أدان
الأزهر الشريف، في بيان صادر الخميس، الغارات الجوية الأخيرة للاحتلال الإسرائيلي على الأراضي السورية، معتبراً أنها تمثل عدواناً صارخاً على سيادة دولة عربية، وانتهاكاً فاضحاً للقوانين الدولية، ومقدمة لمخطط أوسع يهدف إلى إشاعة الفوضى وتقسيم
سوريا على أسس طائفية وعرقية.
وقال الأزهر في بيان له، إن الغارات الإسرائيلية تعكس "أجندة احتلالية تسعى لزعزعة الاستقرار في المنطقة وتحويلها إلى ساحة مفتوحة للحروب والصراعات الدائمة".
وأضاف البيان أن هذه الغارات، التي استهدفت الأربعاء أكثر من 160 هدفا في أربع محافظات سورية، هي السويداء ودرعا ودمشق وريفها، وأسفرت عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 34 آخرين، تمثل امتداداً لانتهاكات إسرائيلية ممنهجة بحق شعوب المنطقة، وتكشف سعي الاحتلال إلى التوسع وفرض وقائع جديدة بالقوة تحت غطاء صمت دولي مريب.
وحذر الأزهر من أن هذه السياسات تخدم مشروعاً صهيونياً قديماً يقوم على إشعال الفتن الطائفية لتمزيق النسيج الاجتماعي السوري، مؤكداً أن قوة سوريا تكمن في وحدة شعبها وتماسكه الوطني، لا سيما في ظل تنوعه الديني والمذهبي.
ودعا الأزهر أبناء الشعب السوري إلى التمسك باستقرار وطنهم والحفاظ على وحدة أراضيه، منبهاً إلى أن الانزلاق في أتون الفتن الطائفية يخدم فقط الأطراف الساعية إلى تقسيم البلاد ونهب ثرواتها.
كما طالب المؤسسات الدينية والفكرية والعلماء والقيادات المجتمعية بـ"التيقظ والوقوف صفا واحدا في وجه محاولات بث الفرقة والاقتتال الداخلي".
وأشار البيان إلى أن الأحداث المؤسفة في محافظة السويداء مؤخرا، والتي اندلعت على خلفية اشتباكات مسلحة بين جماعات من المكونين الدرزي والبدوي، ينبغي أن تكون مدعاة للحكمة لا للانجرار إلى صراعات داخلية، خصوصاً في ظل محاولات بعض القوى الخارجية – وعلى رأسها الاحتلال الإسرائيلي – استغلال هذه التوترات لتبرير تدخلها العسكري وتمرير مشاريع التقسيم.
وفي هذا السياق، ذكر الأزهر بأن "إسرائيل تروج منذ سنوات لدورها المزعوم في حماية الأقليات السورية، وتستخدم هذا الادعاء ذريعة لتوسيع نفوذها في الجنوب السوري، والدفع نحو إقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح تخدم أهدافها الأمنية والعسكرية".
غير أن معظم قادة الطائفة الدرزية في سوريا، بحسب البيان، أعلنوا بوضوح رفضهم لأي تدخل خارجي، وتمسكهم بوحدة سوريا واستقلالها، ورفضهم القاطع لأي مشروع انفصالي أو تقسيمي.
وجدد الأزهر دعوته للمجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية إزاء الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة، سواء في سوريا أو في فلسطين، محذرا من أن الصمت العالمي أمام هذه الجرائم بات يشجع الاحتلال على المضي في عدوانه وتوسعه.
وربط البيان بين العدوان على سوريا، وما وصفها بـ"حرب الإبادة الجماعية" التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، مؤكداً أن ما يجري في سوريا وفلسطين ولبنان من انتهاكات واحتلال هو وجه واحد لسياسة عدوانية تهدف إلى السيطرة والهيمنة على المنطقة العربية.
وأشار إلى أن حرب غزة أسفرت حتى الآن عن أكثر من 198 ألف ضحية بين شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى آلاف المفقودين وموجات النزوح الجماعي والمجاعة التي أزهقت أرواح عشرات الأطفال.
وختم الأزهر بيانه بالتأكيد على أن "الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يرفض الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967، ويرفض الاعتراف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف"، داعيا العالم إلى كسر حاجز الصمت واتخاذ مواقف حازمة توقف هذه السياسات العدوانية قبل أن تجر المنطقة إلى انفجار شامل.