حذر الكاتب الإسرائيلي ميخائيل هراري من أن فرصة تل أبيب في الاستفادة من حالة الفوضى السورية التي أعقبت سقوط نظام بشار
الأسد، بدأت تتلاشى من بين أيديها.
وقال هراري في مقال له بصحيفة "معاريف" إن وتيرة التطورات الإقليمية باتت "تبعث على الدوار". وأشار إلى أنه بعد مرور سنة على انهيار نظام الأسد وقيام حكم أحمد
الشرع في
سوريا، يمكن وصف المرحلة بأنها قصة نجاح مبهرة على صعيد العلاقات الخارجية، رغم الصورة المعقدة في الساحة الداخلية.
وأوضح الكاتب أن العناق الإقليمي والدولي السريع للحكم الجديد نبع من عاملين أساسيين؛ أولهما المقت الدولي لنظام الأسد الذي أوجب التمسك بالبديل، والثاني هو السياسة البراغماتية التي تبناها الشرع منذ يومه الأول لتسكين المخاوف.
ولفت هراري إلى أن ثلاثة لاعبين أدوا دوراً مركزياً في منح الشرعية لدمشق، وهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وبالطبع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي استضاف زعيم سوريا في البيت الأبيض لأول مرة تاريخياً.
وتابع هراري موضحاً أن سلوك الشرع تجاه "إسرائيل" وروسيا يجسد "براغماتية حكيمة"؛ فحيال تل أبيب دخل فوراً في مفاوضات لإعادتها إلى اتفاقات فصل القوات عام 1974، وحيال روسيا نجح في بناء منظومة علاقات مناسبة أبقت على وجودها العسكري في القواعد الغربية.
اظهار أخبار متعلقة
وأردف أن الحاكم السوري ينجح في تشويش خلفيته الإسلامية الراديكالية عبر سياسة "المرونة والتباكي"، مشيراً أيضاً إلى تحول لافت في العلاقة مع لبنان القائمة حالياً على الاعتراف بسيادته واستقلاله.
وعلى الصعيد الداخلي، أشار هراري إلى أن الأمر يبدو مختلفاً؛ فرغم إقامة مؤسسات حكم واعتماد دستور جديد، إلا أن مسيرة إعادة توحيد الدولة لا تزال في بدايتها. واستطرد مبيناً أن المواجهات القاسية مع الأقليات العلوية غرباً والدروز جنوباً، إضافة إلى التحدي الكردي في الشمال بزاويته التركية الاستراتيجية، توضح أن الطريق لا يزال متعثراً، فضلاً عن ارتهان ترميم الدولة برفع العقوبات الأمريكية.
واعتبر هراري أن التحدي السوري المركزي في عام 2026 يتمثل في مدى نجاح الشرع في إيجاد صيغة تجسر بين رغبة الأكراد في الحكم الذاتي وبين انخراطهم في مؤسسات الدولة والجيش.
وأكد في ختام مقاله أن "إسرائيل ملزمة بأن تصحو بسرعة وتتبنى تفكيراً جغرافياً سياسياً يترجم تفوقها العسكري إلى تفاهمات سياسية"، محذراً من أن "اتخاذ إسرائيل صورة الساعي لإبقاء الفوضى سيضعها في صدام مع القوى الدولية "طالبة الصالح" للحكم الجديد في دمشق".