صحافة إسرائيلية

"دولة مجذومة".. مستشرق إسرائيلي يحذر من ازدياد عزلة الاحتلال السياسية

مواقف غربية متصاعدة تجاه جرائم الاحتلال في غزة- جيتي
مواقف غربية متصاعدة تجاه جرائم الاحتلال في غزة- جيتي
بصورة شبه يومية، بات الاسرائيليون يتحدثون عما يصفونه "التسونامي السياسي"، رغم أنه كان ممكناً التنبؤ به مُسبقًا، والأهم من ذلك، أنه لا يزال من الممكن تجنّب أضراره، مع أنه ليس ظاهرة طبيعية، بل نتيجة اختيار الجمود السياسي على المبادرة إليها، لأن الحكومة تأخذ بالدولة كلها إلى خيار الاستسلام للانجراف، في ظل الافتقاد لقيادة تُغيّر الواقع القائم.

وذكر البروفيسور إيلي بوديه، أستاذ الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية بالجامعة العبرية، أنه "في سبتمبر المقبل، ستحيي إسرائيل الذكرى الخامسة لتوقيع اتفاقيات إبراهيم التي مثّلت نقلة نوعية في جميع الجوانب المتعلقة باندماجه في المنطقة من منظور عسكري وسياسي واقتصادي، وسمح بانضمامه للقيادة الوسطى الأمريكية "سينتاكوم"، التي لعبت دورًا هامًا بحمايته من الهجمات الإيرانية".

وأضاف في مقال نشرته القناة 12، وترجمته "عربي21" أنه "بعد خمس سنوات من توقيع الاتفاقيات، تواجه إسرائيل تهديدات بالمقاطعة والنبذ من قبل العديد من دول العالم. وقد تصل عملية تحوّله لدولة مجذومة إلى ذروتها في سبتمبر، خلال الدورة السنوية للأمم المتحدة في نيويورك، حيث تهدد دول مختلفة بالاعتراف بدولة فلسطينية، وفرض سلسلة من العقوبات الاقتصادية عليه إذا لم تنتهِ حربه على غزة".

وأوضح بوديه وهو عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة "ميتافيم" للأمن الإقليمي، أن "الإعلام الإسرائيلي اعتمد مصطلح "تسونامي سياسي" لوصف حالة إسرائيل في العالم، التي اختارت عن وعي عدم الدخول في عملية سياسية، بل تبنّي سياسة أن ما لا ينجح بالقوة سينجح بمزيد منها، ومن المفارقات أن هجوم حماس الطوفان أدى لإحياء فكرة الدولة الفلسطينية، وبعد أن اعترفت 147 دولة بها قبل الحرب، فقد انضمت إليها أيرلندا والنرويج وإسبانيا وسلوفينيا وأرمينيا منذ اندلاعها، مع 11 دولة أخرى منها فرنسا وبريطانيا وأستراليا أعربت عن استعدادها للقيام بذلك في سبتمبر إذا لم تنتهِ الحرب".

وأكد أنه "قد ينظر الاسرائيليون للاعتراف بالدولة الفلسطينية على أنه مسألة هامشية ورمزية، إذ لا معنى له بدون اعتراف وموافقة إسرائيلية، لكن إذا اقترن بعقوبات، فستصبح إسرائيل دولة مجذومة، على غرار تايوان وجنوب إفريقيا في الماضي، وما نراه الآن أمام أعيننا قد يكون غيضًا من فيض، بعد أن حظي في بداية الحرب بدعم واسع نابع من صدمة عميقة جراء هجوم حماس، لكن استمرار الحرب، تغير الموقف تجاهه".

اظهار أخبار متعلقة



وأوضح أن "الصور القاسية من غزة، وحجم الخسائر، والأزمة الإنسانية، وطول أمد القتال، كل ذلك تسبب بتآكل حادّ لدولة إسرائيل حول العالم، بما فيها داخل الولايات المتحدة، الداعم الرئيسي له، وطوال الحرب، طُرحت العديد من خطط اليوم التالي، لكن نتنياهو رفضها جميعًا، رغم أن الحرب استنفدت أغراضها، كما أن الخوف الحقيقي على حياة الرهائن يتطلب قرارًا فوريًا، واليوم أُضيف الآن التسونامي السياسي لهذه العوامل".

وأضاف أن "هذا الانحراف السياسي طرح مسألة الدولة الفلسطينية، وزاد من المخاوف بشأن إلحاق ضرر جسيم بعلاقات إسرائيل الدبلوماسية مع دول المنطقة والعالم، وتتسع دائرة الاحتمالات، وتشمل العزلة السياسية، وتجميد اتفاقيات السلام والتطبيع، وتوسيع العقوبات الاقتصادية لتشمل الدولة بأكملها، بما فيها مستوطنات الضفة الغربية، وحظرًا على الأسلحة، والإضرار باتفاقيات التجارة".

وحذر أن "قرار احتلال مدينة غزة، إذا نُفذ بالفعل، ولم يُشكل مجرد تهديد في إطار المفاوضات، سيفاقم الانحراف الدبلوماسي، حيث أعلن المستشار الألماني حظرًا على مبيعات الأسلحة، وهي الدولة الأوروبية الأكثر ودًا للاحتلال، فمن السهل تخيّل ردود الفعل الأوروبية لاحقًا، رغم أن استمرار الحرب، واحتلال القطاع، لا يتعارض فقط مع موقف غالبية الجمهور الاسرائيلي، بل قد يُعرّض حياة الرهائن للخطر، ويزيد من الانحراف السياسي، ويجرّ الجيش للسيطرة العسكرية والاقتصادية والإدارية على القطاع، مع احتمال كبير للخسائر".
التعليقات (0)

خبر عاجل