ملفات وتقارير

ترشيح نوري المالكي.. مناورة لإبعاد السوداني أم عودة محتملة للسلطة؟

رأى محللون سياسيون في العراق أن هذه الترشيحات مجرد مناورات سياسية- جيتي
رأى محللون سياسيون في العراق أن هذه الترشيحات مجرد مناورات سياسية- جيتي
أثار ترشيح حزب الدعوة في العراق زعيمه نوري المالكي إلى منصب رئيس مجلس الوزراء جدلا واسعا في البلاد، وذلك تزامنا مع زيارة تاريخية أجراها الأخير إلى أربيل التقى خلالها زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني.

وبحسب بيان أصدره الحزب، الأحد، فإن "مجلس شورى الدعوة الإسلامية قرر بالإجماع ترشيح أمينه العام لرئاسة الوزراء"، لافتا إلى أن "المالكي يمتلك الخبرة والقدرة على قيادة البلاد في مرحلة دقيقة تتطلب حكما رشيدا وتوازنا سياسيا".

وصرّح المالكي خلال زيارته الأولى لأربيل منذ اجتياح تنظيم الدولة للعراق عام 2014، ولقائه البارزاني، أنه "لا يوجد قرار في الإطار التنسيقي بحرمان السوداني من منصب رئيس الحكومة"، مؤكدا أن "كل من يحاول كسر المالكي  سيُكسر والكثير منهم خرجوا من العملية السياسية".

مناورة سياسية
وبخصوص مدى تولي المالكي لولاية ثالثة، قال السياسي العراقي، أثيل النجيفي، إن "كل ما نسمعه هذه الأيام من أسماء مرشحين هي مجرد منارات القصد منها التفاوض، بالتالي سيقدمون رئيس وزراء يضمن لهم عدم الاستئثار بالمشهد السياسي في المستقبل أو يحجّم من بقية أطراف الإطار التنسيقي".

وأضاف النجيفي لـ"عربي21" أن "الإطار التنسيقي إذا أجمع على ترشيح المالكي فإنه قد يكون مرشحا قويا، لكن لا يمكن التكهن بموقف المرجعية الدينية في النجف ولا بموقف التيار الصدري حيال هذا الترشح، بالتالي هو شأن داخلي شيعي".

وأشار إلى أن حديث المالكي عن إمكانية تخلي الفصائل عن سلاحها الثقيل، هو رسالة غير مباشرة للإدارة الأمريكية بإيجاد حل وسط يمكن أن يقوم به أي مرشح إطاري لرئاسة الوزراء بنزع هذا السلاح، الذي يمكن أن يؤثر على مصالح الولايات المتحدة في العراق".

من جهته، قال المحلل السياسي أمير الدعمي لـ"عربي21"، إن "الترشيح حق لكل من يرغب، وأن المالكي له تجربة سابقة، لكن أعتقد أن تشريحه مناورة سياسية للضغط باتجاهات أخرى، وإذا كان ذلك حقيقيا، فإنه ثمة حسابات سياسية قد تكون خلافا لما يريد زعيم حزب الدعوة".

اظهار أخبار متعلقة



وأوضح الدعمي أن "رغم أن مرجعية النجف التي تحفظت على ولاية المالكي الثالثة سابقة قد يكون رأيها اليوم غير رأي الأمس، وأن معطيات تلك المرحلة تغيرت عن الوقت الحالي، لكن التيار الصدري قد يكون التحدي الأكبر أمامه، بالتالي ثمة عقبة كبيرة تعترض طريقه".

وعلى الصعيد ذاته، قال المحلل السياسي العراقي، علي أغوان إن "ترشيح المالكي من حزب الدعوة لمنصب رئيس مجلس الوزراء لا يعدو الا مسار لاستبعاد ترشيح السوداني فقط".

وأوضح أغوان عبر تدوينة على "فيسبوك" الأحد، أنه "طالما السوداني سيُرشح نفسه للمنصب سيُقابله ترشيح من المالكي مباشرةً، وسينسحب الأخير مقابل انسحاب الأول لتمرير شخصية ستأتي من منطقة الظل"، واصفا إياها بأنها "مناورة تكتيكية ذكية لإسقاط ترشيح السوداني".

ورغم حصول ائتلاف "دولة القانون" الذي يتزعمه المالكي على 30 مقعدا وحلوله ثانيا ضمن لائحة القوائم الفائزة داخل "الإطار التنسيقي"، لكن حزب الدعوة تحديدا داخل الائتلاف، لا يمتلك  نحو 10 مقاعد من مجموع مقاعد "دولة القانون".

وحصل حزب "الفضيلة الإسلامي" على 12 مقعدا من حصّة ائتلاف دولة القانون، فيما حققت "كتائب سيد الشهداء" بزعامة أبو آلاء الولائي، نحو 8 مقاعد داخل الائتلاف، الأمر الذي يضعف موقف المالكي التفاوضي.

شأن شيعي
وعن صمت السنة الأكراد حيال ترشيح المالكي، قال النجيفي إن "أي رد فعل منهم قد يؤدي إلى رد فعل معاكس من قوى الإطار، بالتالي يفضل هذا الطرفان عدم التدخل في هذا الموضوع وتركه للإطار، فهي قضية شيعية داخلية عليهم هم أن يحلونها وألا يدفعونها للأطراف الأخرى".

وعلى الوتيرة ذاتها، قال الدعمي إن "صمت السنة والأكراد يأتي من أن هذه القضية تخص المكون الشيعي، بالتالي ليس لهم الرفض أو القبول، لأن المناصب المخصصة لهم أيضا سيرجع حسمها للإطار التنسيقي، والآن المالكي يمثل عمود الإطار، بالتالي لن يشاكسوه كثيرا".

وأعرب الدعمي عن اعتقاده بأن "شخص رئيس الوزراء المقبل يحتاج إلى مقبولية لدى الأطراف الداخلية"، لافتا إلى أن "أمريكا تتعامل مع أي رئيس وزراء سابق بمنطق الإملاءات، لذلك لن تتدخل كثيرا وإن تحفظت على من يأتي قريبا من إيران".

اظهار أخبار متعلقة



وتابع: "المالكي كان مدعوما من الولايات المتحدة طيلة مدة حكمه (2006 إلى 2014) لكن لا أعتقد أنه سيكون رئيسا للوزراء في المرحلة المقبلة، وأن السوداني أيضا مرحلة طويت ولن يتم البحث فيها كثيرا. كل ما يطرح الآن هو بعيد عمن سيتولى رئاسة الحكومة الجديدة".

وخلص إلى أن "الشخص الذي سيشغل هذا المنصب يجب أن يقدّم كعربون للتيار الصدري، وأن يمتلك علاقات مع الشرق والغرب، وحتى مع دول الخليج، لذلك على الإطار التنسيقي التحلي بالحكمة في اختيار شخصية تتمتع بمقبولية كبيرة لدى كل هذه الجهات".

من جانبه، قال المحلل السياسي العراقي، فراس إلياس عبر تودينة على "أكس" الأحد، إن "ترشيح المالكي لرئاسة الوزراء هي خطوة في طريق طويل في ماراثون حرق الأسماء، وسيتبعه آخرون حتى يستوي الأمر على شخص يرضى عنه الداخل والخارج".

وأكد إلياس أن المهم بالنسبة للإطار التنسيقي في رئيس الوزراء القادم، ألا يشكل حالة خلافية في الداخل، ويحظى بقبول الخارج، وبالتأكيد المالكي ليس واحد منهم، فصعوده للمنصب ستخلق حالة صراع داخلي تحديدا مع التيار الصدري الذي لن يقبل بأي حال من الأحوال عودته للسلطة".

وأردف: "كما أن دول الخليج وحتى الولايات المتحدة ليست على استعداد للتعامل مع شخصية لديها ماضي غير إيجابي معها، وبالتالي فإن الهدف من ترشيح حزب الدعوة له، قد يأتي في سياق حجز موقع مهم في معادلة الحكومة الجديدة، أكثر من الإصرار الجدي على إيصاله مرة أخرى لرئاسة الوزراء".

ويأتي إعلان ترشيح المالكي، بعد ساعات قليلة من تدوينة للمبعوث الخاص للرئيس الأمريكي إلى العراق مارك سافايا عبر منصة "إكس"، أكد فيها أن بلاده "تراقب عن كثب"، مجريات الملف الحساس، مشددا رفضها القاطع لأي تدخل خارجي في عملية تشكيل الحكومة.
التعليقات (0)

خبر عاجل