صحافة إسرائيلية

تحذيرات إسرائيلية من تصاعد عمليات التهريب عبر الأردن ومصر بواسطة "المسيّرات"

الاحتلال أعلن مرارا سيطرته على طائرات مسيرة زعم نقلها أسلحة- جيش الاحتلال
رغم الإجراءات الأمنية الإسرائيلية المكثفة لتأمين الحدود مع الدول العربية المجاورة، فإن استمرار ‏عمليات التهريب تشير إلى خروقات أمنية مقلقة، وهناك خشية جدية من تعاظمها ‏بوسائل متطورة مثل المسيرات، ما يأخذ المسألة نحو اتجاهات خطيرة.

فيلد أربيلي، مراسل صحيفة معاريف في المنطقة الجنوبية، ذكر أنه "منذ 71 عاما ‏بالضبط، في 17 مارس 1954، قامت مجموعة مسلحة بنصب كمين لحافلة إيغيد في طريقها من إيلات إلى تل ‏أبيب في مستوطنة معاليه هعقربيم، ما أدى لمقتل 12 مستوطنا، وهو أول هجوم دموي في تاريخ الاحتلال، ‏وكشفت تحقيقات الجيش أن المقاومين تسللوا من الأردن ضمن مجموعة فدائية، وهناك تكهنات بأنهم قدموا من ‏مصر، أو أنهم من سكان النقب يعملون في التهريب". ‏

وأضاف في مقال ترجمته "عربي21"، أن "إحياء ذكرى هذه العملية بعد كل هذه العقود الطويلة تؤكد أن ‏الإسرائيليين لم يتعلموا الدرس حقا، لاسيما مع دخول الطائرات المسيرة على خط التهريب، وإتقان الجماعات ‏المسلحة لتغيير قواعد اللعبة، فيما قال قائد منطقة الشرطة الجنوبية، حاييم بوبليل، إننا بتنا نعثر على طائرة دون ‏طيار في كل منزل تقريبا"، وتشير الأدلة لظاهرة مثيرة للقلق تتوسع، وهي التهريب المتطور ‏باستخدام الطائرات دون طيار. ‏

وأوضح أن "مجموعات التهريب الماهرة تغير قواعد اللعبة، وتجبر الشرطة على الانخراط في ‏مطاردةٍ لا هوادة فيها، تكاد تكون مستحيلة، وتستخدم طائرات رش مسيرة رخيصة الثمن نسبيا، قادرة على حمل ‏حمولات تتراوح بين 60 و70 كغم، لتنفيذ عمليات تهريبٍ سريعةٍ للغاية من الحدود الأردنية والمصرية، ولا تستغرق ‏العملية برمتها سوى بضع دقائق، لأنها تجتاز رحلة سريعة لمسافة 300 متر عبر الحدود، والهبوط، ونقل ‏البضائع إلى عربات تجرها الدواب تنتظر في الميدان". ‏

وأكد أنه "حتى لو تم ضبط الطائرات المسيرة، ففي غضون ساعات قليلة، فإن المهربين يزودون أنفسهم ‏بمعدات جديدة، ويواصلون أنشطتهم، الأمر الذي يضع علامات استفهام حول غياب الرصد الأمني، لأننا أمام ‏عمليات تهريب لأسلحة وبضائع غير بريئة، وأكثر خطورة، والجواب المقلق معروفٌ لدى الشرطة بأن المهربين ‏ينقلون أيضا الأسلحة والمخدرات وغيرها بالطريقة نفسها باستخدام الطائرات دون طيار نفسها، وبالتالي فليس ‏هناك ما يمنعهم من تهريب المتفجرات، أو حتى المقاتلين".‏

وأشار إلى أن "الاعتقالات الأخيرة التي نفذتها الشرطة في بعض المناطق داخل الدولة، وتضمن بعضها ‏تبادلا لإطلاق النار، يشير إلى تصميم عصابات التهريب، وخطورتها، لأننا أمام بنية تحتية يمكن استخدامها في ‏أنشطة مسلحة معادية بسهولة مثيرة للقلق، ولا يمكن للدولة بعد هجوم السابع من أكتوبر أن تتهاون؛ لأن الهجوم ‏على مستوطنات غلاف غزة جاء نتيجة مباشرة لتسلل المسلحين الذين استغلوا الثغرات في السياج الأمني، ولكن ‏بشكل رئيسي نتيجة التراخي الأمني السابق". ‏


واستدرك بالقول إن "هذه الثغرات موجودة أيضا في السماء، فالطائرات المسيرة المستخدمة في التهريب ‏مجهزة بتكنولوجيا متطورة، وسريعة، ويصعب اكتشافها، وتعترف الشرطة بأنها تواجه صعوبة في مواكبة أساليب ‏التهريب المتطورة، لأن طول الحدود مع مصر والأردن، وسرعة التهريب يجعلان من الصعب القبض عليهم، حيث ‏تتسابق الشرطة مع الزمن والتكنولوجيا والخبرة المتراكمة للمهربين، الذين استغلوا سهولة اختراق الحدود واستخدام ‏الطائرات المسيرة في عمليات تهريب سريعة ومتطورة ومربحة".‏

وأضاف أن "الدولة مطالبة بأن تستيقظ، وتدرك أن التهريب ما هو إلا قمة جبل الجليد لتهديد أمني ‏خطير، وهناك حاجة لاستراتيجية متكاملة، تعتمد إنشاء وحدة متخصصة لمكافحة تهريب الطائرات المسيرة، ‏تتضمن تقنيات متطورة للكشف والتعطيل والاعتراض، وتكثيف تعاون الجيش والشاباك والشرطة، للتعامل مع هذه ‏الظاهرة، وفرض عقوبات شديدة على مهربي الأسلحة والذخائر باستخدام الطائرات دون طيار، والاستثمار في ‏التقنيات المتقدمة لإحباط عمليات التهريب، بما فيها أنظمة تحديد التحركات المشبوهة على ارتفاعات منخفضة، ‏وتكثيف العمل الاستخباراتي المعمق في المناطق التي تتركز فيها أنشطة التهريب".‏

ودعا الكاتب إلى "زيادة التنسيق الأمني مع مصر والأردن؛ لإحباط عمليات التهريب على الحدود ‏المشتركة، لاسيما أنه في ٢٠٢٥ لم يعد التهديد الأمني على الأرض أو في الأنفاق فحسب، بل في السماء أيضا، ‏لأنه عندما يكون ممكنا تهريب الأسلحة والذخائر عبر الحدود خلال 300 متر من الطيران السريع، وبضع دقائق ‏من النشاط المعقد، فهذا يعد خرقا أمنيا يتطلب نهجا قوميا، وهو مؤشر على ضعف أمني خطير قد يكلف الإسرائيليين ‏أرواحهم، وإذا لم تغلق الدولة حدودها الجوية، فإن الدرس المؤلم الذي تعلمته في أكتوبر 2023 قد يصبح بمثابة ‏تحذير آخر لم تأخذه على محمل الجد".‏