لا
زالت الساحة السورية، والتطورات المتسارعة فيها، تثير قلق
الاحتلال، بزعم مواصلة
تركيا لمحاولاتها لترسيخ سيطرتها هناك، وفيما تنظر المؤسسة العسكرية شمالاً، ولكن
أيضاً إلى الجهات المستفيدة من هذه الأحداث، وفيما يسهم ذلك بعدم التسرع في دفع
المفاوضات مع دمشق، فإن هناك جملة من الفوائد التي يمكن تحقيقها في حال التوصل إلى
اتفاق تاريخي مع
سوريا، وفقا لما تعتقده دولة الاحتلال.
وذكر نير
دفوري المراسل العسكري للقناة 12، أن "الصورة التي نُشرت هذا الأسبوع في
سوريا تُثير قلق المؤسسة الأمنية بشدة، وتتمثل في رئيس أركان الجيش التركي، سلجوق
بيرقدار أولو، يقود زيارة رسمية للقيادة العسكرية التركية إلى دمشق، وفيما إسرائيل تتلكأ، وربما أكثر، وقد تُضيع فرصة ذهبية لتغيير الواقع الأمني والسياسي
مع سوريا، فيما استغل الرئيس السوري أحمد
الشرع مؤتمر الدوحة لمواصلة تعزيز علاقاته
مع دول المنطقة، ليس فقط قطر وتركيا، بل أيضًا لبنان ومصر وغيرها".
وأضاف
في
مقال ترجمته "عربي21" أنه "بينما
تُزيل دول العالم سوريا واحدة تلو الأخرى من قائمة الدول الداعمة للإرهاب، ويحتضنه
الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض، تُبدي تل أبيب ريبة شديدة تجاه الشرع، الذي
يسعى لتعزيز مكانته داخليًا وخارجيًا، كما تشعر المؤسسة الأمنية بقلق من نهج
المستوى السياسي، برفض التواصل مع سوريا، بعد أن كادت الإدارة الأمريكية أن تُجبر
رئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو على إصدار بيان مفاده توقع منطقة منزوعة السلاح، من
دمشق إلى المنطقة العازلة، وبحسن النية وفهم المبادئ، يُمكن التوصل إلى اتفاق مع
السوريين".
اظهار أخبار متعلقة
وأوضح دفوري أن "ما حدث في السابع من أكتوبر في الجنوب مع غزة يجب ألا يتكرر في الجولان
مستقبلًا، ولذلك يجب الحفاظ على المنطقة العازلة، حيث يُمثل الجيش حاجزًا
بين العناصر المعادية في سوريا ومستوطنات الجولان، حيث يدافع عن الداخل عبر خط من
المواقع المتقدمة المنتشرة على طول الحدود، ويعمل أيضًا في عمق الجولان السوري،
حيث يُجري اعتقالات وجمع معلومات استخباراتية، ويكشف عن مخابئ أسلحة، ويُحبط البنى
التحتية المسلحة الناشئة في المنطقة، حتى على بُعد 15 كيلومترًا من الحدود".
وأشار الكاتب إلى أنه "من ناحية أخرى، لم يُحرز أي تقدم في المحادثات مع سوريا لإبرام اتفاقيات
أمنية تُرسي الاستقرار في القطاع الشمالي الشرقي، وفيما تُطالب إسرائيل الشرع بإحباط العمليات المسلحة، ومنع نشر أسلحة تُخل بالتوازن من دمشق والغرب إلى
الحدود، من خلال عدم نشر صواريخ، وأنظمة مضادة للطائرات، ودبابات، ومدفعية، وحتى يتحقق
ذلك، سيحتفظ الجيش بمواقعه في الجولان، حتى لو كلف ذلك زيادة العبء على القوات
النظامية والاحتياطية".
وأكد
دفوري أن "اتفاقية أمنية جديدة مع سوريا سوف تُرسي اتفاقيات، وقد تمنع المطالب
السورية باستعادة الجولان، صحيح أن المطالب الإسرائيلية بسلامة الدروز في سوريا
مهمة، لكن الصراع الداخلي بينهم يُعقّد الأمر، وقد كشف قائد القيادة المركزية
الأمريكية، الأدميرال برادلي، أمس أن سوريا منعت نقل عدة شحنات أسلحة إلى حزب الله،
مما سيسمح بإغلاق الجبهة السورية بالتركيز على كبح جماحه في لبنان، وإغلاق إحدى
الجبهات السبع التي لا تزال مفتوحة، ولذلك يجب المُضيّ قدمًا في الحوار مع نظام
الشرع".
وزعم دفوري أن "المُضيّ قدمًا بالحوار السياسي مع دمشق من موقع قوة ونفوذ، خطوة مدعومة
من الأمريكيين، مما سيُسهل أيضًا على الجيش الذي يعاني من ضغوط شديدة في
جميع القطاعات، ويتضمن الاتفاق أيضًا منع التمركز الإيراني في سوريا، والحدّ من
النفوذ التركي عليها، وهذه خطوة دراماتيكية من وجهة نظر إسرائيل، فتركيا تدفع
المحور السني المُشكّل من قطر وسوريا وحماس، بكل قوتها، وتحاول العثور على موطئ
قدم في غزة، وهذه خطوة لا يمكن للاحتلال الموافقة عليها".
تكشف
هذه القراءة الإسرائيلية لزيارة قائد الجيش التركي إلى سوريا عن قلق من هدفها
المتمثل بتعزيز التعاون العسكري بين دمشق وأنقرة، حيث لا يقتصر الأمر على المعدات
العسكرية كالطائرات المسيرة وأنظمة الدفاع الجوي، بل يشمل أيضًا خبرة واسعة في
بناء جيش كفء، وهذا كله "كارثة" من وجهة نظر إسرائيل، الذي يعني الاستمرار
في إبقاء جميع الساحات العسكرية مفتوحة، وإلى الأبد، مما يكلفه المزيد من
الاستنزاف.