مقالات مختارة

20 دقيقة تحذير تُخيف "إسرائيل"

محمد سليم قلالة
حساب الحملة- أرشيفية
حساب الحملة- أرشيفية
تحذير النقابات الأوروبية من جنوة الإيطالية أول أمس بالقول: “إذا انقطع الاتصال مع الأسطول لمدة 20 دقيقة فقط، فإنَّهم سَيَقفون في وجه أي شحنات إسرائيلية”، ليس بالهيِّن مقارنة بما للاتحاد الأوروبي من علاقات مع الكيان لاسيما أنه صادرٌ عن ممثلين للنقابة العمالية USB (Union Sindacale di Base) بميناء جنوة الإيطالي، ومن بين ما تضمنه هذا التحذير تصريح النقابيين بأن “أوروبا ستُغلَق بأكملها إذا فُقِد الاتصال مع الأسطول أو تم التدخل فيه”، وإضافتهم أنه في حال جرى اعتراض الأسطول أو تعرَّض لأي عرقلة تُعرِّض المشاركين للخطر، فإنهم لن يسمحوا بمرور حتى “مسمار واحد” إلى “إسرائيل”…

والأمر هنا يتعلق بالنقابات الأوروبية وليس بٍالحكومات التي يُمكِن التأثير عليها ومُساومتها، وهذه النقابات تجد الدعم الكامل من شعوبها من خلال المظاهرات الكبيرة التي تَحشد الآلافَ أسبوعيًّا في مختلف المدن الأوروبية، مِمَّا يعني أن الأمر قد يتحقق بالفعل، ويجري خنق الكيان الصهيوني بالكامل بعد أن بدأ المهمة جنوبا عبر البحر الأحمر اليمنيون حتى بات ميناء إيلات البحري خاليا على عروشه.

وإذا علمنا أن 99% من واردات الكيان الصهيوني تعتمد على البحر، وأنه في ظل تنفيذ الحصار جنوبا وشمالا، فسيكون لقرار عمال الشحن البحري الأوروبيين الأثرُ البالغ ليس فقط على الاقتصاد الإسرائيلي، بل على الحياة العامة داخل الكيان. وبهذا الصدد تشير التقارير الإعلامية إلى أن قطاعات الطاقة والغذاء والدواء والصناعة ستكون الأكثر تأثرا في حالة تنفيذ الحصار الأوروبي.

أما إذا افترضنا أن هذا الحصار يدوم لوقت أطول فإنّ تداعيات خطيرة سيشهدها الكيان على كافة المستويات. وتكفي استجابة ثُلث الموانئ البحرية الأوروبية فقط لهذا النداء ليتحقق هذا، إذ سترتفع فورا كلفة الشحن والتأمين وتتأخر آجال التسليم لأسابيع مما سيرفع الأسعار الداخلية إلى غاية 25%.

وإذا علمنا أن الكيان الصهيوني يعتمد على أوروبا في تلبية حاجاته باعتباره الشريك الأول بما قيمته 46 مليار يورو (2023) منها 29 مليار يورو واردات. وتبلغ نسبة الاعتماد في مجال التكنولوجيا والمعدات الصناعية 40%، والطاقة والمواد الخام 35%، والأدوية والمستلزمات الطبية 30%، المنتجات الغذائية المُصنَّعة 30%، كما يعتمد الكيان في بعض المكوِّنات الالكترونية الدقيقة التي تدخل في صناعات الدفاع على كل من ألمانيا وهولندا وفرنسا… فهذا يعني أن تأثير قرار النقابات بغلق أوروبا بأكملها إذا ما حدث سيكون متغيرا جديدا لم يكن متوقعا وسيكون كبير التأثير، خاصة في حال استمراره مدة طويلة.

ولعل هذا ما يجعل تهديدات الإرهابي بن غفير التي قال فيها إنه سيفتح فيها سجون “كتسعيوت” و”دامون” للمشاركين في الأسطول ومعاملتهم كإرهابيين مثيرة للسخرية، كما سيُسفِّه تصريحات نتن ياهو بأن هذا الأسطول هو “هجمة دعائية مؤيدة لحماس”، ذلك أن الداعمين لغزة اليوم ليسوا من العالم الثالث أو من الدول الفقيرة، هؤلاء لديهم قدرة على التأثير في اقتصادات بلدانهم ويستندون إلى دعم شعبي وإلى مبدأ حرية العمل النقابي ولا مجال لتهديدهم أو تخويفهم، وعندما يقولون 20 دقيقة فهي 20 دقيقة ولا مجال للشك في ذلك.

يبقى فقط أن لا تخذلنا بعض الموانئ العربية، وبعض الخطوط البرية في حالة تنفيذ النقابات الأوروبية تحذيرها، وتعرِض خدماتها على الاقتصاد الصهيوني… عندها لن يبقى لدى العالم شك أنه إذا كان الفلسطينيون يستحقّون الدعم لعدالة قضيتهم فلا مجال للحديث عن وجود قوم أشقّاء لهم اسمهم العرب!

الشروق الجزائرية

التعليقات (0)

خبر عاجل