سياسة دولية

"ألف دولار تهزم الملايين".. كيف تهدد المسيرات عرش الأسلحة الأمريكية؟

المحللون يرون أن هذا التحول في الحروب لا رجعة فيه - الأناضول
المحللون يرون أن هذا التحول في الحروب لا رجعة فيه - الأناضول
يجد الجيش الأمريكي نفسه أمام تحدٍ غير مسبوق يتمثل في التأخر عن منافسيه في ميدان الطائرات المسيرة، رغم مكانته كأقوى جيوش العالم وأكثرها تطورًا.

وبحسب تقرير لشبكة "سي إن إن" فإن المسيرات أحدثت ثورة في الحرب الأوكرانية، لا يزال الجنود الأمريكيون يتدربون على تقنيات يُنظر إليها اليوم باعتبارها السلاح الحاسم في أي صراع قادم.

كشف التقرير أن قاعدة "فورت بليس" بولاية تكساس، خضع جنودها الشهر الماضي لتجارب عملية على تشغيل طائرات صغيرة رباعية المراوح، شبيهة بتلك التي غيّرت مسار المعارك في أوكرانيا، وهذه الطائرات، التي لا تتجاوز تكلفتها ألف دولار، قادرة على تدمير دبابات قيمتها ملايين، وهو ما يبرز التغيير الجذري في معادلة القوة العسكرية.

وأضافت الشبكة أنها رغم امتلاك الولايات المتحدة ترسانة ضخمة من المقاتلات والدبابات والصواريخ الدقيقة، إلا أنها تعاني من بطء في تصنيع الطائرات المسيّرة منخفضة الكلفة وبكميات كبيرة، بسبب قيود أمنية تمنع استخدام المكونات الصينية وارتفاع كلفة البدائل المحلية.

اظهار أخبار متعلقة


وفتح هذا النقص الباب أمام أوكرانيا لتقديم نفسها شريكا في الإنتاج، حيث عرض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الشهر الماضي على نظيره الأمريكي صفقة بقيمة 50 مليار دولار لتصنيع ملايين الطائرات المسيرة سنويًا بالشراكة مع واشنطن، مؤكدًا أن خبرة بلاده في هذا المجال باتت تفوق كثيرًا من حلفائها.

وأضاف التقرير أن مسؤولون عسكريون أمريكيون اعترفوا أن المسيرات أصبحت "مشكلة اليوم لا الغد"، وقال الجنرال كيرت تايلور، قائد الفرقة المدرعة الأولى: "المعركة الأولى في الحرب القادمة ستتضمن استخدامًا غير مسبوق للطائرات بدون طيار"، ولهذا، وجه وزير الدفاع بيت هيغسيث مذكرة إلى الجيش في تموز/ يوليو تلزم بتسريع دمج الطائرات المسيرة في جميع التدريبات والعمليات، على أن يمتلك كل جندي بحلول عام 2026 طائرته الخاصة كما يمتلك بندقيته أو نظارات الرؤية الليلية.

ومن ناحية أخرى اثبت التجربة الأوكرانية أن نحو 80 بالمئة من النجاحات العسكرية ضد روسيا تحققت بفضل المسيرات، ما جعل كييف تعرف بأنها "المختبر الأكبر" لتطوير هذه التكنولوجيا، وقد جذبت خبرتها شركات أمريكية ناشئة مثل "نيروس" و"أندوريل" التي سارعت لإبرام صفقات مع الحكومة الأوكرانية بعد أن أثبتت الطائرات المصنعة محليًا تفوقها على بعض النماذج الغربية.

لكن في المقابل، لا تزال الصناعة الدفاعية الأمريكية متأخرة، فبينما تهدف مبادرة البنتاغون "ريبليكاتور" إلى تصنيع ثلاثة آلاف طائرة مسيرة فقط خلال عامين، تنتج الشركات الأوكرانية ملايين الوحدات سنويًا، في وقت تُهيمن فيه الصين على السوق العالمي عبر إنتاج عشرات الملايين من الطائرات الاستهلاكية والعسكرية.

واختتم التقرير أن المحللون يرون أن هذا التحول في الحروب لا رجعة فيه، حيث لم تعد المسيرات مجرد أداة مساندة، بل أصبحت جزءًا من الاستراتيجية القتالية الأساسية، سواء في الاستطلاع أو الهجوم أو الإمداد. ويحذر الخبراء من أن بقاء الولايات المتحدة خلف ركب هذه الثورة التكنولوجية قد يضعها في مواجهة خصوم أكثر مرونة وسرعة في المستقبل.
التعليقات (0)