ملفات وتقارير

حصاد سوريا في 2025: هكذا مرّ عام الانتقال الصعب من ركام "الأسد"

مرت سوريا بتحديات كبيرة خلال العام 2025- رئاسة الجمهورية
مرت سوريا بتحديات كبيرة خلال العام 2025- رئاسة الجمهورية
شارك الخبر
شهد عام 2025 أحداثا مثيرة في سوريا، بعد مرور سنة كاملة على سقوط نظام بشار الأسد نهاية العام الماضي 2024.

سوريا التي دخلت مرحلة انتقالية برئاسة أحمد الشرع، مرّت هذا العام بمنعطفات هامة، وتحديات سياسية وأمنية واقتصادية لم تنته بعد.

ويمكن إجمال أبرز التحديات التي واجهتها سوريا هذا العام، بالتوغلات الإسرائيلية المتكررة في الجنوب، والتي تخلل بعضها قصف جوي استهدف العاصمة دمشق، إضافة إلى ملف شرق البلاد الخاضع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد".

كما واجهت سوريا هذا العام تحديات أمنية كبيرة في الساحل السوري ذو الأغلبية العلوية، وفي السويداء معقل الدروز، إضافة إلى تنامي نشاط تنظيم الدولة "داعش" خلال الشهور الماضية.

دمج الفصائل وتجريم "البعث"
في كانون الثاني/يناير 2025، عُقد "مؤتمر النصر" في دمشق، شارك فيه قادة الفصائل التي شاركت في إسقاط النظام، إلى جانب شخصيات سياسية وعسكرية، حيث جرى الإعلان عن ملامح عن دمج كافة المكونات العسكرية ضمن "الجيش العربي السوري".

وخلال المؤتمر أُعلن عن حلّ حزب البعث العربي الاشتراكي رسميًا بعدما حكم سوريا لأكثر من خمسة عقود، واعتباره جزءًا من منظومة الحكم السابقة التي سقطت، مع مصادرة مقاره وأصوله ووقف نشاطه السياسي والتنظيمي، وتجريم الانتساب إليه.

اظهار أخبار متعلقة


انتهاء العزلة
شهد عام 2025 خطوات متسارعة لإعادة دمج سوريا في عربيا ودوليا، بعد سنوات طويلة من العزلة. فقد شكّلت زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى واشنطن محطة مفصلية، لا سيما أنها الأولى من نوعها لزعيم سوري منذ أكثر من نصف قرن.

عربيًا، استعادت دمشق حضورها الرسمي عبر نسج علاقات متينة مع السعودية، قطر، والإمارات، إضافة إلى العلاقات الإقليمية القوية مع تركيا، وفتح صفحة جديدة مع روسيا رغم دعمها الكبير لنظام الأسد، واستقبالها الأخير عقب فراره من البلد التي حكمها لأكثر من عقدين من الزمن.

نهاية قيصر
أقر الكونغرس الأمريكي أمس الجمعة، ضمن موازنة الدفاع الوطني لعام 2026، إلغاء قانون “قيصر” بشكل كامل، وهو القانون الذي شكّل منذ عام 2019 أحد أقسى أدوات الحصار الاقتصادي على سوريا.

ووقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القانون في كانون الأول/ديسمبر 2025، فاتحاً الباب أمام مرحلة جديدة من التعامل الاقتصادي مع دمشق.

إلغاء العقوبات لم يكن مطلقاً، بل رُبط بسلسلة التزامات، من بينها تقديم تقارير دورية للكونغرس كل 180 يوماً على مدى أربع سنوات، تتعلق بمكافحة الإرهاب، وحماية الأقليات، وعدم تنفيذ عمليات عسكرية أحادية ضد دول الجوار، إضافة إلى المضي في اتفاق دمج قوات سوريا الديمقراطية ضمن مؤسسات الدولة.

أحداث الساحل
بدأت الأزمة في آذار/مارس، مع هجمات منسقة نفذتها فلول موالية لنظام الأسد على الأمن السوري في محافظتي اللاذقية وطرطوس، لترد قوات الحكومة وأخرى موالية لها بعمليات واسعة، تحولت بعضها إلى مجازر طائفية استهدفت العلويين.

وبسبب تصاعد العمليات التي تخللها مجازر وإعدام ميداني، فرّ آلاف العلويين إلى قاعدة "حميميم" الروسية. ولاحقا أعلنت الحكومة تشكيل لجنة تحقيق، وانتهت العمليات العسكرية رسمياً في منتصف آذار/مارس.


السويداء والدروز
أخطر اختبار طائفي بعد الحرب كان ملف محافظة السويداء كأحد أكثر الملفات حساسية في عام 2025.

وبدأت الأزمة في نيسان/أبريل وتجددت في أيار/مايو، مع أحداث دموية استهدفت دروزاً في مناطق قريبة من دمشق، قبل أن تتصاعد بشكل غير مسبوق خلال شهري تموز/يوليو وآب/أغسطس.

الاشتباكات العنيفة التي اندلعت بين مجموعات درزية من جهة، وعشائر بدوية وقوات حكومية من جهة أخرى، أسفرت عن مئات القتلى، بينهم عدد كبير من المدنيين الدروز، ما أعاد إلى الواجهة مخاوف الانفجار الطائفي بعد سقوط النظام.

وشهدت السويداء مظاهرات واسعة رفعت شعارات تطالب بالحكم الذاتي أو “تقرير المصير”، ورافقتها مشاهد غير مسبوقة لرفع أعلام درزية وأخرى إسرائيلية، إلى جانب دعوات علنية لتدخل إسرائيلي “لحماية الدروز”.

وردّت الحكومة بنشر قوات إضافية، ثم الدخول في اتفاقات تهدئة، أعقبها انسحاب جزئي للجيش وفتح تحقيق رسمي في التجاوزات. في موازاة ذلك، نفذ الاحتلال الإسرائيلي ضربات جوية في جنوب سوريا قالت إنها تهدف إلى نزع السلاح ومنع تهديد الدروز، ما زاد من تعقيد المشهد.

ومع نهاية العام، بقي الوضع في السويداء تمرداً منخفض الوتيرة، مع ظهور تشكيلات محلية مثل “الحرس الوطني الدرزي”، ورفض قيادات دينية بارزة، على رأسها حكمت الهجري، خطط الحكومة المركزية، مع إظهار تقارب علني أكبر تجاه الاحتلال الإسرائيلي.

"عربدة" إسرائيلية
شهد عام 2025 تصعيداً غير مسبوق في الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، خاصة في الجولان والقنيطرة جنوبا، ومناطق قريبة من دمشق. ونفذ الاحتلال أكثر من 410 توغلات برية وأكثر من 1000 غارة جوية طوال العام، استهدفت مواقع عسكرية سابقة، مخازن أسلحة، وطرق إمداد محتملة، مع قصف متكرر لأحياء في العاصمة دمشق ومحيطها، إضافة إلى مبنى وزارة الدفاع.

ردت الحكومة السورية ببيانات احتجاج وشكاوى دولية، لكن دون مواجهة عسكرية مباشرة، وأبقت الباب مفتوحا أمام التوصل إلى اتفاقية أمنية مع الاحتلال الإسرائيلي الذي أعلن إلغاء اتفاقية فك الاشتباك لعام 1974، ووسع احتلاله لأجزاء إضافية من المنطقة العازلة عبر توغلات برية ونقاط عسكرية جديدة شرق خط "ألفا"، مع تعزيز الاستيطان.


قسد.. اتفاق على الورق


في آذار/مارس 2025، وُقّع اتفاق تاريخي بين الدولة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع، وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" بقيادة مظلوم عبدي، نصّ على دمجها في مؤسسات الدولة والجيش، وضمان حقوق الأكراد ضمن سوريا موحدة.

غير أن مسار التنفيذ اتسم بالبطء والتعثر. فقد شهدت مناطق حلب ودير الزور اشتباكات متفرقة طوال العام، فيما اصطدمت المفاوضات بعقبات.

وجرى الحديث خلال الأيام الماضية عن إمكانية دمج قوات "قسد" على شكل فرق كبيرة داخل الجيش السوري، مع تثبيت هدنة في محيط حلب. إلا أن الموعد النهائي لتنفيذ الاتفاق، المقرر مع نهاية العام، بقي مهدداً، مع تلويح تركي باحتمالية شن عملية عسكرية إذا اقتضى الأمر.

عودة "داعش"
في ظل الفراغ الأمني الذي خلّفه سقوط النظام وتبدل موازين القوى، شهد عام 2025 عودة ملحوظة لتنظيم الدولة مستفيداً من هشاشة المرحلة الانتقالية.

وبعد فترة هدوء دامت شهور، بدأ تنظيم الدولة في الربع الأخير من العام 2025 بنشاط ملحوظ، عبر استهداف قوات الأمن السوري في المناطق الحضرية، وفي الأرياف وبادية سوريا وسط البلاد.

وشهدت سوريا خلال صيف العام 2025، تفجيرا داخل كنيسة في دمشق تبنته مجموعة تُحسب على "داعش"، إلا أن التنظيم ضرب خلال كانون أول/ ديسمبر الجاري بقوة، بقتل وجرح عشرات العناصر من الأمن السوري، إضافة إلى مباركته هجوم تدمر الذي أودى بحياة جنديين أمريكيين.

هذه التطورات التي جاءت بعد انضمام سوريا رسميا إلى التحالف الدولي ضد "داعش"، أعقبتها إطلاق الولايات المتحدة عملية "عين الصقر" ضد التنظيم بمشاركة سورية وأردنية.


الملف الإنساني
عاد أكثر من مليون لاجئ سوري من الخارج إلى بلدهم خلال 2025، مع استمرار الواقع الإنساني الصعب، حيث أشارت تقارير إلى أن ملايين السوريين يحتاجون إلى المساعدة.

وأطلقت منظمات دولية وإغاثية كبرى حملات تبرع واسعة لتأمين الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى، خصوصاً مع حلول الشتاء. إلا أن نداءات الأمم المتحدة لم تُموّل سوى بنحو 30 بالمئة، ما حدّ من الاستجابة، رغم أن رفع العقوبات ساهم نسبياً في تسهيل التحويلات والأنشطة الإنسانية.

واصطدمت عودة اللاجئين والنازحين بواقع قاسٍ، مع دمار واسع في المنازل والبنية التحتية، وغياب فرص العمل، ما جعل الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي هشاً في معظم المناطق.

ملاحقة أركان النظام
شهد عام 2025 تقدماً ملحوظاً في ملف ملاحقة مسؤولي النظام السابق، مع إطلاق عدة محاكمات لجرائم الحرب والانتهاكات الإنسانية.

وضمن ملف "العدالة الانتقالية"، اعتقلت السلطات السورية العشرات من أركان ورموز نظام الأسد، وبدأت مؤخرا بعقد جلسات محاكمة لمسؤولين في النظام، من بينهم العميد عاطف نجيب رئيس فرع الأمن السياسي السابق في درعا، والذي يُتهم بأنه السبب في تفجير الثورة السورية.


انتخابات وإصلاحات
في آذار/مارس 2025، أصدر الرئيس أحمد الشرع إعلاناً دستورياً انتقالياً يحدد فترة انتقالية مدتها خمس سنوات، ويشمل تشكيل لجنة لصياغة دستور جديد، مع ضمان تمثيل واسع للفئات السورية.

وعقدت أول انتخابات برلمانية "غير مباشرة" بعد سقوط الأسد، في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، لتكون نواة لمجلس الشعب، والذي يكون جزء من أعضائه معينين بشكل مباشر من رئيس الجمهورية.

وكانت العملية الانتخابية محصورة بأعضاء الهيئات الناخبة (نحو 6 آلاف عضو) تم اختيارهم من الكفاءات والأعيان والوجهاء الذين يمثلون شرائح المجتمع السوري المختلفة.

وجرى اختيار هذه الآلية الانتخابية استناداً إلى الإعلان الدستوري والمرسوم الرئاسي رقم 66 للعام 2025 القاضي بتشكيل لجنة عليا للانتخابات.


اظهار أخبار متعلقة


تحدي إعادة الإعمار
قدرت الحكومة السورية تكلفة إعادة الإعمار بنحو 216 إلى 345 مليار دولار، مع إطلاق الحكومة في أيلول/سبتمبر صندوق التنمية السوري لتمويل إصلاح البنية التحتية واستعادة الخدمات.

ورغم رفع بعض العقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، بقيت الجهود محدودة بسبب نقص التمويل الدولي. وفي موازاة ذلك، ساهمت دول خليجية، على رأسها السعودية وقطر والإمارات، بمليارات الدولارات عبر اتفاقيات استثمار في الطاقة والبنية التحتية، وتسديد ديون دولية، ما عزز الجهود الوطنية رغم بقاء التمويل الإجمالي محدوداً أمام التكلفة الهائلة.

وشهد عام 2025 موجة غير مسبوقة من حملات التبرعات الشعبية والرسمية في مختلف المحافظات السورية، بهدف دعم جهود إعادة الإعمار وتحسين البنية التحتية والخدمات.

وانطلقت هذه الحملات بدءاً من تدشين "صندوق التنمية السوري" في أيلول/سبتمبر بدمشق، حيث جمع أكثر من 60 مليون دولار في ساعات قليلة، وتبرع الرئيس أحمد الشرع شخصياً بـ20 مليون دولار من عائدات بيع سيارات فارهة كانت مملوكة لعائلة الأسد.

تلتها حملات محلية مثل "أربعاء حمص"، "أبشري حوران" في درعا، "دير العز" في دير الزور، "ريفنا بيستاهل" في ريف دمشق، "الوفاء لإدلب" التي تجاوزت 208 ملايين دولار، "فداء لحماة" التي بلغت أكثر من 210 ملايين، و"حلب ست الكل" التي وصلت إلى 271 مليون دولار.


التعليقات (0)