 عندما نصب نحو 50 طالبا خياما داخل الحرم الجامعي، دعما لغزة واعتراضا على سياسات الاحتلال الإسرائيلي.
ويكشف الوثائقي عن التحديات التي واجهها الطلاب، بما في ذلك مداهمات الشرطة، والحملات الإعلامية المضادة، وضغوط الإدارة الجامعية، ويوفر مشاهد حصرية تبرز طبيعة الصراع داخل الحرم الجامعي الأمريكي حول حرية التعبير والعدالة لفلسطين.
وقال مخرجا الفيلم، بريتسكي ووركمان، إن العمل يمثل "دليلا على شجاعة جيل جديد من الطلاب"، فيما علق ماكليمور بالقول: "الطلاب دائما في طليعة النضال من أجل العدالة... من حركة الحقوق المدنية، إلى مقاومة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، إلى نضالهم اليوم من أجل غزة".
سياق سياسي متوتر في ألمانيا
تأتي تصريحات ماكليمور ومشاركته في العمل السينمائي، في ظل مناخ مشحون في ألمانيا، حيث تتعامل السلطات بصرامة مع أي انتقاد للاحتلال الإسرائيلي، وتربط كثيرا بين معاداة السامية وأي مواقف مناهضة للاحتلال، وهو ما يثير انتقادات منظمات حقوقية تتهم الحكومة الألمانية بـ"تكميم الأفواه وتسييس تاريخ الهولوكوست".
وتواجه فعاليات ثقافية، وأكاديميون، وفنانون، ضغوطا متزايدة في ألمانيا بسبب مواقفهم المتضامنة مع الفلسطينيين، وسط مطالب أوروبية متزايدة بفتح نقاش موضوعي حول التمييز في تطبيق معايير حرية التعبير بين القضايا.
ويُنظر إلى ماكليمور كأحد أبرز الأصوات الغربية الفنية التي كسرت حاجز الصمت إزاء جرائم الاحتلال الإسرائيلي، ودفعت القضية الفلسطينية إلى ساحات الفن والاحتجاج العالمي، رغم ما يواجهه من حملات تشويه ومنع.