تتواصل الاستعدادات في
تونس لإطلاق أسطول الصمود العالمي نحو قطاع
غزة، في أضخم محاولة بحرية لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، وسط أجواء احتفالية وحماس متصاعد بين الناشطين المشاركين.
وانطلقت مساء أمس الجمعة أولى السفن المغاربية من ميناء سيدي بوسعيد باتجاه ميناء بنزرت شمالي تونس، لتكون نقطة التقاء لجميع السفن المشاركة قبل الإبحار نحو غزة، وفق ما أعلن أسطول الصمود المغاربي في بيان نشر على صفحته الرسمية على "فيسبوك".
وأكد الناشطون أن الأسطول المغاربي يضم 23 سفينة ستنطلق تباعًا من مينائي سيدي بوسعيد وقمرت إلى ميناء بنزرت، لتلتحق بالأسطول العالمي، الذي يضم مئات المشاركين من 47 دولة عربية وغربية، بينهم سياسيون وفنانون وبرلمانيون، في ما يعد أول تحرك بهذا الحجم نحو غزة.
أجواء احتفالية ورفع الأعلام الفلسطينية
شهدت لحظة مغادرة السفينة الأولى أجواء احتفالية مميزة، حيث أُطلقت الألعاب النارية ورفعت الأعلام الفلسطينية جنبًا إلى جنب مع التونسية، فيما ردد مئات الشبان أغاني وطنية حماسية وهتافات داعمة لغزة مثل: "فلسطين حرة من النهر إلى البحر" و"يا غزتنا شدي الحيل".
من جانبه، وجه الناشط السياسي التونسي وسام الصغير رسالة للرأي العام العالمي، مؤكدًا على ضرورة متابعة تطورات الأحداث في غزة وعدم الاكتفاء بالتركيز على الأسطول فقط، داعيًا "كل الأحرار في العالم" للضغط على الاحتلال الإسرائيلي وحكوماتها الداعمة لوقف الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين.
تجهيزات ومشاركون من مختلف الجنسيات
عقد أعضاء الهيئة التسييرية لأسطول الصمود المغاربي، غسان الهنشيري ونبيل الشنوفي، مؤتمراً صحفياً بميناء سيدي بوسعيد، وأوضحا أن السفن المغاربية الـ23 ستنطلق إلى بنزرت للانضمام إلى السفن الأوروبية، قبل الإبحار نحو غزة، بمشاركة 72 تونسياً بينهم أطباء وصحفيون ودكاترة، إضافة إلى مشاركين من ليبيا والجزائر وموريتانيا والمغرب والكويت والبحرين.
وأشار الشنوفي إلى أنه "جرى توفير التسهيلات اللازمة من السلطات التونسية للسفن الأوروبية"، لكنه لمح إلى وجود "عراقيل غير مفهومة تعيق الانطلاق"، دون تقديم تفاصيل إضافية. ومن المنتظر أن تنطلق كل السفن السبت نحو غزة بعد استكمال الإجراءات والتجهيزات.
اظهار أخبار متعلقة
الأمم المتحدة تطالب بالتحقيق في الهجمات
وفي سياق آخر٬ دعت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان السلطات التونسية إلى فتح تحقيق مستقل حول الهجمات بالطائرات المسيرة التي استهدفت سفن أسطول الصمود العالمي.
وقال المتحدث باسم المفوضية، ثمين الخيطان، في بيان مساء أمس الجمعة، إن "على السلطات التونسية إجراء تحقيق مستقل في الهجمات على السفن المدنية غير المسلحة في المياه الإقليمية التونسية خلال يومي 8 و9 أيلول/سبتمبر الجاري، وضمان محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات".
وأضاف الخيطان أن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، المدعوم من الأمم المتحدة، أعلن عن مجاعة في غزة، مشددًا على أن "إسرائيل مطالبة بتنفيذ التزاماتها القانونية على الفور، بما في ذلك التدابير المؤقتة التي أمرت بها محكمة العدل الدولية، لضمان وصول مساعدات كافية للفلسطينيين وحرية تنقل العاملين في المجال الإنساني".
وكان أسطول الصمود قد أعلن مساء الاثنين الماضي٬ تعرض إحدى سفنه لمسيرة إسرائيلية بميناء سيدي بوسعيد، إلا أن وزارة الداخلية التونسية نفت هذا الادعاء، مؤكدة أنها قامت بمعاينة آثار حريق محدود في إحدى سترات النجاة، تمت السيطرة عليه سريعًا دون تسجيل أي أضرار أو إصابات.
الإبحار من أجل رفع الحصار
يأتي تحرك أسطول الصمود العالمي بعد انطلاق قوافل من ميناء برشلونة الإسباني وجنوى الإيطالي، ووصولها إلى سواحل تونس تمهيدًا للتوجه نحو غزة لكسر الحصار وفتح ممر إنساني لإيصال المساعدات للفلسطينيين المجوعين.
ويأتي الأسطول في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي، بدعم أمريكي، في ممارسة إبادة جماعية في غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، شملت القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، خلفت 64 ألفًا و756 شهيدا و164 ألفًا و59 جريحًا، معظمهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح 413 فلسطينيًا بينهم 143 طفلًا حتى أمس الجمعة.
ومنذ 2 آذار/مارس الماضي، يغلق الاحتلال الإسرائيلي جميع المعابر المؤدية إلى غزة، ما أدخل القطاع في أزمة إنسانية خانقة رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده، مع إدخال كميات محدودة لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات السكان، في حين يتم استهداف بعض مواقع توزيع المساعدات من قبل القوات الإسرائيلية، ما أسفر عن سقوط آلاف بين شهيد وجريح.
يمثل أسطول الصمود العالمي خطوة غير مسبوقة لكسر الحصار البحري عن غزة، وسط تحديات لوجستية وأمنية، وهو يحمل رسالة قوية للمجتمع الدولي بضرورة التحرك العاجل لإنقاذ المدنيين في القطاع، وتوفير ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية.