سياسة عربية

ما وراء دعوة أمريكا لـ"قسد" إلى الاندماج ضمن الدولة السورية؟

واشنطن أشارت إلى أن التواصل بشأن سوريا سيكون فقط مع الحكومة بدمشق- جيتي
أثارت دعوة المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك قوات سوريا الديمقراطية "قسد" إلى الاندماج في "سوريا الجديدة" تساؤلات حول مستقبل هذه القوات التي تتلقى الدعم العسكري والسياسي من قبل الولايات المتحدة، والتي يشكل عمودها الفقري الوحدات الكردية المسلحة.

وكان باراك قد أكد أن الجهة الوحيدة التي ستتعامل معها واشنطن في سوريا هي الحكومة السورية، مضيفا أن "الحل الوحيد لأي تسوية يجب أن يكون من خلالها".


واعتبر باراك في تصريحات لوكالة "الأناضول" التركية، أن "الوقت قد حان لتجاوز الصراع والانقسام"، مشيرا إلى "الحاجة لخلق مساحة للحوار والمصالحة بين جميع الأطراف في سوريا".

وشدد المبعوث الأمريكي على أن بلاده "لا ترى بديلا عن التعامل مع دمشق بشكل رسمي"، وذلك في تهديد غير مباشر لـ"قسد"، التي تُتهم بالمماطلة في تنفيذ الاتفاق الموقع بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد "قسد" مظلوم عبدي، في آذار الماضي.

انتهاء دور "قسد"

ويقرأ السياسي الكردي علي تمي في دعوة المبعوث الأمريكي "قسد" إلى الاندماج في الجيش السوري الجديد، رغبة أمريكية بإغلاق ملف "قسد" التي كانت تتلقى دعما أمريكيا، بعد أن بات لدى واشنطن حليف قوي وموثوق في دمشق.

ويضيف لـ"عربي21" أنه بعد سقوط النظام السوري لم تعد واشنطن بحاجة إلى الخدمات التي كانت تقدمها "قسد" بشأن محاربة تنظيم الدولة، وأردف بقوله: "أعتقد ان دمشق سلمت واشنطن ملفا شاملا حول تورط "قسد" بتسهيل عناصر تنظيم الدولة إلى دمشق والمشاركة في الهجوم على كنيسة "مار إلياس" في حزيران الماضي".

وكانت الحكومة السورية قد أكدت عقب الهجوم الانتحاري أن الخلية المتورطة بالتفجير والتي تم إلقاء القبض على متزعمها، أتت من مخيم الهول بريف الحسكة، وهو المعتقل المخصص لعناصر التنظيم والخاضع لسيطرة "قسد"، الأمر الذي نفته الأخيرة.

وبحسب تمي، فإن كل ما سبق يعني أن الموقف الأمريكي بات أمام تحولات جديدة، معتبرا أن "المبعوث الأمريكي أرسل رسالة واضحة لـ"قسد"، مفادها إما الالتزام باتفاق 10 آذار وتسلم منطقة شرق الفرات سلّما للحكومة السورية، أو الذهاب إلى خيار الحرب دون حماية أمريكية لـ"قسد"، وهو ما يجعلها في موقف صعب للغاية".

ونص اتفاق آذار، على دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز، لكن للآن لم يتم تنفيذ هذا البند، حيث تطالب "قسد" بمنحها الوقت الكافي لتنفيذ هذا البند وغيره.

جيش تحت السيطرة

من جهته، يرى الكاتب والخبير بالشأن الكردي فريد سعدون، أن دعوة واشنطن "قسد" إلى الاندماج في الجيش السوري، تأتي تنفيذا لتوجهها نحو تشكيل جيش سوري خاضع لسيطرتها.

وأضاف لـ"عربي21"، أن الدعوة لا تعني انتهاء دور "قسد"، وإنما تغيير تموضعها، على حد تعبيره.


في المقابل، يعتقد الباحث والمحلل السياسي فواز المفلح، أن "قسد" لم تعد ضمن أولويات واشنطن في سوريا، ويوضح: "في ظل العلاقة الإيجابية بين واشنطن ودمشق بقيادتها الجديدة، لم تعد هناك أي حاجة أمريكية لـ"قسد"، وخاصة أن دمشق هي من تُعطي الشرعية لأي وجود أجنبي على أراضيها".

بذلك، يرى المفلح أن حديث المبعوث الأمريكي يهدف إلى زيادة الضغط على "قسد"، ودفعها إلى تنفيذ الاتفاق مع دمشق، دون عراقيل، وذلك لأن تنفيذ الاتفاق يضمن انسحابا أمريكيا "هادئا" من سوريا.

يذكر أن مصادر مقربة من دمشق، أشارت إلى إرسال وزارة الدفاع السورية تعزيزات وفرق إلى تخوم مناطق سيطرة "قسد" في دير الزور، معتبرة أن ذلك يعد مؤشرا على احتمالية نشوب مواجهة بين الدولة السورية و"قسد" التي تسيطر على مساحات غنية بالثروات في محافظات حلب والرقة والحسكة ودير الزور.