ملفات وتقارير

ماذا حقق "نواب تشرين" في البرلمان العراقي بعد 6 سنوات من الحراك؟

حصلت القوى السياسية المنبثقة عن الحراك على 20 مقعدا في برلمان العراق- جيتي
حصلت القوى السياسية المنبثقة عن الحراك على 20 مقعدا في برلمان العراق- جيتي
مع حلول الذكرى السادسة لحراك تشرين الأول/ أكتوبر 2019، برزت تساؤلات عدة عن مدى نجاح القوى السياسية المنبثقة عنه، والتي شاركت في الانتخابات البرلمانية عام 2021، رافعة مطلب المحتجين شعارا لها، وحققت فوزا بنحو 20 مقعدا من مجموع 329.

الاحتجاجات التي شهدها العراق في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، تعد أكبر حراك شعبي في البلاد منذ الغزو الأمريكي عام 2003، وقتل فيها 800 متظاهر وأصيب 28 ألفا آخرون، وعلى إثرها استقالت الحكومة العراقية برئاسة عادل عبد المهدي.

ورفع المحتجون في حينها مطالب كثيرة، كان من أبرزها محاكمة الطبقة السياسية الحاكمة للبلاد منذ عام 2003، وإنهاء الهيمنة الخارجية على البلد، والقضاء على الفساد المالي، ومعالجة البطالة وانعدام الخدمات، والمحاصصة السياسية والحزبية في الدولة.

في عام 2021، جرت أول انتخابات برلمانية، والتي أحدثت انقساما حادا بين قادة الحراك في وسط وجنوب العراق، ففي الوقت الذي قاطعت فيه شريحة واسعة منهم العملية الانتخابية، فإن البعض منهم قرر المشاركة والتغيير من الداخل، وتعهد بمحاكمة قتلة المتظاهرين.

"خذلان الشارع"
وبخصوص مدى نجاح "قوى تشرين" النيابية في تحقيق مطالب المحتجين، قالت الناشطة المدنية أميرة الجابر، إن "عمر الحكومة الحالية أوشك على الانتهاء، لكن النواب الذين صعدوا إلى قبة البرلمان في الدورة الحالية تحت عنوان التغيير، خذلوا الشارع العراقي بشكل كبير".

وأضافت الجابر لـ"عربي21" أنه "كان متوقعا من بعض هذه القوى، أنهم لن يحدثوا تغييرا لأنهم كانوا بلا أجندة أو برامج سياسية واضحة، إضافة إلى أن الوقت أيضا لم يسعفهم لتكوين هويتهم السياسية للولوج إلى العمل السياسي في العراق بالشكل المطلوب".

وأرجعت الناشطة ذلك أيضا إلى "الفقر السياسي والفكري لهذه القوى، إضافة إلى المطامح الشخصية التي أدت بهم إلى اختزال الاحتجاجات الشعبية في 2019 بشخوصهم، ولم يتم الاستفادة من تمثيل الحراك عبر وجود هذه القوى في البرلمان العراقي".

اظهار أخبار متعلقة



ولفتت إلى أن "هذه الشخصيات اختزلت نفسها ببرامج سياسية بعيدة عن فكرة التغيير، ولم يكونوا من أصحاب الثوابت المحددة، لأن البعض منهم جرى شراؤه بمبالغ زهيدة".

وفي المقابل، ترى الجابر أنه "لا يمكن إلقاء اللوم كله على هذه الجهات التي لم تنفذ شيئا من مطالب تشرين، لأن قانون تنظيم عمل الأحزاب لم يتم تفعيله في العراق، لذلك ثمة سطوة كبيرة للسلاح المنفلت، والذي يؤثر كثيرا على أي صوت يعارض الحكومة".

وتمنت الناشطة على "القوى الجديدة التي قررت المشاركة في الانتخابات المقبلة تحت عنوان تشرين، أن تكون لها فرصة في العمل السياسي والبرلماني، لأنه مجرد الدخول في عملية (شبه ديمقراطية)، يُعد فرصة للتغيير، لكن التغيير المنشود لا يتحقق إلا على المدى البعيد".

وأكدت الجابر أن "مرحلة الخذلان التي عانيناها من الدورة الانتخابية الحالية، ولدت ردة فعل سيئة جدا لدى الشارع العراقي الذي تغلب عليه العاطفة، إضافة إلى الأمزجة السياسية المتعددة التي جعلته يشعر بأنه لا مجال للتغير مع هذه القوى".

وشددت الناشطة على ضرورة أن "يكون للقوى الجديدة برنامج سياسي حقيقي يتبنى مواجهة السلطة والبطش والديكتاتورية والفصائل والأحزاب السياسية المتشددة، لأن هذا النوع لم يظهر حتى الآن".

وخلصت إلى أنه "لا يوجد حاليا برنامج حقيقي يمكن أن ينقذ العراق من المأزق السياسي الذي يقع تحت تأثيره، خصوصا أن البعض يؤمن بأن تمتد أيادي خارجية تخرج البلد من أزمته، وهذا هو الشتات بحد ذاته، الذي يجعل العراقي غير متفائل في العملية الانتخابية المقبلة".

ذوبان لافت
وعلى الصعيد ذاته، قال المحلل السياسي العراقي، أمير الدعمي، إن "تشرين هي صرخة وطن في ظرف كان يعيش فيه العراق حالة تصدع كبيرة جدا، بالتالي دونت هذه الثورة نفسها كما فعلت من قبل ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني عام 1920، والتي انتهت بطردهم".

وأضاف الدعمي لـ"عربي21" أن "تشرين كانت فكرة والفكرة لا تموت، لكن من تسلق على أكتاف وجماجم هذه المحتجين للوصول إلى قبة البرلمان، فهم كانون مستغلين للثورة لكنهم لا يمثلونها، ونتيجة ذلك ذابوا في الأحزاب التي كانوا يدعون بأنها فاسدة، وأنهم اليوم أصبحوا جزءا منها".

ورأى الخبير العراقي أن "من رشح للانتخابات المقبلة تحت عناوين ترتبط بحراك تشرين، لا يختلفون عمن وصل سابقا إلى قبة البرلمان في الانتخابات الماضية، بالتالي هم يريدون الصول للسلطة أيضا، لكنهم لا يمثلون فكرة تشرين التي كانت تنادي بوطن والاستقلال السياسي بعيدا عن التأثير الخارجي شرقا وغربا".

وخلص الدعمي إلى أن "من يؤمن بهذه الثورة لا يشترك مع الأحزاب الموجودة الآن في السلطة، وأن البديل هو أن تبقى تشرين في ذاكرة العراقيين، وأن يعي السياسيون ويعيدوا بالذاكرة أن هذه الثورة صوت يذكرهم دائما بوجوب العودة إلى رشدهم، لذلك يجب أن تكبر تشرين وتبقى حاضرة".

اظهار أخبار متعلقة



وفي الانتخابات البرلمانية العراقية السابقة التي جرت عام 2021، حققت قوى حراك تشرين وشخصيات مستقلة محسوبة عليها وأخرى قريبة منها نحو 70 مقعدا، لكنها لم تتمكن من تشكيل كتلة موحدة، وإنما تفرقت بين القوى والأحزاب الرئيسة التي تحكم البلاد.

وانتهى المطاف ببعض الشخصيات النيابية المحسوبة على تشرين، بالترشيح في قوائم انتخابية تابعة للإطار التنسيقي الحاكم، ولاسيما ضمن ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، وائتلاف "الإعمار والتنمية" برئاسة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وتحالف "الأساس العراقي" بقيادة نائب رئيس البرلمان محسن المندلاوي.

على الجهة المقابلة، انضوى نواب وشخصيات من حراك تشرين ضمن تحالف "البديل" بزعامة النائب والمكلف السابق برئاسة الحكومة العراقية، عدنان الزرفي، من أبرزهم البرلماني الحالي، سجاد سالم المناوئ للفصائل المسلحة، وحسين الغرابي أمين عام حزب "البيت الوطني".

وخلال تصريح سابق، أعلن الغرابي، أن عدنان الزرفي هو مرشح تحالف "البديل" لرئاسة الحكومة العراقية المقبلة، مشددا في الوقت ذاته على أنه "لا يمكن القياس على التجربة السياسية الأولى لقوى تشرين"، في إشارة إلى إخفاقها في تحقيق مطالب المحتجين.
التعليقات (0)

خبر عاجل