أحيت
فيتنام الثلاثاء
الذكرى الثمانين لاستقلالها عن الاستعمار الفرنسي بمسيرة استعراضية هي الأكبر في
تاريخها تشيد بصمودها في وجه التحدّيات من دون أي إشارة إلى أعداء الماضي.
أحيت فيتنام الذكرى
الثمانين لاستقلالها على الاستعمار الفرنسي، باحتفالية استعراضية هي الأكبر في
تاريخها، للإشادة بصمود الشعب في وجه واحدة من أسوأ الاحتلالات التي مرت عليها.
وشارك 40 ألف عسكري
ومدني، وقطع عسكرية من مختلف الأسلحة في الجيش، وسلاح الجو، في الاستعراض الاحتفالي
الكبير، وافترش الفتيناميون الشوارع، للحصول على أقرب مسافة من العرض العسكري.
احتفاء بانتصار أمتهم.
اظهار أخبار متعلقة
ولم تنسحب القوات
الفرنسية فعليا من فيتنام، سوى بعد إعلان هزيمتها في أيار/مايو عام 1954.
لكن فيتنام بسبب موقعها
الجغرافي، وثروتها كان على مدار التاريخ، نقطة للكثير من الطامعين بالسيطرة عليها،
ولم يكن الفرنسيون أول ما أقدم على غزوها، وانتهى الحال بهم مع هزيمة بفعل
مقاومة
شعبية ضارية.
ونستعرض في التقرير
التالي، جانبها من الاحتلالات التي تعاقبت على فيتنام، والتي انتهت بهزائم نكراء،
كان آخرها للأمريكيين، في حرب العصابات والأنفاق التي كبدت الجيش الأمريكيين خسائر
فادحة.
الاحتلال الصيني الأول
بدأت علاقة فيتنام
بالاحتلال الخارجي منذ سنة 111 قبل الميلاد عندما ضمّت أسرة هان الصينية أراضيها
إلى الإمبراطورية.
وخضعت فيتنام لألف سنة
من التبعية الصينية، تخللتها محاولات للاستقلال مثل ثورة الأخوات ترونغ في القرن
الأول الميلادي ومحاولة الأميرة تريو في القرن الثالث.
أن أطول فترة
استقلال
نسبي كانت ما بين 544 و602 ميلادية خلال حكم أسرة لي الأولى، وفي عام 938 قاد
القائد نغو كوين انتفاضة كبرى وهزم القوات الصينية في معركة نهر باتش دانغ،
لتستعيد فيتنام استقلالها بعد عشرة قرون من الهيمنة.
وبعد الاستقلال أعاد
الفيتناميون تسمية بلادهم إلى "داي فييت" أي "فييت العظمى"،
وعاشت مرحلة ازدهار خلال حكم أسرتي لي وتران.
وتمكنت فيتنام من صد ثلاث محاولات غزو مغولية في
القرن الثالث عشر، على الرغم من شراسة المغول وقوتهم، لكن الفتيناميين حققوا
إنجازا عسكريا بارزا في تلك الحقبة التاريخية، وتمكنوا من هزيمة جيوش المغول
الجرارة، وفي تلك الفترة انتشرت الديانة البوذية بصورة واسعة في البلاد، وازدهرت
الحياة العمرانية والثقافية.
الغزو الصيني الثاني
وأسرة "لي"
عاد الصينيون لغزو
فيتنام في القرن الخامس عشر، عبر أسرة مينغ الصينية، لكن سرعان ما اندلعت الثورة
على الحكم الصيني، بقيادة لي ليو، وخاضوا معارك طاحنة مع الصينية، انتهت بتحرير
بلادهم، وتأسيس حكم أسرة لي الفيتنامية الثانية.
وأدى هذا الانتصار إلى
توسع حكم أسرة لي، ومساحة البلاد، عبر الإمبراطور، لي تانه يونغ، ما بين 1468-1497،
نحو الجنوب، وشنوا عملية أطلقوا عليها
"نام تيان"، من أجل السيطرة على أراضي مملكة تشامبا وأجزاء من الخمير.
حروب داخلية جلبت
الفرنسيين
بعد عقود من اتساع
رقعة فيتنام نشأت صراعات بين أسري لي وماك، على النفوذ في البلاد، ونشبت حروب أهلية
بين الطرفين، امتدت 4 عقود، ظهرت لوردات أسرة نجوين والذين استعانوا بالفرنسيين،
لإمدادهم بالسلاح والقدرات العسكرية، لهزيمة أسرة تاي سون وهو ما حدث بالفعل.
ومع اتساع استعمار
الفرنسيين في منطقة الهند الصينية الفرنسية، بدأت فرنسا سلسلة غزوات عسكرية منذ
عام 1859 انتهت بفرض سيطرتها الكاملة عام 1885 على المنطقة، لتصبح فيتنام جزءا من
مستعمرة الهند الصينية الفرنسية.
ومع فرض الفرنسيين نظامهم
الإداري والاقتصادي، وإطلاق يد المبشرين لتغيير ديانة الفيتناميين، انطلقت
المقاومة الشعبية لحكمهم، وقادها مثقفون وزعماء مثل فان بوي تشاوي وهوشي منه.
غزو ياباني
وتسببت الحرب العالمية
الثانية، في انهيار الوجود الفرنسي في فيتنام، بفعل سقوط حكومة فيشي، لتقدم
الإمبراطورية اليابانية على احتلال فيتنام، لاستغلال موارد البلاد لصالحها، وتسببت
اليابان في مجاعة مروعة بين 1944 و1945، لقي فيها مليونا فيتنامي مصرعهم.
وعلى إثر الاحتلال
الياباني والتنكيل بالفيتناميين، اندلعت المقاومة مجددا، وقاد هوشي منه حركة فيت
ميت، والتي رفعت شعار التخلص من اليابانيين والاستقلال الوطني للشعب.
وعقب هزيمة اليابان
سنة 1945 أعلن هوشي منه استقلال فيتنام، لكن فرنسا حاولت استعادة سيطرتها، فاندلعت
حرب الهند الصينية الأولى عام 1946، ورغم التفوق العسكري الفرنسي، تكبدت باريس
خسائر جسيمة أبرزها في معركة ديان بيان فو عام 1954.
وأسفر مؤتمر جنيف في
العام نفسه عن إنهاء الاستعمار الفرنسي وتقسيم البلاد إلى فيتنام شمالية بزعامة
هوشي منه وجنوبية تحت حكم الإمبراطور باو داي.
مستنقع للأمريكان
تسبب التقسيم في دخول
الولايات المتحدة، لتحل مكان الفرنسيين في فيتنام الجنوبية، وتصبح المواجهة بين
المعسكرين الشيوعي والرأسمالي، حيث دعمت الصين فيتنام الشمالية، بينما الجنوبية
كانت تتلقى الدعم الأمريكي.
وتدحرجت الحرب في
فيتنام، مع الأمريكيين، بعد زج قواتهم على الأرض، ودخل الفتيناميون أصحاب الأرض في
حرب استنزاف طويلة، اعتمدت على الهجمات الصغيرة الخاطفة، والكمائن، وحرب الأنفاق
التي اشتهر فيها الفيتكونغ.
اظهار أخبار متعلقة
وساهمت الطبيعة والجغرافيا
الفيتنامية من غابات وبحيرات ومستنقعات، في توريط الأمريكيين بصورة أكبر في الحرب
وتكبد خسائر أمام أصحاب الأرض الذين عملوا بكل المتاح لجعل البقاء الأمريكي أمرا
مستحيلا.
ومع حلول آذار/مارس
1973، ومع تصاعد فاتورة الخسائر على الجيش الأمريكي، وزيادة الداخل والتظاهرات في
واشنطن لإنهاء الحرب في فيتنام، قررت أمريكا الانسحاب من هناك، والتخلي عن عملائها
في الجنوب الفيتنامي، وبعد عامين، دخلت قوات الفيتكونغ إلى العاصمة الفيتنامية
سايغون، لتنهي آخر احتلال مشهود حتى الآن لبلادها وتوحيد شطري البلاد، تحت حكم
الحزب الشيوعي.