حمل الأمم
إن الأمم تلد مَن يصيبها بالمرض ومن يعالجها، مَن يجعلها تحتضر ومن يحييها
فيكون هو من ولد الأمة الجديدة بفكر متجدد أو جديد، بيد أن هذه النخبة الإحيائية
كأي نخبة بنّاءة لا تنزل من مكان مجهول بل هي تولد في كفن أمّة تحتضر، هذا الكفن
الذي غلّفها أتى عبر الزمن من نماذج ذكرناها من التربية بدرجاتها والمعرفة والمعايير،
والتقديس للأفكار القديمة والأشخاص، فهي ولادة ضمن كفن من تجهيزات دفن الأمة.
المفكر مثل أي
إنسان هو ابن بيئته، يولد ويتلقى من الأسرة والعائلة، ثم
المحيط الذي يشكل الجانب الأكبر، فالمدرسة ومعلموها وخروجه إلى الحياة، هذه مخاض
التحرر والحياة للخروج من كفن التقليد، وما لم يك له دورا في صناعته أو التمكن من
الإحساس بالارتياح له وهو يتلقاه.. عند كلمة التلقي يكون افتراق الطرق بين المفكر
وبقية أنواع البشر، فالمفكر يفكك المعلومة ويصنفها وينظر للفائدة منها، إذن هو مسيطر
افتراضا على غرائزه وحاجاته لكن هذا ليس إلا بتفاعل القيم والحاجات والغرائز ومدى
ثورتها، لكن
التفكير وأعمال المنظومة العقلية هي من يمزق الأكفان.
المفكر مثل أي إنسان هو ابن بيئته، يولد ويتلقى من الأسرة والعائلة، ثم المحيط الذي يشكل الجانب الأكبر، فالمدرسة ومعلموها وخروجه إلى الحياة، هذه مخاض التحرر والحياة للخروج من كفن التقليد، وما لم يك له دورا في صناعته أو التمكن من الإحساس بالارتياح له وهو يتلقاه.. عند كلمة التلقي يكون افتراق الطرق بين المفكر وبقية أنواع البشر، فالمفكر يفكك المعلومة ويصنفها وينظر للفائدة منها
ما يحصل في الأكفان:
- ركوب القيم بدل حملها، ورفع الشعارات للمرور من تحتها
بمناطيد الفساد.
- الاستخفاف بالقيمة البشرية وتبديد الطاقات بل محاربتها، وعادة ما
تكون هذه الطاقات أقل قدرة للدفاع عن نفسها فتهاجر.
- قصر النظر والإعجاب بمخرجات التفكير هذا، وغالبا ما
يكون المتصدر من يتكلم وينتج الأفكار التي تسبب التخلف وتمجده نخبة حوله لتنتقل
عملية تمجيده إلى المجتمع بالعقل الجمعي فيُقادون منه كالقطيع.
- الوعود التي تفوق الطاقة تفقد الأمل بالتطور والإصلاح.
- تحفيز الناس لأمر بسيط بأقصى وسائل استثارة العقل الجمعي، فلطالما
رأينا الشحن العاطفي للجمهور ولكن لتحقيق مشهد ما بلا رؤية أو خطة أو نية للعمل
الجاد، وهكذا يحبط الجمهور مرة بعد مرة ليتبلد الإحساس كما نرى اليوم؛ أمة بلا
حراك ومن يتحرك فيها دود ينخرها يطالب بقتل منتجي أدوية وعلاج.
أهم
معوقات اليقظة:
- الاتفاقيات
التي مزقت الأمة، كسايكس- بيكو، معيقة جدا
للتفكير بنسق يفيد الأمة ككل ولا يجعل كل جزء يتميز على الآخر فيكرس الانقسام.
- الانقسامات
الداخلية، مثل الخلافات السياسية والطائفية، تعيق التعاون والالتحام الفكري بين
المفكرين المنتمين إلى هذه الروابط الهابطة، واعتبار أي طاقة هي خطر ما دامت ليست
تصب في الفكر الهابط المتفشي بالمجتمع.
-
الأنظمة الاستبدادية تقمع الحريات، مما يجعل الناس ينشغلون بالمعاش اليومي مبتعدين
عن التضحية، كانوا فاعلين ليرتقي أناس على أنهم مخلصون فإذا هو استبدال استبداد
باستبداد، وإن كان خيرا فلا يعم وإنما يُستحوذ عليه، وتكرر محاولات التأييد
والاندفاع حتى أصبحت غير محفزة ولو بالحد الأدنى.
-
التبعية الاقتصادية تجعل الدول عرضة للضغوط الخارجية، مما يؤثر على الاستقلالية، وغياب الاهتمام برفاهية المواطن، أو على الأقل بعيشه
الكريم ناهيك عن تنظيم الطاقات وتأهيلها تجنيدها للعمل من أجل البلاد والمجتمع.
-
النظام التعليمي غالبا لا يركز على التفكير النقدي بل الإملا،ء ويمتحن الحفظ وليس الإبداع،
ولا يركز على دراسة المواهب ومراكز الإبداع أو التنبه للعقليات الموسوعية التي
تفيد البلد بكل اتجاه، مما يحد من فاعلية الوعي.
أهم
معوقات المفكرين في الإصلاح:
-
القمع السياسي، مثل الرقابة، يحد من حرية وفاعلية الأفكار الإصلاحية.
- ضعف
الدعم المؤسسي يجعل تنفيذ الإصلاحات صعبا، فلا يفهم أكثر أصحاب القرار أهمية مراكز الدراسات في فاعلية الفكر
والنهضة.
عدم إقصاء أي جهد نافع يصب في نهضة الأمة، حيث إن هذا المشروع لا يستغني عن النخب المؤثرة والقيادات الرشيدة الفاضلة من كل التيارات والأحزاب والجماعات وكل المخلصين من الحكام والمحكومين، بالإضافة إلى الدعاة والأفراد المستقلين
-
المقاومة من القوى المحافظة، التي ترى الإصلاح تهديدا للقيم، تعيق التقدم، وغالبا ما يقابل أي فكر جديد أو فكرة بالتحفز لتفنيدها
أو رفضها وتسفيهها، وهي لا تحمل تقديسا للموروث وأشخاصه.. وبإمكان التفكير أن يمتد
بالمنحدر الزلق.
- الوضع الاقتصادي السيئ والفساد يخلق تذمرا ويجعل الخطاب الشعبوي الأقوى.
-
العلاقات الدبلوماسية غير المتوازنة تصعد السيئ وتحبط الصالح والمصلح منهم.
-
الحواجز الاجتماعية والثقافية، مثل الولاءات للروابط الهابطة، تعيق الوحدة
والتغيير، ورغبة البعض بالتفوق وأن يكون الفاهم الوحيد والمهندس
الوحيد والطبيب الوحيد، نوع من الرغبة بالتفوق وغالبا ما تأتي عن فراغ تزيح العالم
والفاهم لتسيد الجاهل والبليد الظالم.
توصيف عمل اليقظة:
ومن هذه الحالة تنتج عملية تفكير الحاجة حلولا لمشاكل ومخططات:
1- البعد عن
الارتجال أو الاكتفاء بالاقتصار على استثارة العواطف. إذ إن المرحلة يجب أن تسير
في كل حركاتها على أدق قواعد البحث العلمي.
2- الانطلاق من
القواسم المشتركة للعاملين من أجل
نهضة الأمة، والإيمان بالعمل من أجلها.
3- تجنب
الاستقطاب لمدرسة مذهبية أو حزبية، فهذا يحرم
البلد من طاقات تعطل وتوأد.
4- عدم إقصاء أي جهد
نافع يصب في نهضة الأمة، حيث إن هذا المشروع لا يستغني عن النخب المؤثرة والقيادات
الرشيدة الفاضلة من كل التيارات والأحزاب والجماعات وكل المخلصين من الحكام
والمحكومين، بالإضافة إلى الدعاة والأفراد المستقلين.