سياسة دولية

ذا إنترسبت: أمازون دعمت "الجيش الإسرائيلي" خلال الحرب في غزة

أمازون تبيع خدمات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي لشركات تصنيع الأسلحة الـ"إسرائيلية" – الصحفي سام بيدل
أمازون تبيع خدمات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي لشركات تصنيع الأسلحة الـ"إسرائيلية" – الصحفي سام بيدل
نشر موقع "ذا إنترسبت" الأمريكي تحقيقًا موسّعًا كشف فيه عن تورّط شركة "أمازون" في تقديم خدمات حوسبة سحابية لشركات أسلحة إسرائيلية، استُخدمت في إطار عمليات عسكرية نفّذها جيش الاحتلال في قطاع غزة، وأدّت إلى مقتل مئات المدنيين الفلسطينيين وتدمير مناطق واسعة من القطاع.


ووفق التقرير، فإن شركات الصناعات الدفاعية الإسرائيلية، وفي مقدّمتها "رافائيل" لأنظمة الدفاع المتقدمة و"الصناعات الجوية الإسرائيلية" (IAI)، اعتمدت بشكل مباشر على خدمات "أمازون ويب سيرفيسز" (AWS)، وهي الذراع المتخصصة في البنية التحتية السحابية التابعة لـ"أمازون"، لتشغيل منظومات قتالية وتحليل بيانات ميدانية مرتبطة بعمليات عسكرية نفّذها الجيش الإسرائيلي في غزة.

اظهار أخبار متعلقة


وأشار التحقيق إلى أن هذه التقنيات أتاحت معالجة كمٍّ ضخم من البيانات الاستخباراتية في الزمن الفعلي، ومكّنت جيش الاحتلال من تحسين دقة الاستهداف وتنفيذ عمليات هجومية باستخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ الموجَّهة، غير أن النتائج الميدانية، بحسب "ذا إنترسبت"، شملت قصف مناطق مدنية ومقتل أعداد كبيرة من النساء والأطفال.

وبيّن الموقع أن التعاون بين "أمازون" وشركات الأسلحة الإسرائيلية جرى في إطار مشروع حكومي واسع يُعرف باسم "نيمبوس" (Project Nimbus)، وهو اتفاق مشترك بين شركتي "أمازون" و"غوغل" لتزويد مؤسسات الحكومة الإسرائيلية والبنية العسكرية بخدمات تخزين ومعالجة بيانات سحابية متقدمة.

ويتيح المشروع –بحسب وثائق اطّلع عليها الموقع– تخزين بيانات الأمن القومي الإسرائيلي على خوادم محلية داخل دولة الاحتلال، مع توفير إمكانات تحليل تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة، ما يمنح المؤسسة العسكرية مرونة رقمية واسعة في جمع المعلومات وتحديد الأهداف وتنفيذ الهجمات بدقة أعلى.

ولم يقتصر التعاون –وفق التحقيق– على شركات السلاح فحسب، بل شمل أيضًا جهات حكومية إسرائيلية حساسة تشرف على البرنامج النووي، إلى جانب مؤسسات مدنية تدير شؤون الضفة الغربية والمستوطنات. وأشار الموقع إلى أن هذه الخدمات التقنية تُستخدم في إدارة البيانات الجغرافية والبنية التحتية للمستوطنات، بما في ذلك مراقبة الفلسطينيين في المناطق المصنّفة (ج).

وفي منشور له على منصة "أكس"، أكد سام بيدل، وهو صحفي متخصص في تناول مواضيع تتعلق بالمخالفات والتعسف في استخدام السلطة في مجال التكنولوجيا، امتلاكه المزيد من الوثائق الداخلية التي تُظهر أن أمازون تبيع خدمات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي لشركات تصنيع الأسلحة الإسرائيلية المملوكة للدولة، والتي دمّرت قنابلها وصواريخها غزة.


وأثار هذا التعاون انتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان، التي حذّرت من أن تقديم دعم تقني مباشر لمؤسسات عسكرية ضالعة في جرائم حرب يُعدّ تورّطًا غير مباشر في الانتهاكات، وأشارت الحملة الحقوقية الأميركية "No Tech for Apartheid" إلى أنّ مشروع "نيمبوس" يوفّر لإسرائيل أدوات رقمية تُستخدم في المراقبة الجماعية للفلسطينيين، وتتبع تحركاتهم في غزة والضفة الغربية، وتشغيل خوارزميات الاستهداف العسكري.

كما وجّه موظفون سابقون في "أمازون" و"غوغل" رسائل احتجاج علنية إلى إدارات الشركتين، طالبوا فيها بإنهاء العقود مع دولة الاحتلال، مؤكدين أن هذه المشاريع تتعارض مع القيم الأخلاقية للشركات التكنولوجية الأميركية، وبحسب "ذا إنترسبت"، رفضت شركة "أمازون" الرد على أسئلة الموقع حول طبيعة تعاونها مع المؤسسات الإسرائيلية، واكتفت ببيان عام أكدت فيه أن خدماتها السحابية تُقدَّم لعدد من الحكومات حول العالم "بما يتوافق مع القوانين المحلية والدولية"، دون التطرّق إلى تفاصيل مشروع "نيمبوس" أو الأبعاد العسكرية لاستخدام هذه التقنيات.

وتصاعد الجدل داخل "أمازون" بعد فصل المهندس الفلسطيني أحمد شحرور (29 عامًا)، إثر اعتراضه العلني على تعاون الشركة مع حكومة نتنياهو في إطار مشروع الحوسبة السحابية المعروف باسم "نيمبوس"، الذي يربط بين "أمازون" و"غوغل" لتزويد الاحتلال بخدمات سحابية تُستخدم في إدارة بياناتها العسكرية والأمنية.

وبحسب ما نقلته وكالة "بلومبيرغ"، برّرت إدارة "أمازون" قرارها بأن شحرور خرق سياسات الشركة الداخلية وشارك في أنشطة "تهدف إلى تهديد زملائه في العمل والتدخّل في شؤون الإدارة العليا"، وفق تعبيرها، وأضافت أن التحقيقات التي أجرتها الشركة "أثبتت وجود مخالفات"، ما أدّى إلى فصله قبل نحو شهر.

لكن شحرور نفى هذه الاتهامات في تصريحات سابقة، مؤكدًا أنه كان ينوي الاستقالة طوعًا احتجاجًا على تورّط "أمازون" في دعم الجيش الإسرائيلي، وأنه لم يهدّد أو يعتدِ على أي شخص داخل الشركة، مشيرًا إلى امتلاكه أدلة مصوّرة تثبت ذلك، وكان شحرور قد وزّع داخل مقر الشركة في سياتل منشورات تنتقد تعاون "أمازون" مع إسرائيل، كما استخدم منصّات التواصل الداخلية مثل Slack لنشر آرائه بين الموظفين، معتبرًا أن مشروع "نيمبوس" يجعل من "أمازون شريكًا مباشرًا في الجرائم التي تُرتكب ضد المدنيين في غزة".


اظهار أخبار متعلقة


وواجهت كلٌّ من "أمازون" و"غوغل" خلال الأشهر الماضية مظاهرات واسعة من موظفيهما تطالب بإنهاء التعاون مع إسرائيل في مشروع "نيمبوس"، الذي يتيح للحكومة الإسرائيلية الوصول إلى أنظمة حوسبة متطورة لتحليل البيانات وتطوير قدراتها الأمنية والعسكرية.

ويُذكر أن المشروع الذي تبلغ قيمته نحو 1.2 مليار دولار بدأ تنفيذه عام 2021، ويُعدّ أحد أبرز الأمثلة على تغلغل الشركات التكنولوجية الأميركية في المنظومة العسكرية الإسرائيلية، ما يثير انتقادات متزايدة من جماعات حقوقية تتهم هذه الشركات بـ"المساهمة في تمكين آلة الحرب الإسرائيلية".
التعليقات (0)

خبر عاجل