حول العالم

بعد افتتاحه.. "المتحف المصري" يجدد المطالب بإعادة كنوز مصر من حول العالم

بدأت فكرة إنشاء المتحف المصري في تسعينات القرن الماضي ليكون مكشوفًا يضم الأهرامات وأبو الهول والمعابد – إدارة المتحف الكبير
بدأت فكرة إنشاء المتحف المصري في تسعينات القرن الماضي ليكون مكشوفًا يضم الأهرامات وأبو الهول والمعابد – إدارة المتحف الكبير
سلطت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الضوء على افتتاح المتحف المصري الكبير، وقالت إن المتحف الذي يضم آثار هائلة أهمها على الإطلاق المجموعة الكاملة للملك توت عنه امون، يجدد مطالب المصريين بإعادة أغلى آثارهم من المتاحف الأوروبية إلى وطنها.

وقالت الصحيفة إن مجموعة "توت عنخ آمون" الجديدة جوهرة المتحف المصري الكبير، الذي وصفته بالمجمع الضخم هو بمنزلة تصميم فاخر، تطل عليه أهرامات الجيزة العظيمة من الصحراء خلفه، كما أشارت إلى أن المتحف يضم مجموعةً هائلةً من القطع الأثرية المحفوظة بشكلٍ رائع من حضارةٍ عريقةٍ أبهرت علماء الآثار والمؤرخين وزوار المتاحف لقرون.

المصريون يريدون استعادة آثارهم
ذهبت الصحيفة إلى أن المتحف الكبير يعد، بالنسبة لمصر رمزًا لطموحاتها في رفع مكانة البلاد، وعائدات السياحة، التي تمثل شريان الحياة للاقتصاد، وبالنسبة للعديد من المصريين، ينظر إلى المتحف الجديد على أنه منصة لتجديد المطالبات بعودة آثار مصر الأكثر شهرة إلى وطنها، لا إلى قاعات المتاحف الأوروبية، ونقلت نيويورك تايمز عن مونيكا حنا، عالمة المصريات الرائدة المقيمة في القاهرة قولها إن الحجج القديمة ضد عودة الآثار من الخارج تتهاوى. وأكدت أن المتحف الجديد بمثابة إشارة للعالم بأن مصر تمتلك القدرة والإرادة والمرافق عالمية المستوى لاستضافة تراثها الخاص.

Image1_112025811326731166886.jpg
وإلى جانب الحجج التي زعمت بأن عمليات نقل تلك القطع خارج مصر كانت قانونية بموجب قوانين الحقبة الاستعمارية، يقول النشطاء إن الحجة الأخرى التي قُدمت لرفض إعادة هذه القطع هي أن متاحف مصر لم تتمكن من التعامل مع هذه القطع الثمينة، مع تكرار حالات التلف أو النهب.  لكن علماء المصريات يقولون إن هذه الحجج أصبحت واهية الآن.

اظهار أخبار متعلقة


حشود ومنع دخول المتحف الكبير يشعل ضجة
تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو وصور لأعداد كبيرة من الأشخاص يسيرون قاصدين المتحف المصري الكبير، الجمعة، بأول يوم عطلة رسمية في الدولة بعد مراسم الافتتاح الضخمة.


ونشرت وزارة السياحة والآثار المصرية بيانا عقّبت فيه على الإقبال الكبير على المتحف ونفاد تذاكر الدخول، فيما قررت إدارة المتحف "قصر حجز وشراء تذاكر الزيارة على الموقع الإلكتروني الرسمي للمتحف فقط (www.gem.eg)، وذلك في ضوء تجاوز السعة التشغيلية الكاملة المقررة، مما استدعى إيقاف بيع التذاكر مؤقتا".

آثار تعرض لأول مرة منذ اكتشافها قبل نحو قرنالمتحف هو الأكبر في العالم الذي يضم آثار حضارة واحدة وتحتوي قاعاته الـ12 على أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، وتعد أبرز كنوز المتحف مقتنيات الملك الذهبي توت عنخ آمون التي تعرض بالكامل لأول مرة منذ اكتشافها قبل أكثر من قرن، إضافة إلى 31 تابوتاً ملوناً من خبيئة العساسيف، وعدد من الحفائر الحديثة من سقارة، فضلا عن عرض نحو 5000 قطعة أثرية كانت أجزاء منها موزعة بين مخازن ومتاحف مختلفة، ويمتد المتحف على مساحة 500 ألف متر مربع، بتكلفة تجاوزت مليار دولار، ليصبح أحد أكبر المشاريع الثقافية في العالم، وقد ساهمت الوكالة اليابانية للتعاون الدولي في تمويل المشروع بقرضين تجاوزا 800 مليون دولار.



الذكاء الاصطناعي بدلا من المرشد السياحي التقليدي
تمكنت إدارة المتحف من تسخير قوة الذكاء الاصطناعي لاستبدال تجربة المرشد السياحي التقليدي، فأصبحتَ قادرا على فحص أي صورة أو قطعة موجودة داخل المتحف عبر التطبيق الخاص به لتعرض لك مجموعة كبيرة من التفاصيل المتعلقة بها، وتظهر هذه التفاصيل بالعديد من اللغات ويمكن التحاور معها بشكل مباشر حتى تتمكن من تعلم المزيد عن الحضارة المصرية وتقديم العديد من الاستفسارات المتعلقة بها.

Image1_1120258111148658146963.jpg
واعتمد المتحف على منظومة "فايل ميكر برو" (FileMaker Pro) المبتكرة لإدارة مقتنيات المتحف ومتابعتها، وذلك وفق ما جاء في الدراسة التي أجراها قسم الآثار في جامعة الفيوم حول الأمر، وتتيح هذه المنظومة إدارة كافة القطع الموجودة داخل المتحف رقميا والتحكم فيها سواء عبر الإضافة أو الإزالة أو حتى التعديل المختلف لهذه القطع وامتلاك التفاصيل الخاصة بها، سواء كانت متعلقة بترميمها أم عرضها.

داعية مصري هاجم "المتحف الكبير"
أخلت السلطات المصرية سبيل الداعية مصطفى العدوي، بعد ساعات من احتجازه والتحقيق معه، وذلك مقابل كفالة مالية بلغت 10 آلاف جنيه مصري (نحو 211 دولاراً)، حسب محامين، وجاء الإجراء عقب تصريحات أدلى بها العدوي في مقطع مصور انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، انتقد فيها المتحف المصري الكبير، واصفاً ما يحتويه من آثار فرعونية بأنها أصنام لا ينبغي التفاخر بها.


وقال الداعية المصري في الفيديو: "المتحف الكبير جمعوا فيه بعض أصنام وتماثيل الفراعنة، وبعض كنوز الفراعنة وطرق التحنيط"، ورغم إشادته بتقدم الفراعنة العلمي في تحنيط الجثث، فإنه قال "لا نفتخر بهم كثيراً، ونبرأ من فرعون ومن أتباعه"، وعدّ المنتقدون تصريحات الداعية تحقيراً للتراث المصري، وتجاهلاً لقيمة الآثار كهوية ثقافية.

وجوه ارتبطت بعهد الرئيس مبارك
ومع تصدر اسم المتحف الذي افتتح رسمياً بعد أكثر من عقدين على بدء العمل فيه وإرجاء افتتاحه مراراً، قوائم التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي، واحتل المرتبة الأولى على منصة "إكس" بخمسة وسوم مختلفة، وعبر مستخدمون من مختلف دول العالم عن انبهارهم بالحدث، فيما امتلأت صفحات كثير من المصريين بعبارات الفخر الوطني والاعتزاز بالحضارة المصرية، ولكنها لم تخلُ من الانتقادات التي وُجهت للقائمين على إخراج حفل الافتتاح في صورته النهائية.

Image1_112025811018140853932.jpg

وتفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع فعاليات الافتتاح، بين من أشاد بفخامة العرض وتنوع الفقرات الفنية، ومن رأى أن الإخراج التلفزيوني لم يرتقِ إلى مستوى الحدث، واعتبر البعض أن العمل افتقر إلى الوحدة والتناغم والرسالة المعبرة عن "روعة الحدث"، كما رأت العديد من الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي أن موكب المومياوات الملكية الذى نظم عام 2021، كان أكثر إبهاراً وتنظيماً من حيث الإخراج والرسالة البصرية، مقارنة بحفل افتتاح المتحف المصري الكبير، حتى ذهب آخرون لانتقاد ظهور بعض الوجوه السياسية والاقتصادية البارزة التي ارتبطت بعهد الرئيس الراحل حسني مبارك.

ما مستقبل المتحف المصري الكبير؟
يرى الدكتور جلال عبادة عضو لجنة تحكيم المسابقة الدولية التي اختارت المكتب المصمم للمتحف، أنه ينبغي تطوير البيئة المحيطة بالمتحف لتشتمل على مراكز للحرف التراثية، ومراكز إنتاج وبيع للمأكولات المصرية، وبناء فنادق صغيرة صديقة للبيئة بأسعار معقولة للسائحين، ما يوفر فرص عمل كبيرة، ويجعل إيرادات المتحف لا تقتصر على ثمن التذاكر، كما يزيد من العدد المستهدف من السائحين المعلن بخمسة ملايين سنوياً إلى أضعاف هذا الرقم، مع تنويع درجات الفنادق في القاهرة والجيزة بشكل أكبر لتناسب جميع مستويات السائحين الاقتصادية.


ويضيف عبادة أن كل ذلك يخرج المتحف من مجرد مكان مصمت به معروضات أثرية إلى مركز ثقافي وسياحي عالمي، ضارباً مثالاً بمدينة مراكش المغربية التي تستقبل وحدها ملايين السائحين، بالرغم من احتوائها على مواقع أثرية أقل بكثير مما في القاهرة الكبرى وحدها، لكنها أكسبتهم قيمة مضافة، من خلال مراكز لصناعة المنتجات التقليدية التراثية، وخلق بيئة كاملة تخدم السائحين في هذه المنطقة.

اظهار أخبار متعلقة


ويؤكد عبادة أن كل ذلك بالإضافة لخفض سعر تذاكر دخول المتحف أو جعل دخوله مجانياً في الأعياد والعطلات الرسمية، يرسخ من دوره الريادي لرفع قيمة الوعي لدى المصريين بحضارتهم القديمة ووعيهم أيضاً في تعاملهم مع السائحين، ومن المتوقع أن يستقبل المتحف بين 4 إلى 5 ملايين زائر سنوياً بعد افتتاحه للجمهور في تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، وفق التقديرات الرسمية، ليصبح مركزاً عالمياً للثقافة والسياحة.

التعليقات (0)