في مذكرات نُشرت لها بعد وفاتها، تتهم
فيرجينيا جيوفري دوق يورك بأنه كان متعجرفاً وكأنه يعتقد أن (ممارسة الجنس) معها كانت من حقوقه الطبيعية بحكم مولده وفقاً لمقتطفات نشرتها
صحيفة الغارديان البريطانية.
الكتاب، الذي يحمل عنوان "فتاة لا تخصّ أحداً" (Nobody's Girl)، كتبته جيوفري - وهي أبرز من اتهم جيفري إبستين المدان بجرائم جنسية - ومن المقرر صدوره الأسبوع المقبل، بعد نحو ستة أشهر من إقدامها على الانتحار، ويتناول الكتاب، الذي تصف فيه إبستين بأنه "سيّد في التلاعب النفسي"، ثلاث مناسبات تزعم فيها أن الأمير أندرو أقام علاقات جنسية معها، من بينها في منزل غيلين ماكسويل في لندن، وتُعدّ هذه القضية مصدر إحراج إضافي للأمير أندرو الذي توصّل إلى تسوية مالية مع جيوفري عام 2022، وظلّ على الدوام ينفي ارتكابه أيّ فعل خاطئ.
"ضحية الاتجار بالجنس"
وفي نيسان/أبريل الماضي، انتحرت جيوفري، التي اتهمت الأمير أندرو وجيفري إبستين بالاعتداء عليها جنسياً، عن عمر يناهز 41 عاما، حسب عائلتها، ولطالما تحدثت جيوفري مرارا عن المُدانين بارتكاب جرائم جنسية جيفري إبستين وصديقته السابقة غيلين ماكسويل، وزعمت أنهما قاما بالاتجار بها إلى دوق يورك، الأمير أندرو، عندما كانت تبلغ 17 عاماً، وهو ما نفاه الأمير بشدة، وقالت عائلتها إن جيوفري كانت "محاربة شرسة في المعركة ضد الاعتداء الجنسي"، وإن "وطأة الاعتداءات أصبحت لا تطاق"ـ مؤكدين أنها انتحرت بعدما كانت طوال حياتها ضحية الاعتداءات الجنسية والاتجار بالجنس.
اظهار أخبار متعلقة
جيوفري التي التقت جيفري إبستين من خلال غيلين ماكسويل، زعمت أنها كانت واحدة من بين العديد من الفتيات والنساء الشابات الهشّات اللواتي استغلهنّ إبستين وشبكته الثرية جنسياً، ويقال إن من بين أصدقاء إبستين النافذين كان الأمير أندرو، إذ تروي جيوفري في المقتطف الذي نشرته صحيفة الغارديان تفاصيل لقائها به في لندن في آذار/مارس 2001، عندما كانت في السابعة عشرة من عمرها.
وتقول جيوفري إن ذلك اليوم بدأ عندما أيقظتها غيلين ماكسويل قائلة: "اليوم سيكون يوماً مميزاً، تماماً مثل سندريلا، ستقابلين أميراً وسيماً!"، وعندما وصل أندرو في وقت لاحق، تزعم جيوفري أن ماكسويل طلبت منه تخمين عمرها، وكتبت جيوفري في مذكّراتها: "كان دوق يورك، البالغ حينها 41 عاماً، دقيقاً في تخمينه: 17. قال لي: 'ابنتاي تصغرانك قليلاً فقط'، مفسّراً بذلك دقّته. وكعادتها، سارعت ماكسويل إلى إطلاق نكتة: 'يبدو أننا سنضطر إلى استبدالها قريباً"، وأضافت جيوفري أنها، مثل إبستين، كانت تناديه باسم "آندي".
ويكشف الكتاب أيضاً أن جيوفري كانت تتناول مهدّئات لتتمكّن من التأقلم مع حياتها أثناء عملها لدى إبستين، وتقول: "أحياناً، عندما كنت أجد صعوبة شديدة في التحمل، كنت أتناول ما يصل إلى ثماني حبوب زاناكس في اليوم"، كما شرحت سبب عدم مغادرتها "وكر إبستين حتى بعد أن عرفنا ما الذي كان يريده منا"، قائلةً: "كيف يمكنك أن تشتكي من التعرض للإساءة، كما سأل بعضهم، عندما يمكنك ببساطة أن تبتعدي؟ لكن هذا السؤال يتجاهل ما مرّت به كثيرات منا قبل لقائنا بإبستين، ويتجاهل أيضاً مهارته في اكتشاف الفتيات اللواتي جعلتهنّ جراحهنّ السابقة هشّات وسهلات الاستغلال".
"تسوية خارج المحكمة"
وبعدما تركت إبستين، استقرّت جيوفري في أستراليا، حيث عاشت مع زوجها وأطفالها الثلاثة، قبل أن تنهي حياتها انتحاراً عن عمر ناهز 41 عاماً، كما انتحر إبستين في سجنه في نيويورك أثناء انتظار محاكمته، بينما حُكم على غيلين ماكسويل بالسجن بتهم تتعلّق بالاتجار الجنسي.
أما الأمير أندرو، كان قد توصّل إلى إفلات الرجال الأقوياء من العقاب مع جيوفري بعدما رفعت دعوى مدنية ضده، وقد أنكر على الدوام جميع الاتهامات الموجّهة إليه، وهو ينفي روايات جيوفري بشأن العلاقات المزعومة في المواقع الثلاثة، إذ قال: "أستطيع أن أؤكد بشكل قاطع أنها لم تحدث أبداً".
ومع ذلك، واجه الأمير أندرو تساؤلات حول بعض الجوانب في روايته الخاصة، إذ قال إنه قطع جميع علاقاته بإبستين بعد لقائه به في نيويورك في كانون الأول/ديسمبر 2010، لكن لاحقاً ظهرت رسالة إلكترونية مؤرَّخة في شباط/فبراير/2011 تُظهر أنهما ما زالا على تواصل، متضمنةً عبارة: "سنلعب معاً مجدداً قريباً".
إفلات الرجال الأقوياء من العقاب
وعقب صدور مقتطفات من الكتاب، قال خبراء بريطانيون إن قصة فرجينيا جيوفري عن الإساءة تكشف عن إفلات الرجال الأقوياء من العقاب، وتؤكد ناشطات في مجال حقوق المرأة إن مقتطفات من كتاب تكشف عن "شبكة امتياز" تحمي جيفري إبستين وسط ثقافة كراهية النساء الأوسع نطاقًا
وقالت ناشطات في مجال حقوق المرأة إن الفضائح الأخيرة التي كشفتها فرجينيا جيوفري هي "مرآة تعكس نظامًا" لا يزال يمكّن الرجال الأقوياء من استمالة النساء وإساءة معاملتهن واستغلالهن دون عقاب.
اظهار أخبار متعلقة
ووصفت شارلوت براودمان، المحامية والناشطة في مجال حقوق المرأة، المذكرات بأنها "رواية شخصية عن إساءة لا يمكن تصورها" فضلاً عن كونها "مرآة لنظام لا يزال يسمح للرجال الأقوياء باستغلال الفتيات والنساء دون عقاب"، وتوافق ماجس ليسياك، عالمة الإجرام بجامعة كامبريدج التي تبحث في العنف القائم على النوع الاجتماعي، على أن المذكرات تؤكد على أن "الاستغلال الجنسي ليس انحرافًا فرديًا - بل هو نظام"، وقالت: "لا يبدأ الاستمالة بالعنف، بل بالإطراء، والفرصة، والجاذبية، والوصول"، مشيرةً إلى أنه على الرغم من التشكيك العام في افتقار جيوفري للقدرة على التأثير، فإن بحثها يُظهر أن الاعتماد النفسي ينشأ قبل وقوع العنف بوقت طويل.
أما أندريا سيمون، مديرة تحالف إنهاء العنف ضد المرأة ، فقالت إن المذكرات تسلط الضوء على الطرق التي "يتمكن بها الجناة ذوو السلطة والثروة والمكانة من إسكات ضحايا العنف الجنسي من خلال تسليح القانون", وأضافت: "هذا الاستحقاق متجذر في عدم المساواة بين الجنسين وما ينتج عنه من سلطة وسيطرة. وما لم نعالج عدم المساواة، فلن نعالج الأسباب الجذرية للعنف ضد النساء والفتيات".