جدّدت الحكومة السورية، أمس الأربعاء، موقفها الرافض لأي مشروع لتقسيم البلاد أو فرض الفدرالية، مؤكدة ترحيبها بأي مسار من شأنه تعزيز وحدة وسلامة الأراضي السورية، في ضوء الاتفاق الموقّع مع "قوات
سوريا الديمقراطية" (
قسد)، وبموجب رعاية أمريكية لافتة لمسار الدمج التدريجي.
وفي بيان رسمي نشرته وكالة الأنباء السورية "سانا"، شددت دمشق على تمسكها بمبدأ "سوريا واحدة، جيش واحد، حكومة واحدة"، ورفضها القاطع لأي شكل من أشكال الفدرلة التي تتعارض مع السيادة الوطنية ووحدة التراب السوري.
وأكدت الحكومة أن الجيش السوري هو المؤسسة الوطنية الجامعة، وأبدت استعدادها لاستيعاب مقاتلي "قسد" ضمن صفوفه، في إطار دستوري وقانوني، يضمن عودة مؤسسات الدولة إلى المناطق الشمالية الشرقية، بما في ذلك قطاع الخدمات والصحة والتعليم والإدارة المحلية.
تحذير من التأخير: "يعقّد المشهد"
وأعربت الحكومة عن "تفهمها للتحديات التي تواجه بعض الأطراف في قسد"، لكنها حذّرت من أن "أي تأخير في تنفيذ الاتفاق لا يخدم المصلحة الوطنية، بل يعقّد المشهد، ويعيق جهود إعادة الأمن والاستقرار إلى جميع المناطق السورية".
وشدد البيان على أن "رهان بعض القوى على المشاريع الانفصالية أو الأجندات الخارجية هو رهان خاسر"، داعياً إلى "العودة إلى الهوية الوطنية الجامعة، والانخراط في مشروع الدولة السورية الجامعة".
كما أكدت دمشق أن المكون الكردي جزء أصيل من النسيج السوري، وأن حقوق جميع المواطنين، مهما كانت انتماءاتهم، تُصان وتُحترم ضمن مؤسسات الدولة، وليس خارجها.
واشنطن: لا خيار سوى العودة إلى الدولة
في السياق ذاته، أكد المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس
باراك، عقب لقائه الرئيس السوري أحمد
الشرع، أن "الخيار الوحيد المتاح أمام قوات قسد هو العودة إلى دمشق والانخراط ضمن مؤسسات الدولة السورية"، مشيرًا إلى أن الحكومة السورية أبدت "حماسة كبيرة" لتنفيذ الاتفاق.
وقال باراك إن الفدرالية "غير ممكنة في سوريا"، منتقداً ما وصفه بـ"تباطؤ قسد في تنفيذ التزاماتها"، داعيًا إلى الإسراع في تطبيق خارطة الطريق المتفق عليها سابقاً.
ويأتي هذا التصعيد الدبلوماسي في خضم تنفيذ اتفاق العاشر من آذار/ مارس الماضي، الذي تم التوصل إليه خلال لقاء جمع الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد "قسد" مظلوم عبدي في العاصمة دمشق، بحضور المبعوث الأمريكي.
وينص الاتفاق على دمج قوات ومؤسسات "قسد" ضمن بنية الدولة السورية، وتأكيد وحدة الأراضي السورية، ورفض أي دعوات انفصالية أو خطاب كراهية.
وبحسب مصادر "فرانس برس"، فإن اجتماعًا جديدًا عُقد أمس الأربعاء في دمشق، ضم وفدًا كرديًا برئاسة مظلوم عبدي، ومسؤولين من الحكومة السورية، والمبعوث الأمريكي توماس باراك، في خطوة وُصفت بأنها متابعة تنفيذية مباشرة لبنود الاتفاق، وسط إشارات إلى عقبات بيروقراطية وأمنية ما تزال تعيق التطبيق الكامل.
ويتضمن الاتفاق أيضًا التزام "قسد" بدعم الدولة السورية في مواجهة التهديدات الأمنية، بما في ذلك فلول النظام المخلوع بزعامة بشار الأسد، والجماعات المتطرفة، في إشارة واضحة إلى توجّه رسمي لترسيخ الوضع الجديد في مرحلة ما بعد الأسد، واستبعاد أي مشروع انفصالي.